هل مات "الترابي" مظلوماً؟
الراحل المقيم الشيخ “حسن عبد الله الترابي” واحد من علماء الفكر الإسلامي في المنطقة عربياً أو أفريقياً، وصنع لنفسه هالة من خلال اجتهاده في كافة المجالات.. وكان الملهم لإخوانه في الحركة الإسلامية، وهناك من فتن به لدرجة عالية جداً بل البعض تقمص شخصيته في لبسه وحركاته وطريقة حديثه مما يؤكد أنه كان ذا تأثير عالٍ في الجماعة ..وحتى بعد رحيله لم نر الآن من يكون قريباً من شخصيته. بالأمس شاهدت واستمعت عبر فضائية سودانية 24 إلى حوار أجري مع نجله الأستاذ “عصام” فكان حديثه مؤثراً وكان هذا الابن لم يجد الفرصة الكاملة لأخذ الكثير من والده بسبب العمل السياسي والفكري الذي يقوم به والده، إضافة إلى اكتظاظ المنزل بعدد كبير من المريدين. قال “عصام” إن شيخ “الترابي” حاول أن يبعدهم عن السياسة واتخذ لكل واحد منهم اتجاهاً خاصاً، فأخذ “عصام” طريق الأدب والشعر وفي الشعر شعر البادية وهو من أصعب أنواع الشعر، وأحياناً الإنسان لا يفهمه إلا بعد أن يتم الشرح. قال “عصام” الشيخ “الترابي” لم يكن لديه ابن مقرب فكلهم كانوا في منزلة واحدة، ولكن كل واحد منهم حاول أن يكون قريباً منه بطريقته.. فمثلاً ابنته “إمامة” كانت الأقرب إليه في سجنه واستطاعت أن تسجل كل حديثه وكل الكتب التي ملأت الدنيا كانت قد سجلتها، أما شخصه فكان أقرب إليه في فترته الأخيرة خاصة في زيارته إلى مصر إبان عهد الرئيس السابق “مرسي”، وقال لقد زار العديد من السياسيين في مصر وكانوا يكنون له مكانة كبيرة حتى أن أحد السياسيين المصريين تحدث عنه لنصف ساعة واقفاً .. قال فما قيل عنه رغم أنه والدي وأنا معه بالمنزل فلم أعرفه، أبناء الشيخ “الترابي” فعلاً كانوا بعيدين عن السياسة والسبب النظرة التي كان يراها الشيخ لزعماء القبائل والعشائر وزعماء الأحزاب وعمليات التوريث، لذا حاول أن ينأى بأبنائه عن هذا الطريق، وهذا ما فهمته من حديث “عصام” ولذلك اتجه إلى ركوب الخيل والذهاب إلى مضارب الأدب والشعر. لقد كان “الترابي” فريد عصره وكان معلماً لأجيال ولكن ربما ظلم من البعض الذين كانوا ينظرون إليه من البعد ولم يجلسوا إلى جواره وأخذ ما يفيد، “عصام” قال إن الشيخ “الترابي” له رهبة عجيبة حتى الصور التي التقطت له ورفض تعليقها على الجدران وطالب بوضعها داخل الدولاب، قال عندما أفتح الدولاب وأراها أحس بالخوف والرهبة الشديدة. إن كان هذا ابنه وفلذة كبده يقول هذا.. فماذا يقول الآخرون عنه، تضاربت أقوال الناس لحظة وفاته ولكن كيف جاء حديث العارف ببواطن الأمور، قال “عصام” في رحلته الأخيرة للاستشفاء بدولة قطر طلب مني أن أرافقه في تلك الرحلة ولكن وقتها كنت أحضر لدرجة الماجستير بجامعة الخرطوم، وعندما علم بتاريخ الامتحانات رفض له أن يؤجلها وانتظره حتى أكملها، وعندما وقف الأطباء على حالته واكتشف أن هناك تعطلاً في عضلات القلب وبعض المشاكل الأخرى.. قال له وهما لوحدهما بالغرفة أخبرني الأطباء أن هنالك مشاكل في القلب ولم يزد على ذلك، واتجه ناحية الحائط ثم قال له (هل إخوانك بلغوا ليهم أمين عام)، “عصام” قال في تلك اللحظة تأكد لي دنو أجله.. ولذلك عندما نقل من دار المؤتمر الشعبي وتم الاتصال عليه والإخوة في طريقهم إلى المستشفى قال حاولت أن أحمله بمفردي ولكن الجسد كان ثقيلاً رغم نحافته، فتأكد لي أنه توفى قال قلت للإخوان إنه توفى ..ولكن شيخ “السنوسي” قال له ما تقول كده سوف ننقله بطائرة خاصة إلى ألمانيا .. ولكنني استرجعت حديثه معي في قطر (هل إخوانك بلغوا ليهم أمين عام) ! لقد رحل الشيخ “الترابي” عن هذه الدنيا وهو لا يحمل حقداً على أحد ولكن ربما ظلمه البعض الذين لم يعرفوه.