"هدى عربي" من آداب الخرطوم إلى منصات الإبداع في بوح خاص لـ(المجهر)
ليس هناك فن هابط وآخر صاعد لكن هناك احترام للذوق العام وخدش له
لا أقدح في زملائي وأقدر كل جهد فني هدفه إسعاد المستمع
دردشة – محمد جمال قندول
المطربة “هدى إبراهيم عمر” مولودة في حلة خوجلي جوار (الضريح الفاح طيبه عابق).. خريجة جامعة الخرطوم كلية الآداب.. ظهرت فجأة لكنها سجلت اسمها بقوة في محراب الفن.. بدأت بطلّةٍ خجولة في برنامج (أغاني وأغاني)، لكنها كانت كافية لتحتل وجدان المشاهدين والمستمعين وكسب ثقة القائمين على أمر البرنامج حتى أصبحت رقما ًلا يمكن تجاوزه.. اجتهادها وإصرارها على البحث عن الجديد الذي يضيف للبرنامج جعلها الأقرب إلى عرابه الأستاذ “السر قدور”.
تستعد “هدى” بمفاجآت جديدة هذا الموسم، لكنها تمسك عن ذكرها كما تقول احتراماً للمواثيق التي تحكم البرنامج، وأنها ليست مفوضة للحديث باسمه، انتزعناها انتزاعاً من كواليس تسجيل حلقات برنامج (أغاني وأغاني) وخرجنا منها باعترافات مثيرة نترككم معها.
{ لماذا كانت بداياتك الفنية متأخرة؟
_ صحيح وغير صحيح، بمعنى أن بدايتي مع الغناء أمام الجمهور كانت في العام 2000 في الدورة المدرسية، وفزت فيها بالمركز الأول على مستوى ولايات السودان وكانت اللجنة المشرفة تضم الأساتذة “الماحي سليمان” و”مهدي محمد سعيد” له الرحمة و”حياة طلسم” و”أبو قرون عبد الله أبو قرون”، غير أنني تفرغت بعد ذلك للدراسة حتى تخرجت في جامعة الخرطوم كلية الآداب لغة إنجليزية وكان طبيعياً أن أمضي في مساري، حيث عملت مترجمة بعدد من المؤسسات الأجنبية في السودان، كما أن حياتي قد شهدت تجربة استثنائية، فقد تزوجت قبل أن أكمل سنوات الدراسة الجامعية، ثم بعد ذلك لحقت بزوجي في الدوحة حيث يقيم ويعمل هناك ومنحنا الله “لميس” (15) عاماً و”محمد” (10) أعوام ليملآ حياتنا، ثم بعد كل هذا عدت للساحة الفنية ولعل هذه الرحلة الطويلة تشفع لي على هذا التأخير.
{ دائماً ما تواجه المطربين الجدد وخاصة المطربات اتهامات من شاكلة ترديد أغاني الغير أو الغناء الهابط.. كيف تنظرين للأمر؟
_ أولاً لي رؤيتي الخاصة، فأنا لا أتفق مع التصنيف المطلق هابط وغير هابط، بل أرى أن هناك فناً يحترم المتلقي ويحترم الذوق العام.. وآخر لا يراعي هذه القواعد، وفي رأيي أن هذا التصنيف أنسب وأشمل، فعلى سبيل المثال يمكن لمغنٍ أو مغنية أداء أغنية بكلمات عادية جداً ومقبولة لكن بطريقة مبتذلة لا تحترم المتلقي الذي يتابع أداءك ألا يعدّ هذا هبوطاً؟ أما بالنسبة لترديد أغاني الغير فهذه سنة الحياة والقاعدة المرعية والمألوفة، فأي مطرب جديد في حاجة بادئ ذي بدء لإثبات أنه يستطيع الأداء بالشكل المطلوب وأنه يستطيع التعامل مع الفرقة الموسيقية والتفاعل مع التوزيع الأوركسترالي، وهنا يحتاج هذا المطرب الجديد إلى نص ولحن مركوز في أذهان الناس ووجدانهم ليمر عبره إلى قلوب الناس.. أما إذا استمرأ أحدنا هذا الوضع ومضى فيه فهذا هو الخطأ، وآمل ألا أكون من النوع الثاني فأنا لدي الآن أكثر من خمسة أعمال جاهزة تنتظر فقط الوقت المناسب لتقديمها.
{ ماذا يعني لك برنامج (أغاني وأغاني)؟
_ يعني لي الكثير.. هذا البرنامج بالنسبة لي مدرسة أتعلم منها في كل عام الجديد المفيد، وأنا سعيدة أنني في مدرسة ناظرها “السر قدور”، وأتعمد هنا استخدام كلمة ناظر بكل ما تعني هذه الكلمة في أذهان السودانيين من انضباط وصرامة وجدية وعلم غزير وهيبة وفي ذات الوقت مرونة وعطف وتوجيه وتنوير وتعليم لكل من يعمل معه في هذا البرنامج.. وعموماً لست أنا من يعطي البرنامج وفضائية النيل الأزرق شهادة النجاح.
{ على ذكر النيل الأزرق.. ماذا يعني لك هذا الاسم؟
_ يعني لي الوريد الذي ظل ينقل لي كل يوم حب الناس واحترامهم وتقديرهم بعد أن كان الشريان الذي ربطني بهم بنقل أدائي المتواضع إليهم.. أعطتني هذه الفضائية الكثير وأنا مدينة لها، مدينة لشاشتها ولربانها “حسن فضل المولى” وأركان حربه في إدارة هذه القناة، فكلهم أصبحوا أصدقائي وصديقاتي، ولئن شئت الاختصار قلت لك النيل الأزرق هي بيتي الذي لن استغني عنه.
{ كيف تتعاملين مع من سبقوك وكيف تنظرين لمن جاءوا بعدك؟
_ تربينا وربينا على التصالح مع النفس واحترام الآخرين، فمن سبقوني لهم الاحترام والتقدير، وأثمن كثيراً كل مجهود بذله لي أحد أساتذتي ناصحاً وموجهاً ومعلماً.. أما من جاءوا من بعدي فإني وإن كنت لا زلت بعيدة عن الادعاء بأنني أسبق البعض فإني أبذل لهم غاية ما أستطيع ولا ولن أبخل على من استشارني، فالفن بالنسبة لي تعاون عريض تتعدد أطرافه وكلما كانت هذه الأطراف متقاربة متصالحة متفاهمة كلما كان الفن معافى عفيفاً شفيفاً يطرب سامعيه وأنا لا أقدح في زملائي وأعدّ كل جهد يبذل في هذا المجال هدفه إسعاد المستمع.
{ أجرت معك فضائية “أوربت” اللبنانية حواراً أثارت بعض إجاباتك ضجة واسعة.. ما الحكاية؟
_ الحكاية أنني كنت في رحلة فنية إلى العاصمة اللبنانية بيروت وبمبادرة من الملحق الإعلامي السوداني هناك الأستاذ “أسامة الخليفة” وهنا لا بد أن أشيد بجهوده عموماً وبوقفته معي فقد استضافتني شبكة “أوربت” اللبنانية على برنامجها الشهير (عيون بيروت)، ومن بين أسئلة عديدة فاجأتني إحدى مذيعات البرنامج بالسؤال التقليدي لماذا الفن السوداني غير منتشر.. تذكرت لحظتها القالب الاعتذاري الذي تعودنا عليه، لكن قلت في سرى هذه فرصة لكسر هذا القالب وإعادة الكرة لملعب كل من يطرح هذا السؤال فقلت لها: أعتقد أن الفن السوداني لا ينقصه الانتشار، لكن لماذا لا نقول إنه التقصير من جانبكم أنتم؟ وأضفت: لماذا نحن نتابعكم ونعلم كل شيء عنكم ونغني لشعرائكم؟ هل تعلمين أن واحدة من أشهر أغانينا شاعرها هو الشاعر اللبناني “إلياس فرحات”؟ نحن ننتظر منكم أن تجتهدوا في معرفتنا أيضاً.
{ ماذا كان رد فعلها؟
_ (ضاحكة).. انتقلت للسؤال البعده!! لكني فوجئت حقيقة بالتحضير الجيد الذي بذله مخرج البرنامج الأستاذ الدكتور “فياض” وأحييه عبركم فقد وجدته ملماً بالفن السوداني بشكل دقيق ومتابعاً لجهودي المتواضعة وقد عددت ذلك الجهد منه احتراماً للسودان.
{ أخيراً.. أستاذة “هدى” يأخذ عليك البعض الرقص المصاحب لأدائك؟