الحاسة السادسة
عودة بلا شروط!!
رشان أوشي
“الثورة يدفع ثمنها الشرفاء.. ويجني ثمارها الانتهازيون”
أرنستو تشي جيفارا
في العام 2013م، في بهو نقابة الصحافيين المصريين، نظم اتحاد الصحافيين السودانيين بالقاهرة الذي انضممت إليه لفترة قصيرة ندوة سياسية ضخمة، تتحدث بحرقة عن الأوضاع السياسية في السودان، حضرها كل قادة المعارضة الموجودين في مصر على رأسهم “علي محمود حسنين”، وكان ضيف الشرف رجل حط رحاله في قاهرة المعز لفترة قصيرة، كان وقتها يؤكد أنهم لن يعودوا إلى الخرطوم إلا عودة الفاتحين. بعد انقضاء الندوة سألته بشكل مباشر: (ألن نسمع بكم على طاولة تفاوض قريباً كما فعلت من قبل الحركة الشعبية لتحرير السودان؟)، فأخبرني الرجل بكل حماس ثوري بأن هذا أمر مستحيل، وأنهم لن يفاوضوا نظام الخرطوم مهما كان الثمن، ولن يضعوا أيديهم في أيدي من دمر دارفور والسودان.. كان ذلك الرجل هو القيادي البارز بحركة العدل والمساواة “أبو بكر حامد نور”، الذي حطت طائرته أمس في مطار الخرطوم، حيث عاد إلى وطنه طوعاً بلا مزايدات أو شروط.
بعد انتقال رئيس الحركة السابق د. “خليل إبراهيم” الرجل المحبوب لدى رجاله إلى الرفيق الأعلى قبل أعوام، وأخطأت القيادة السياسية للحركة بانتخاب شقيقه د. “جبريل”، وقتها تغيرت الأمور كثيراً، حيث تحولت العدل والمساواة من حركه مسلحة تتبنى مشروعاً سياسياً ضخماً إلى شركة خاصة يديرها “جبريل” وأعوانه من الانتهازيين، فتسرب الرجال منها كتسرب الماء من بين الأصابع، وغاصت الحركة في وحل الهزائم العسكرية والسياسية حد الأعناق، واليوم فارقها العم “سليمان جاموس” الذي لم يثنه المرض ولا كبر السن عن المشاركة الفاعلة بين ثناياها، وهجرها “أبو بكر حامد نور”، الذي حتى القريب العاجل لم يخطر على قلب بشر أنه سيغادر صفوف الحركة.
فقدت العدل والمساواة تحت قيادة “جبريل” روح الثورة، وغرقت في أطماع الانتهازية، وبالتالي اندثرت أخلاق الثوار منذ أن قتل “محمد بشر” ورفاقه في (بامينا)، في سابقة لا تمت لأخلاق الثوار، ولا لمبادئ الديمقراطية بصلة، فالأصل في العمل السياسي هو التطوع، والمغادرة وتغيير المواقف أيضاً خيار ديمقراطي.