مسالة مستعجلة
ما بين تكريم المعلمين واعترافات “أبو كيعان”
نجل الدين ادم
سعدت بتكريم رئيس الجمهورية قبل يومين لقبيلة المعلمين وهو يطلق توجيهات مباشرة خلال مخاطبته احتفالات اليوبيل الفضي للصندوق، للبنوك والمصارف بتمويل عقارات المعلمين وتشديده على ضرورة الاهتمام بالأستاذ الجامعي، ما قال به الرئيس هو أقل ما يمكن تقديمه للمعلم وهو الذي يصنع الأجيال والرجال، وأهمية بشرى الرئيس هذه أنها تأتي في وقت حرج والكثيرين من المعلمين قد هجروا المهنة إلى غير رجعة بسبب ضعف الأجور، ومؤسف جداً أن يكون الهيكل الراتبي للدولة مقلوباً، يمنح العاملين في الوظائف المختلفة رواتب تفوق راتب المعلم بفارق كبير. المعلمون (واطين) على جمر المهنة يحترقون من أجل أن يصنعوا جيلاً صالحاً ومفيداً يتبوأون المناصب العليا.
حسناً أن الدولة اتجهت في الآونة الأخيرة إلى إعلاء شأن المهنة بعد أن أصبحت طاردة وهي تعيد النظر في كل ما يلي قبيلة المعلمين، فاليوم هنيئاً لهم هذا المكسب والاستثناء والذي هم أهل له ويستحقونه بجدارة وزيادة، وغداً إن شاء الله مكسب آخر يعيد لهم هيبة المعلم ووقاره المعهود.
مسألة ثانية.. استمتعت أول أمس، بالحوار القصير والمميز مع قائد القوة الرئيسة في غزو أم درمان وأحد أبرز القيادات الميدانية بحركة العدل والمساواة “فضل الله أبو كيعان” الذي أجرته معه الزميلة النشطة “هبة محمود” بمناسبة الذكرى الـ(9) لمعركة (الذراع الطويل) والتي أريد بها تسلم السلطة في الخرطوم، “أبو كيعان” الذي عاد للخرطوم بموجب نداء الحوار الوطني كشف عن معلومات ثرة ومهمة عن هذه المعركة وما تحمله من استفسارات، وذكر فيه اعترافات صريحة عن أسباب الهزيمة والطابور الخامس الذي كان ينسق معهم من الداخل، فرغم النجاح السياسي الذي حققته المعركة في مقابل الهزيمة العسكرية، إلا أن اعترافات الرجل تشير إلى حجم العشوائية من قبل العدل المساواة رغم الإمكانيات العسكرية الكبيرة والدعم الدولي الذي حظيت به من قبل بعض دول الجوار، لم أتخيَّل أن يكون حجم العشوائية إلى درجة أن من يقودون العربات والجنود الذين بصحبتهم لا يعرفون شوارع العاصمة و”أبو كيعان” يقول في الاعتراف (واحدة من أسباب هزيمتنا أننا اعتمدنا على جنود من الله ما خلقهم ما شافوا الخرطوم)، وطبيعي أن تكون الدهشة لهؤلاء عنصر مباشر للهزيمة، ولكن مع ذلك فإن المعركة كانت نقطة فاصلة للحكومة لكي تعيد حساباتها الدفاعية وفي علاقاتها الخارجية، وقد كان. فأنجمينا التي كانت المنصة التي انطلقت منها العملية هي اليوم الداعم لسلام الدوحة والمعزز للحوار الوطني من خلال إسهامات الرئيس التشادي “إدريس دِبي” في إقناع العديد من الحركات بعملية السلام كخيار، ونأمل أن يعود العام المقبل تكون كل حركات دارفور المتمردة جزءاً أصيلاً من عملية السلام. والله المستعان.