أخبار

ضحايا جسر الحلفايا

{ انضم الشهيد “سعيد الضاي العوض” (17) سنة طالب يستعد للجلوس لامتحانات الشهادة السودانية إلى ضحايا أخطاء حكومة ولاية الخرطوم.. واستقبلت أسرة “سعيد الضاي” اليوم الأول من رمضان فاجعة استشهاد ابنها ومعه ضحية أخرى من أبناء ولاية القضارف سقطوا في جوف النيل لا بسبب السباحة في الصيف ولا عبور النهر، لكنهم مثل آلاف الشباب والشابات والأسر لا يجدون في أرض مقرن النيلين إلا جسر الحلفايا بحثاً عن هواء رطب نظيف وبضع ساعات من رياضة المشي والترويح عن النفس.
خرج الطالب “سعيد الضاي” من منزل أسرته بالإسكان الشعبي في اليوم الأخير من شهر شعبان بعد أداء صلاة التراويح لقضاء ساعات في جسر الحلفايا الذي أصبح ملاذاً للأسرة والشباب من ضيق الحياة إلى سعة النيل.. ولكن من يخرج إلى جسر الحلفايا قد لا يعود لأن هناك (حفرة) وسط الجسر تحصد الأرواح يوماً.. نعم، قيدت أسرة الشهيد “سعيد” بلاغاً في شرطة الحتانة ضد وزارة البنى التحتية وولاية الخرطوم المسؤولة عن الجسر.. وذلك على خلفية أن الحفرة التي تتوسط (الكوبري) عبارة عن غطاء “منهول” خراساني سقط من الجسر أو سرقت من قبل مجهولين ولأكثر من شهر ظلت تلك الفتحة مهملة وتقع في الفاصل الخراساني بين المسارين.. ويأتي الشباب في الأمسيات يسيرون على الفاصل الخراساني وفجأة يسقط الضحايا في مياه النهر وتجرفهم موجة النيل.. وحكومة ولاية الخرطوم لا تشعر بفداحة إهمالها.. ولا مسؤولياتها عن أرواح الضحايا.. ولأن وزير البنى التحتية محمي بالحصانات القانونية ولا يملك البرلمان رغبة أو ضميراً لمحاسبته ترك مسؤوليته في إغلاق منافذ القتل المتعمد مفتوحة لتحصد أرواح الشباب يومياً خاصة في شهر رمضان الذي تخرج فيه الأسرة للترويح عن نفسها في الساحات العامة.. وغياب المساءلة في الدنيا أغرى المسؤولين للتمادي في الأخطاء ولم تجد صرخات المفجوعين من الضحايا من يصغي إليها ولكن كيف يواجه المسؤولون في ولاية الخرطوم من الفريق الجنرال “عبد الرحيم محمد حسين” ووزير البنى التحتية ومعتمد محلية كرري السؤال يوم الحساب من رب العباد عن الإنسان الذي يموت بالإهمال والقصور والفشل الإداري وليس بقرة تعثرت في سوبا.. أو شاة لم تجد ماء في المويلح أو مريض لجأ للمستشفى وتم طرده لأنه لا يملك ثمن الدواء الذي يشفي مرضه.
إن جريمة القتل اليومي التي ترتكبها حكومة الجنرال “عبد الرحيم” بالإهمال والانصراف عن المسؤوليات والانشغال بغير تأمين حياة الناس لن تسقط عند رب العباد الذي يمثل أمامه الناس سواسية يوم أن تنزع عن السلاطين الحصانات وتذهب عنهم الحمايات.. ويأتون وكتابهم شاهد على إخفاقاتهم وحسناتهم.
سألني الشيخ الزاهد العالم الورع “مصطفى إسماعيل” بخلاوي زالنجي يوماً هل الحكام ينامون مثلنا.. وكيف يغمض لهم جفن وهم مسؤولون عن كل الأرواح التي تزهق والبطون الخاوية التي تتضور جوعاً.. قلت له: يا شيخنا لو كل إنسان يفكر في مصيره يوم الحساب لما تهافت الناس على السلطة مثلما يتهافتون اليوم.. و(حفرة) جسر الحلفايا التي تحصد يومياً أرواح الشباب تقف شاهداً على عجز السلطة الولائية وفشلها في أداء واجباتها.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية