رأي

مسالة مستعجلة

حتى لا يلحق خبر الحكومة بقصة “محمود”!
نجل الدين ادم
قفزت إلى ذهني يوم أمس تلك القصة الشهيرة في كتاب المطالعة بالمرحلة الابتدائية (محمود والنمر)، التي تدور حول الصبي الصغير “محمود” الذي كان يتلذذ بالمناداة على أهل القرية وهو يقول (هجم النمر.. هجم النمر) وعندما يأتي الأهالي يفاجأون بعدم وجود نمر، وكانت الملهاة تزداد عند الصبي كلما أزعج الأهالي وشاهدهم يهرولون لإغاثته.. لكن في ذات يوم هجم النمر فعلاً، فنادى صاحبنا كما اعتاد، وأعاد الصراخ مرة ومرتين وثلاث، لكن الأهالي كانوا قد سئموا المسرحية واختاروا البقاء، فتركوا الصبي يواجه مصيره مع النمر وهم لا يدرون حتى التهمه، فكانت الحسرة!
على ذكر هذه الواقعة، فقد ظللنا في الإعلام طوال الفترة الماضية أسيرين لتكهنات إعلان التشكيل الوزاري، ننشر الموعد المضروب فيكذبنا واقع الحال في اليوم التالي أو الذي يليه، مرات ومرات تحتفل الصحف بموعد إعلان الحكومة، فتكون أخباراً مضروبة.
 حماس الصحف لهذا الخبر يأتي من باب اهتمام الرأي العام بما هو منتظر من حكومة جديدة سيما وأنها ستكون الأكبر مشاركة من نوعها، بجانب أنها تؤسس لمرحلة جديدة وفقاً لمقتضيات الحوار الوطني.
أمس، احتفت بعض الصحف بالخبر من واقع أنه جاء مباشرة من وزير الإعلام رغم أن هواجس التأجيل تلاحق كل منا.. الجميع ظل مترقباً فكانت النهاية أنه ليست هناك أي تشكيل.
مع فارق الاختلاف الطفيف في قصة “محمود الكذاب” كما سماه الأهالي وقصة الحكومة، أن الصبي كان يعتمد في تلذذه على عنصر المفاجأة، وهي لا تصبح مفاجأة إذا كان هناك ترقب مخل.. تكرار حالة الرجاء والانتظار والترقب الذي دائماً ما يلحق به عدم وقوع الحدث يظهر جلياً في حالات أخبار إعلان الحكومة الجديدة، وواقعها يقول كلام الليل يمحوه النهار.. وكما ذكرت فإن قيمة الحكومة المرتقبة تختلف عن غيرها من الحكومات السابقة نسبة لحالة الترقب السياسي الحاصل الآن، وعندما يغيب عنصر الدهشة ويحل القنوط من ما هو قادم في التشكيل الوزاري تغيب كل عناصر المفاجأة، فتدخل الحكومة الجديدة حيز الواقع دون أن تكون الدهشة حضوراً، والمواطن العادي غير مهتم، لذلك فإن الحكومة المرتقبة ستفقد الكثير قيمتها بسبب هذا التطاول والإعلان على طريقة (محمود والنمر).

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية