رائحة صوب "كمال عمر"!!
بقلم – عادل عبده
الرائحة في القاموس السياسي والمقصودة في هذا المقال تعني بروز نوع من الغيرة المتنامية في بحر التكاليف العامة لا ترى بالعين المجردة، وأحياناً تكون ضرباً خفيفاً من التحجيم يطبق على السياسي اللامع الذي يحاول الانطلاق في الفضاءات الرحيبة.
جال في خاطري أن ديناميكية الأستاذ “كمال عمر” الأمين السياسي المستقيل في الحزب الشعبي ومجهوداته الكثيفة ونجوميته اللامعة في الساحة بالشواهد الدالة، فضلاً عن ارتباطه الوثيق بالدكتور “الترابي” الزعيم التاريخي للحركة الإسلامية، قد حركت كوامن البعض في حزبه بدلق شذرات من الزجاج المكسور في اندفاعاته المثيرة والكاسحة.. حتى لا أظلم قيادات الشعبي المخضرمين لا أقول إن هنالك كيمياء سياسية وحرباً غليظة بينهم وبين “كمال”، غير أنه أحياناً تنطلق من تركيبة النفس وطبيعة دواخل البشر إشارات غير مرضية على الذين يتحركون بصحبة العواصف العاتية ويحاولون كسر الجدول وإقامة الأشياء الجديدة.
رأى “كمال عمر” في التعديلات الدستورية الأخيرة أنها حرث في البحر وأن حزبه خرج مخدوعاً في مطلوبات الحريات والقضايا الوطنية، وشعر بأن يده سوف تصبح مغلولة بتدابير من قيادات بني جلدته إذا طالب بالإصلاح والمعالجات، فكانت استقالته الصاخبة من موقعه القيادي في الحزب.. ربما فطن “كمال” بأن النيابة سوف تكون عائقاً كبيراً يحول دون تنفيذ المشروع والطموحات التي ارتبطت بدخولهم حكومة الوفاق الوطني، فهو يتساءل في دواخله.. لماذا فعلت قيادات حزبه ذلك؟ فالشاهد أن الرجل يرى بأن قامته أكبر من الذي تحصل عليه في السلك التشريعي.. كيف لا فهو الدينمو الذي كان بجوار الشيخ في ردهات الحوار الوطني، وهو الذي راهن على الوثبة الوطنية حتى لا تكون مزاداً مغشوشاً فهل يعقل أن يقدم ما لا يعتمل في صدره وهو يرى ما ليس حسناً في بحر الأشواط التي قطعها!!
من المفارقات الغريبة والمدهشة أن الدكتور “علي الحاج” الأمين العام للشعبي هاجم في اجتماع الشورى الأخير المؤتمر الوطني على تنصله من الاتفاق المبرم معهم، وكذلك انتقد رئيس البرلمان الدكتور “إبراهيم أحمد عمر” قائلاً بأنه التف حول الحريات (جريدة الصيحة بتاريخ 7/5/2017م) وهو ذات المنطق والمبرر الذي عجل باستقالة “كمال عمر”.. فهو موقف يستحق التأمل الشفيف فقد كانت شهادة “علي الحاج” في مصلحة “كمال عمر” المستقيل فكيف يتعامل دكتور “علي الحاج” مع الوطني في قطار المشاركة الجديد ما دام لا يوفي بعهوده.
من النقاط القوية في “كمال عمر” أنه نجح في تقديم نفسه بأنه السياسي الحزبي الذي يدافع عن أفكار الشيخ “الترابي” وتصوراته ومشاريعه السياسية والفقهية، وأن دون ذلك خرط القتات وهو ما لم يتوفر للقيادات التي عاصرت الشيخ دهاليز الحركة الإسلامية.
غياب “كمال عمر” من الصفوف الأمامية للشعبي سوف يترك أثراً بالغاً في تركيبة الحزب إذا لم يتم تدارك الأمر، وها هي الأستاذة “أسماء” فاضلة الشيخ “الترابي” تطالب قيادات الشعبي، بمعالجة قضية الاستقالة في مبادرة كريمة.. فهل يتحقق ما تصبو إليه؟