يا حليل "المتعافي" !!
في العام 2011 راهن الدكتور عبد الحليم المتعافي والي ولاية الخرطوم آنذاك أن يصبح الفراخ طعام الفقراء وبالفعل كان كيلو الفراخ وقتها تسعة جنيهات للكيلو، وقد شهدنا ذلك في رمضان العام نفسه ولا ننسى أننا كنا نشتري من محل لبيع الفراخ بالسوق العربي بالأسعار الموضوعة تسعة جنيهات. وظل الحال مستمراً في سلعة الفراخ ولكن يبدو أن جهات لم تعجبها سياسة المتعافي التي كانت ترأف بالمساكين من أهل بلادي البسطاء، فكادت له كيداً حتى أخرجوه من الولاية وعادت المعاناة إلى المواطنين وزادت الأسعار عشرات الأضعاف، وإذا نظرنا إلى هذا الموسم من رمضان الذي مضىت ثلاثة أيام عليه نجد أن أصحاب المصالح والمطامع قد زادوا سعر الفراخ من ستة وثلاثين جنيهاً إلى خمسين جنيهاً للكيلو الواحد، مفارقة غريبة والفراخ لم يتم استيراده من الخارج ولا طعامه استورد من الخارج فما السبب الذي جعل الكيلو يرتفع إلى هذا الرقم، ففي كل الدنيا الزيادات لا تصل إلى الأرقام الموجودة في السودان والسبب ببساطة عدم الرقابة فلا الدولة حددت أسعار السلع ولا التجار التزموا بالربح القليل، فالكل يريد أن يغنى بين يوم وليلة تكون لديه سيارة فارهة في عام ومنزل ثلاثة طوابق في صفقة واحدة من ضربة في سلعة سكر أو فراخ أو أي صنف من السلع التي يحتاج لها المواطن، ولذلك من السهل أن يتغير حال التاجر السوداني بين ليلة وضحاها من الفقر إلى الغنى ومن منزل الجالوص إلى منزل فخم وكل ذلك في ظل غياب الدولة وغياب النواب الذين انتخبهم المواطن للدفاع عن حقوقه ولكن ماذا فعلوا له.. دخلوا البرلمان فإما أن يكونوا نائمين وإما أن يكونوا غائبين ولذلك جعلوا التجار يبيعون كل حسب هواه والأسعار في زيادات مستمرة، طالما لا رقيب عليهم، والحكومة التي استبشر بها المواطن بأنها الفرج لحل كثير من قضاياه ..ولكن حتى الآن لم تقم بأي عمل يطمئن أولئك البسطاء والمساكين من أبناء شعبي، فالمواطن لا يفكر في المستورد أو الاحتياجات التي تأتي من الخارج، فهو يريد أن تكون منتجات بلاده في متناول اليد وهي بسيطة جداً الطماطم والعجور واللحوم البيضاء والحمراء، لأنها كلها من الإنتاج الداخلي وليس مستوردة فأتعجب كيف يصل كيلو اللحمة الحمراء إلى تسعين جنيهاً للكيلو أو أكثر من ذلك وكذلك شتى أنواع الخضروات التي تزرع بالداخل وتروى من النيل العظيم، ما هو السبب الذي جعل أسعارها فلكية وأحياناً نجد الكثير من التجار غير صادقين مع المواطنين فإن باع لك كيلو من الطماطم فتأكد أن ثلاثة أرباعه فاسدة وإذا وزن لك كيلو لحمة فتأكد عندما تصل البيت أن نصفه شحم وعظم لا أدري كيف يحلل التجار لأنفسهم أكل الحرام والغش ولماذا يحلفون بالله كذباً، عندما يدعون أنهم يقدمون للمواطن الأفضل من الأصناف الموجودة لديهم، لقد قارنت بين أولئك المسلمين والأقباط بسوق أم درمان فوجدت فرقاً كبيراً بين المسلمين والمسيحيين، فعندما تريد أن تشتري منهم لا يغشون في الصنف ولا في السعر وليس واحداً فقط منهم بل الكل يعاملك معاملة واحدة في الصنف والسعر، عكس المسلمين الذين يكذبون عليك في الصنف وفي السعر ولذلك مهما فعلت الحكومة فلن يتغير شيء إلا ببداية تعليم للأطفال من الصغر حتى يشبوا على الأمانة والصدق، وهذا سوف يحتاج إلى سنين طويلة ولكن مشوار الميل يبدأ بخطوة فخلونا نجرب ما تقوم به الشعوب الأخرى.