رأي

بعد ومسافة

سهرة مع الحكومة!
مصطفى أبو العزائم
مساء (الخميس) المتأخر، وليلة (الجمعة) المباركة، التف الناس حول أجهزة التلفزيون وتابع بعضهم المحطات الإذاعية السودانية حتى وهم يقودون سياراتهم لمتابعة إعلان تشكيلة حكومة الوفاق الوطني، وكنت مثل الملايين أمنى نفسي بمتابعة هانئة للحدث من داخل منزلي، خاصة وأنني كنت ليلتها وحيداً بسبب مناسبة زواج خاصة لمن يهمنا أمرهم، شارك فيها كل أهل البيت واعتذرت عنها، مثلما اعتذرت لمن حرضني على المشاركة في المؤتمر الصحفي الذي تم الإعلان عنه بسبب الوقت المتأخر، ثم لأنني أقيم بعيداً عن مركز الخرطوم حيث القصر الجمهوري الذي تنطلق منه أعمال المؤتمر الصحفي للسيد النائب الأول لرئيس الجمهورية ورئيس مجلس الوزراء الفريق أول ركن “بكري حسن صالح”، والذي قدرت أنه سينتهي عند منتصف الليل أي أن عودتي إلى سكني لن تكون قبل الواحدة من صباح (الجمعة).
تقدرون وتضحك الأقدار، تلقيت خلال فترة ترقبي للحدث السياسي الأبرز عدة اتصالات من رقم واحد لم يكن مسجلاً لدي في القائمة التي تضم جهات الاتصال، لذلك عدت إلى الرقم عند الساعة التاسعة تقريباً لمعرفة المتصل، فكان أن رد علىّ الابن الأستاذ “ناجي” من قناة (الشروق) الذي قال لي إنه حاول الاتصال علىّ أكثر من مرة لأكون ضيفاً على (الشروق) ومعلقاً على الإعلان عن حكومة الوفاق الوطني.. شكرته وقلت له إن بيني وبين موقع قناة (الشروق) قرابة العشرين كيلو متراً، ووجودي هناك ليس أصعب منه ليلاً إلا العودة من استديوهات (الشروق) إلى سكني في الثورة بمحلية كرري، لكن الفتى المثابر قال لي: نحنا ما عندنا مشكلة عايزين نجيك في البيت، وتشارك معانا مباشرة عن طريق أجهزة نقل مباشر حديثة في الاستديو معلقاً على الحدث.
أسقط في يدي.. ولا يمكن أن تقول لمن طلب زيارتك في بيتك سوى: (أتفضل أنت ومن معك ومرحباً بكم) كأنما لديهم بوصلة، أو جهاز (CPS) الخاص بتحديد إحداثيات الموقع، لأفاجأ بعد أقل من نصف ساعة بهاتفي يرن وعلى الشاشة ذات الرقم المتكرر فرددت عليه ليقول لي الأستاذ “ناجي” “نحنا جنب الباب”..
فريق كامل ما شاء الله تباركم الله من قناة (الشروق): مكتمل العدة والعتاد الفني، اختاروا موقع التصوير، وبدأوا في تركيب أجهزتهم وكاميراتهم وترتيب الأوضاع بما يتفق مع رؤيتهم الفنية والإخراجية التي تتناسب مع الحوارات السياسية، ثم جلسنا لمتابعة المؤتمر الصحفي للسيد النائب الأول، وشهدنا إعلان الحكومة/ ثم أسئلة ومداخلات الزملاء الصحفيين في المؤتمر الصحفي والتي كانت تعبر عن كثير مما يدور في أذهان الناس.
انتهى المؤتمر الصحفي، وتمت العودة إلى ستديوهات (الشروق) في الخرطوم مع مقدم تلك الفترة السياسية المهمة الأستاذ “مأمون عثمان” ليقول لمشاهديه: ننتقل الآن إلى أم درمان في قراءة تحليلية لهذا الحدث مع فلان،
وتحدث “فلان” مهنئاً بهذه الخطوة المنتظرة في ليلة (الجمعة) ودعا لها بأن تكون خطوة مباركة.. وهنأ صاحبكم كل الذين تم تكليفهم بالمسؤولية وسأل الله أن يعينهم على القيام بواجباتهم، مشيداً بإعادة تعيين الأستاذ “حسبو محمد عبد الرحمن” نائباً لرئيس الجمهورية، لما أكسبه هذا الرجل من أهمية للموقع بحركته وديناميكيته العظيمة ونشاطه الملحوظ ووجوده دائماً في المكان المطلوب في الوقت المناسب.
دار نقاش طويل ومستفيض لا نرى من داعٍ لإعادته وقد يكون عدد كبير قد شاهده، لكن الشاهد في هذه الرواية أن قناة (الشروق) قدمت سهرة سياسية بحتة كانت عالية المشاهدة في يوم عادة ما ينصرف فيه الكثيرون إلى متابعة البرامج الغنائية والخفيفة والمنوعة، لذلك أطلقت على هذه السهرة (سهرة مع الحكومة) وهذا الاسم للعلم كان اسماً لمسرحية مصرية للدكتور “سعد الدين وهبي”، عرضت لأول مرة على مسارح القاهرة، عام 1979م ثم انتقلت بطاقمها التمثيلي إلى السودان عام 1980م حيث عرضت على خشبة مسرح قاعة الصداقة، وقام بأدوار البطولة فيها النجمة الكبيرة “سميحة أيوب” والنجم المعروف “أشرف عبد الغفور”. أذكرها الآن لأنني كنت صحفياً صغيراً مبتدئاً نجحت في محاورتهما معاً بمقر إقامتهما في الفندق الكبير – هوليداي إن فيلا – ونشر الحوار على الصفحة الأخيرة لصحيفة (الأيام) الغراء تحت عنوان (عندما تحدثت سميحة أيوب ونام أشرف عبد الغفور) أيام..
الشاهد أيضاً أنه لا بد من الإشادة بالتطور التقني والفني الذي شهدته قناة الشروق، وانتقالها من مرحلة التميز التي وضعها فيها المهندس “محمد خير فتح الرحمن”، إلى مرحلة الانطلاقة إلى المنافسة العالمية في عهد السيد الفريق شرطة “السر أحمد عمر” .. مبروك

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية