نوافذ

أوراق الحب..!!

هل رتبت الشمس الكواكب حولها أم أن الإخلاص للشمس هو الذي جعل منها توابع؟
منذ أن التقينا واليقين يشد رحاله نحو مدينة أخرى لا أعرفها ليستأمن الشك على مكانه، الشك يستفحل في لغتي وإحساسي، والشوارع التي كنت أرتادها وحدي ركلتني وكأني لم أكن من ساكنيها، كل شيء في الوجود كان يحتضنني فقط لأنك آتٍ من عمقي، من نشاز الدمع ومن شلالات الفرح الغبي، آتٍ من سيل أتراحي ومن قفر ابتساماتي.
آسفة أنا لأني كنت أختلي بك لحظة نشوة في أحضان الغيب! آسفة لأني كنت حُبلى بك، ورغم عشقي لك ويقيني من شرعية مجيئك، خبأتك في رحمي مرة أخرى بعد أن أخرجتك أنثى أخرى من رحمها الأكثر دفئاً. هي خبأتك لتضمن لك رفاء العيش، وأنا خبأتك ليغض عنك الشارع طرفه.
ولكنه كان يعلم أنك في دمي طفلاً يافعاً، ورجلاً يخرج كل مساء ليلفح بنات أشعاري فيمنحها البقاء المترف.
كان على يقين بأنني آخر أنثى تحمل في دمها توقيع الصدق وتوقيت العشق الأبدي!!
كان الشارع يترقبني، يرفع رأسه فوق كتوف المباني الشاهقات ليحسم أمر قدومي، وينبئ النيل عن مجيئك عبري!
خطواتي كانت تحمل ذكرى قدومك، جسدي يتآمر مع اللا رؤية كي يخفيك عن عيون المارين، فأترنح وأراك تخرج لسانك من منتصف الصمت!!
أبتسم فتخرج من أسناني مثل الضوء، وأبكي شوقاً لتطل عبر فتحات الدمع مسبحة وليل!! أصرخ ألماً فيخرج صوتك من عمقي يظنني الناس ممسوسة بفعل الجن ولكني أشد مساً بك!!
أنا نفسي بت أراك في كل شيء، في كتبي، وأجندتي، أرتب لشيء ما فتطل من ثنايا ترتيبي محدثاً الفوضى!!
ألم ترتب هذه الأنثى من قبل؟ لماذا إذن ترتب أغراضي لتبعثر مشاعري في الطرقات هكذا؟ ولماذا يخرج صوتك عبر حنجرتي مراراً لأقول ما تريد، أرتدي ما يرضيك، أنام على طريقتك أتحدث كما أنت، وأمارس حياتي كما تشتهي؟!
أنا لم أوقع معك عقوداً على الطاعة العمياء، كما وقع الشجر للماء، ولم أعاهدك على العصيان، كما فعل الحراز بالمطر.. ولكن!!
يبدو أن عقدي الذي وقعته معك ينص على أن لك كل ما يخصني من الكرة الأرضية، الماء والمأوى، الزاد والسلوى، مقدرتي على التقوى، ما أهوى ولا أهوى، سر القلب والنجوى.. آه العشق والنشوى، كل الصمت والفحوى، أنا وأحبتي وأبي وأهل الدار، أطفال المدينة كلهم وأمي.
يبدو أنني بصمت بالعشرة على ورق كتب لي أن أقر عليه بدون أن أمرر عليه عيني، كما كُتب لي أن أعشقك قبل أن يسجل اسمي في سجلات مواليد ذلكم العام.
إنها أوراق الحب، أوراق لا تعتمد على الخريف، إنما ترتوي من الدمع والدم، ولا تسأل عن قوت، إنما طعامها من هنا، من هذا القلب الذي لا ينبض إلا بك!

مشاركة

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية