أخبار

خربشات (الجمعة)

{اتجهت سيارات الوفد الحكومي الذي هبط المدينة ذلك الصباح من مطار المدينة مباشرة إلى منزل الوالي دون المرور بقيادة المنطقة العسكرية التي تبدو في شغل عن كل شاغل، واللواء “بشير الباهي” تتواتر أنباء من هيبان وأم سردبة عن تخيير قادة الجيش الشعبي لضباط القوات المسلحة والجنود ما بين الانضمام إليهم أو مغادرة المنطقة بدون أسلحة وذخائر. وبعث اللواء “بشير الباهي” ببرقية إلى رئيس هيئة أركان القوات المسلحة عن موقف الذخائر في كادقلي ووصول تعزيزات من الدروع والمدفعية ذلك الصباح مما يجعل قوات الفرقة قادرة على التعامل مع أي تطورات حسب مقتضيات الحال.. كانت مهمة الوفد القادم من الخرطوم حددت بإثناء “عبد العزيز الحلو” عن مغادرة كادقلي وإعادته إلى موقعه كنائب للوالي ريثما يتفق من خلال اللجنة السياسية المشتركة على الاتفاق الجديد للشراكة.. وقد بعث أغلب صناع اتفاق نيفاشا من حيث الفراغ العريض الذي يعيشون بعد أن تجاوزتهم التعيينات في الحكومة المركزية وبعد أن كان متفقاً بين “جون قرنق” و”علي عثمان” على تنفيذ اتفاقية السلام بصناعها، إلا أن شخصيات في المؤتمر الوطني مثل د.”مطرف صديق النميري” ود.”سيد الخطيب” واللواء “يحيى حسين” قد أصبحوا فاقداً دستورياً يجترون ذكريات الأمس مع آخرين من قيادات الحركة الشعبية هم أيضاً تم إبعادهم وإقصاؤهم من المشهد التنفيذي.. “نيال دينق نيال”.. و”لوكا بيونق” و”ياسر سعيد عرمان” ود.”الواثق كمير”.. وحينما هبطت الطائرة الرئاسية في مطار كادقلي أشعل “سيد الخطيب” سيجارته ونفث دخاناً في الهواء.. الرطب وشعر بأن جسده الذي (شوته) سخانة الخرطوم سيخضع على الأقل لساعات تحت شمس كادقلي الدافئة.. ولم تتبدل ابتسامة مولانا “أحمد هارون” ولم تتزعزع ثقته في “ياسر عرمان” و”مالك عقار” بأن غبن وغضب “عبد العزيز” سيصب عليه ماءً بارداً.. ويتم طي صفحة الخلافات واعتمد “هارون” على طرح ثلاثة خيارات أولها.. التزام المؤتمر الوطني بمحاصصة (45%) للشعبية و(50%) للوطني و(5%) للقوى السياسية الأخرى لمدة (5) سنوات.. وأن يحتفظ “الحلو” بموقعه كنائب والي بذات الصلاحيات والسلطات طوال السنوات الخمس، إذا تم الاتفاق على ذلك.
(2)
{انقطعت الاتصالات المباشرة بين الوالي “هارون” ونائبه “عبد العزيز الحلو” منذ ثلاثة أيام ولاذ الأخير بغرب المدينة حيث تتواجد قوات الحركة الشعبية في معسكر (تافيرا) الذي كان في السابق أحد أهم مراكز التدريب العسكري للإسلاميين، بعيداً عن عيون السلطة وقبل الثلاثين من يونيو، و(تافيرا) في الأصل هي مركز تدريب الدعاة تابع لبعثة منظمة الدعوة الإسلامية.. وبعد توقيع اتفاقية السلام أصبح مقراً لاستقبال قوات الجيش الشعبي ومنظمة الدعوة الإسلامية نفسها فقدت وظيفتها في المجتمع وضربها فيروس الانقسام الذي تصدعت على إثره الحركة الإسلامية لجسدين أحدهما حاكم والثاني معارض.. وقد أحاط “الحلو” نفسه بعدد كبير جداً من الحراسات وأخذ يتحرك في أطراف المدينة كفصيل عسكري وليس كنائب والي أو نائب حاكم إقليم كما تنص الاتفاقية.. وفي كل يوم يتوغل بعيداً عن المدينة التي يعتزم العودة إليها منقلباً على شرعية دستورية بين يديه إلى شرعية بندقية تعزل إقليم جبال النوبة عن بقية السودان وفق خطة عسكرية دقيقة أولاً بالسيطرة على مطار كادقلي وقد تم تجنيد عناصر مدنية لإعادة تشغيل المطار حتى يستقبل طائرات إنقاذ وإمداد قد تأتي من جنوب السودان أو كمبالا. وقد أغفلت الخطة جزئية مهمة جداً في كيفية التصدي لهجوم قد تشنه الحكومة في الخرطوم على تلك الطائرات وهي في طريقها إلى مطار كادوقلي أو حتى كيفية التصدي لهجوم على الطائرات وهي في المطار؟؟ وبعد سيطرة قوات الجيش الشعبي على رئاسة الفرقة الرابعة عشر والتحكم والسيطرة على المدينة تبث إذاعة كادوقلي بياناً من الجيش الشعبي كإعلان سياسي بالسيطرة على كادقلي وتحريرها من المؤتمر الوطني وحلفائه ولن يتسنى للجيش الشعبي السيطرة على كادقلي إلا بعد القضاء على ما يسميه ، رأس الحية.. بتدبير اغتيال لمولانا “أحمد هارون” وقيادة الجيش.. اللواء “بشير مكي الباهي” وقيادة الشرطة اللواء مقدم “هبيلا أبو زيكو”.. ولما بدأت المفاوضات الشاقة في صباح يوم السادس من يونيو 2011م، كانت غرفة عمليات خاصة تعمل مراجعة خطة اغتيال الوالي وتصفيته. وجلس العقيد “كوكو الجاز” الذي يعد أقرب ضباط الجيش الشعبي للقائد “عبد العزيز” وأخذ يسأل الضباط عن احتمالات أن يهرب “أحمد هارون” من المطار ويتوجه إلى الدلنج بالبر ماذا تفعلون.
قال “نميري” علينا أن نقطع الطريق بالقوة التي تم نشرها في الكرقل بالتصدي لموكب “هارون” واستخدام المدفعية الثقيلة وفي هذه الحالة يجب وضع القوات بالدلنج في حالة استعداد ونقلها إلى الجزء الجنوبي من المدينة.
وسأل “كوكو الجاز” ماذا يحدث لو أن “أحمد هارون” قرر العودة بالطائرة التي قد تعود بالوفد في المساء.. هل يتم إسقاط الطائرة بعد إقلاعها من المطار والتضحية بـ”مالك عقار” و”ياسر عرمان” من أجل القضاء على “أحمد هارون” وبقية قيادات المؤتمر الوطني.. أم تنفذ عملية القضاء على بقية الحية وهم قائد المنطقة العسكرية وقائد الشرطة ومدير جهاز الأمن الوطني؟؟
وضع “عزت كوكو” كلتا يديه على رأسه وسأل أعضاء الفرقة لماذا لا نضع خطة بديلة في حال قرر وفد التفاوض القادم من الخرطوم قضاء تلك الليلة بكادقلي.. هل يتم تنفيذ العملية في الليل أم يتم تأجيلها إلى حين مغادرة القيادة الخرطوم؟؟
ثم ما هو مصير قيادة الحركة الشعبية الموجودة في الخرطوم في حال القضاء على “هارون” وقيادته العسكرية هل نضمن سلامة أرواح “تابيتا بطرس” و”دانيال كودي” والعقيد “موسى كوه” نائب مدير جهاز الأمن بولاية الخرطوم إضافة للقيادة السياسية كمرت “مالك عقار” وكمرت “ياسر عرمان”.
(3)
{أدت “تهاني” الرقصة قبل الأخيرة وتبدل لون بشرتها ورقصت أمام بنات الحي كما لم ترقص من قبل، سألتها “سارة محمود” عن المنزل الذي تقطنه فقالت مع الأسرة بعد انقضاء شهر العسل في كسلا ثم السفر إلى أسمرا في فصل الخريف حاجة روعة.. وحملت “سهام لقاوة” الدلوكة وأخذت تغني
الليلة والليلة
جات واحدة جاسوسة
في الحلة مدسوسة
أنا شاحده مولاي يجي
كي واي يدسوها
وزغردت النساء.. ورقصن على وقع الدلوكة ونثرن الفرح في منزل عروس تنتظر بلهفة الشوق أحضان زوجها القريب إليها مكانياً والبعيد عنها قدرياً.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية