أخبار

عودة الروح

“أبو بكر حامد محمد نور” اسم له رنين وبريق وسط الإسلاميين في دارفور بصفة خاصة قبل أن تضرب الانشقاقات الصفوف ويتبعثر الجمع ويتمزق الكيان الواسع إلى حزبين وحركات مسلحة.. وكتاب أسود وآخر أبيض.. ودموع وأشلاء وأولاد مصارين بيضاء وأخرى سوداء.. وقتال عنيف على السلطة قبل أن يعيد الرئيس “عمر البشير” والشيخ “حسن الترابي” الجميع إلى دائرة الوعي بالذات والوعي بالتاريخ والحاضر ومخاطبة المستقبل بروح الوفاق والحوار الوطني الذي إذا لم يحقق إلا تقارب الحزبين (الوطني) و(الشعبي) وإيقاف نزيف الدم والخصومة لكفاه نجاحاً..
في غياب الوعي والانتصار للنفس شق “أبوبكر حامد” طريق الصحراء من الفاشر إلى ليبيا.. وكان الرجل قريباً من نظام “القذافي” ووثيق الصلة بأبناء دارفور في المهاجر وله تجارب في الحكم قريباً من صنّاع القرار وبعيداً عن الجهاز التنفيذي.. وما بين الشوق لمشروع إسلامي مثالي في مخيلة الكثيرين والنظر للقضايا المناطقية والإحساس بالتهميش وضعف المشاركة في السلطة والغضب الذي اعترى البعض.. حمل “أبوبكر حامد” بندقيته.. قبل د.”خليل إبراهيم”.. وخطط بعقل وخبرة دارسي الهندسة لقيام حركة مسلحة اختير لها اسم حركة العدل والمساواة قيل عنها في لحظة ميلادها إنها تمثل الذراع العسكري لحزب المؤتمر الشعبي وتأتمر برأي شيوخ الحزب في الخرطوم تقتل وتسحق.. ولكنها لا تنهب مثل حركات أخرى تناسلت في الفضاء الدارفوري.. وشكل “أبوبكر حامد” الذراع اليمين للدكتور د.”خليل إبراهيم” تخطيطاً.. وتدبيراً.. كان هو مهندس عملية الذراع الطويل من أم جرس حتى قلب العاصمة الوطنية أم درمان.. وكان هو صاحب نظرية حصار الخرطوم من ثلاث جبهات اختلف مع د.”خليل إبراهيم” لحظة الدخول لأم درمان في التعبير سياسياً عن الحدث.. بينما كان “خليل” منتشياً بنصر لم يكتمل.. ومعركة لم يتبدد غبارها بعد وهو يدعي أن الهدف من العملية إسقاط النظام كان “أبوبكر حامد” يقول لــ”خليل”.. علينا مخاطبة الشعب السوداني والمجتمع الدولي بأننا قصدنا إرسال رسالة للخرطوم لإرغامها على التفاوض من أجل الحل السياسي ولكن د.”خليل إبراهيم” أخذته نشوة الدخول لقلب العاصمة رغم الخسائر الفادحة والتكاليف الباهظة.. وفقدان حركة العدل والمساواة لعناصرها الفاعلة ورجالها المخلصين في تلك المعارك من لدن “جمالي” وحتى “محمد عبد الرحمن الرزيقي” الذي ألقي القبض عليه كعصفور صغير.. ومع “أبو كيعان”.. و”عبد العزيز عشر” ومنذ تلك الأيام تباعدت المسافات بين د.”خليل” و”أبوبكر حامد” في الرؤى والأفكار والتوجهات ليغيب د.”خليل” إلى الأبد ويصعد د.”جبريل إبراهيم” وكان “أبوبكر حامد” من المرشحين لخلافة “خليل” بالجهد والعرق والتضحيات ولكن التوازنات الداخلية وعقلية (الوراثة) الكامنة في مخيلة السودانيين وضعت قيادة حركة العدل منعقدة لأسرة “خليل”.. وفقدت بذلك الحركة رجالها المخلصين وقادتها المؤسسين وافترقت الدروب ما بين “أبو قردة” و”جبريل” و”بخيت دبجو” و”محمد بشر حمدين”.. وتشرذمت الحركة وتصدعت وضعفت ووهنت.. وكان آخر الرجال المخلصين الفارين من عرصاتها المهندس “أبوبكر حامد محمد نور”.. وبذلك يعود الوعي لهؤلاء القيادات ويغيب العقل عن د.”جبريل إبراهيم”.. أما “سليمان جاموس” الذي حملته الغبائن لمفارقة سربه.. سيبكي اليوم على قبر الراحل د.”حسن الترابي” ويذرف كثيراً من الدموع حينما (يغشى) الحارة الأولى بالثورة ويتذكر شيخ “يسين”.. وأيام “سليمان جاموس” رئيس اللجان الشعبية بأم بدة..
والبوكس لهيب الشوق وقصص وحكايات تطوف بمخيلة “سليمان جاموس” وهو عائد من رحلة خاسرة ليبدأ من الصفر بعيداً عن سربه وجماعته.. وشيوخه وتلاميذه.. وكان قال “مصطفى سعيد” في موسم الهجر للشمال ليس مهماً من أين جئت ولماذا جئت ولكن المهم أنني جئت.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية