مسألة مستعجلة
من يجزل الوفاء لمايو؟
نجل الدين ادم
رغم أننا كنا نتوق يومها لغدٍ أفضل وهتفنا في (هبة) مارس – أبريل، ضد حكم الرئيس الأسبق “جعفر محمد نميري” إلا أن (مايو) الثورة كانت تجري في دمائنا نعشق شعاراتها وانفتاحها الخارجي واهتمامها بقطاع الطلاب والشباب والطلائع، نعشق (كاريزما) الرئيس “نميري” وشخصيته الطاقية وتلك الأغاني والملاحم التي تمجد حقبة حكمه التي امتدت لستة عشر عاماً.
تظل مايو بكل ما تحمل من ملاحظات محطة مهمة في تاريخ البلد والرئيس “نميري” يصل كل أصقاع السودان زائراً ومتفقداً ومُرسياً لدعائم حكمه، وما يحسب لها أنها حاربت الطائفية وعالجت جذور المشاكل التي كانت عالقة، مايو تغلغلت بسطوتها في نفوس الناس وأحبوها، لأنها كانت تعبِّر عن عشق للشعب السوداني.
تحل اليوم علينا الذكرى الـ(48) لثورة مايو المجيدة، كما يسميها قائدهم ومياه كثيرة قد جرت تحت الجسر، رحل قائد المسيرة، ولكن بقيت آمال عراض لقيادات الثورة ومحبيها لبلوغ ما سطره لهم رئيسهم، فليس ذلك بمستغرب والرجل عندما قرر فك عزلته الخارجية والعودة إلى أسوار الوطن بعد سقوط حكمه كوَّن حزباً سياسياً لمواصلة مشواره وبدأ بالفعل ولكن الموت كان أسرع، ليغادر الفانية ويتركهم في مواجهة مشوار طويل نسأل الله لهم التوفيق.
فمايو تحمل في جوفها شيء من اليمن وآخر من اليسار وعشق للصوفية وتمجيداً للعسكرية، ونبع من الأنصارية التي كان ينتمي لها الرئيس “نميري”.
مايو كانت عنواناً لحقبة تنمية أرسى فيها “النميري” دائم الحكم، ووصل الجنوب بالشمال باتفاق أوقف الحرب مع جنوب السودان لعشرة أعوام.
التحية في هذا اليوم لأسرة الراحل “نميري” وسكان حي ود نوباوي الذي خرجت هذه الحقبة التي تتحدث عن نفسها، التحية لكل المايويين الذين كانوا امتداداً لحقب جديدة حققت النجاحات كما فعل رئيسهم، فبكل ما تحمل ثورة مايو من انتماء للشعب السوداني لم يكن مستغرباً، أن نجد كوادر مايو ركائز أساسية لحقب أخرى مشاركين فعليين، دخل أولئك المحبين والعاشقين في تشكيلات سياسية جديدة، فلم يكن ذلك نكران للجميل أو تنكر للحقبة وإنما هو انتماء لمسيرة العطاء الذي قطعه الرئيس “جعفر محمد نميري” عهداً على نفسه، التحية لهم بألوان طيفهم المختلفة فهم لا يزالون أوفياء رغم تغيير انتماءاتهم، والتحية الخالصة لرفيقة درب قائد المشوار المايوي الحاجة “بثينة خليل” التي ظلت صامتة رغم أنها كنز من الأسرار المغلقة، ونأمل أن ترفع أسرتها هذا الصمت وتحثها على الحديث عرفاناً للراحل، ورغم أن في حديثها عما يخفيه “النميري” من إنسانية رغم صرامة الوجه فإن ذلك لهو الوفاء بعينه، فمن يجزل الوفاء لهذا القائد أن لم تكن الحاجة “بثينة”، وفقك الله وهو المستعان.