بعد ومسافة
“شكري” للخرطوم و”تقديري” للقاهرة..
مصطفى أبو العزائم
بعيداً عن المرارات التي ترسخت داخل النفوس بسبب التعدي الإعلامي الجائر على السودان، من قبل بعض أصحاب الأجندة الخاصة في الإعلام المصري، وتجاوز ذلك البعض لكل أدب الخلاف والاختلاف، إلى الحد الذي قادهم للتجني على الشعب السوداني الذي غنى دائماً وتغنى بـ(مصر يا أخت بلادي يا شقيقة)، وقادهم إلى التعدي على رمز السيادة الوطنية المشير “عمر حسن أحمد البشير” رئيس الجمهورية، وجعل بعض شذاذ الآفاق من الفاقد التربوي والتعليمي والإعلامي المصري مثل المدعو “توفيق عكاشة” يطالب بإعادة واستعادة السودان إلى السيادة المصرية، واستخدامه لألفاظ لا ينطق بها إلا أصحاب الشذوذ العقلي الذين اعتادوا الانحراف البيّن والواضح عن جادة الحق والخير والمنطق، وغيره من بعض هواة الشهرة التي يريدون الدخول لها من أبواب (الردح) بصفة (العوالم) لا الإعلاميين، بعيداً عن كل ذلك الذي يعبر عن ضيق الأفق الأخلاقي والإعلامي، وبعيداً عن ردة الفعل الإعلامية السودانية التي لم تتجاوز صفحات الصحف إلى الفضاء عبر برامج الـ(One Man Show) التي ابتدعها بعض أصحاب الفضائيات المصرية، بعيداً عن كل ذلك ورغم الشروخ النفسية التي ضربت الوجدان السوداني من النيران الشقيقة، نجد أنفسنا نمد الأيدي مرحبين بزيارة السيد “سامح شكري” وزير الخارجية المصري إلى بلده الثاني السودان، ونقدر تفهم القيادة السياسية المصرية لتداعيات الحملات الجائرة الظالمة التي تم توجيهها نحو السودان قيادة وشعباً، ومحاولتها رتق الفتق الكبير الذي تسبب فيه بعض أصحاب العقول الصغيرة والآفاق الضيقة إما جهلاً وتطوعاً من أنفسهم أو تنفيذاً لأجندة ضغط من جهة ما للتأثير على مواقف حكومة السودان تجاه بعض القضايا المتصلة بالأمن القومي المصري، لكنها جاءت بنتيجة عكسية، بل إن الجرح الذي تسببت فيه تلك الحملات الجائرة، جعل المؤمنين بوحدة وادي النيل في موقف لا يحسدون عليه سواء أكان ذلك في السودان أو في مصر.
مصر تعدّ أمنها المائي خطاً أحمر، وهذا حقها، والسودان يرى أن نصيبه في مياه النيل خط أحمر، وهذا حقه.. ومصر ترى أيضاً أن معاناتها ومعاناة شعبها من الهجمات الإرهابية المتواصلة في سيناء والتي امتدت إلى مدنها الكبرى مثل القاهرة والإسكندرية وطنطا وغيرها، يجب أن تتوقف، ويجب أن يعينها الأشقاء والأصدقاء في وقف الإرهاب، وهذا حقها، وهو حق على السودان ألا يقف مكتوف الأيدي أمام المخاطر التي تتعرض لها الشقيقة مصر، رغم أن جهات ما في مصر اتهمت السودان أو ألمحت إلى أن له أكثر من يد في دعم تلك المجموعات الإرهابية.. والذين أحسنوا الظن أرجعوا تلك الاتهامات إلى أن المصريين يدخلون إلى السودان دون تأشيرة دخول، حسبما كان قد تم الاتفاق عليه في تطبيق مبدأ الحريات الأربع.
تقديرنا للخرطوم الرسمية التي تعاملت بحكمة مع كل ذلك، وأبدت حسن النوايا بأن فرضت تأشيرة دخول على المصريين دون الخمسين حتى تتحمل الجهات الرسمية المصرية مسؤولياتها تجاه حركة مواطنيها عبر الموانئ والمطارات والمعابر.. ولكن.. حتى هذه لم تجد القبول لدى البعض لتنفتح نيران شقيقة جديدة على السودان، نيران هجوم وسخرية واستخفاف. الآن.. لا نعرف أكثر مما قال به الوزيران بروفيسور “غندور” وزير خارجية السودان، والسيد “سامح شكري” وزير خارجية مصر، للصحافة والإعلام، لكننا على ثقة تامة أن هناك ملفات أخرى تمت مناقشتها، ملفات تتصل لا بوقف الحملات الإعلامية المتبادلة، لكنها تتصل بمعالجة الآثار السالبة للحملات السابقة، وملفات أخرى تتصل بموقف كل دولة من مصالح الدولة الأخرى، دون مزايدة أو إضرار بتلك المصالح.
اللهم أعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك.. اللهم إنا نسألك التوفيق والنجاح لكل من أراد أن يعبر بعلاقة شعبي وادي النيل إلى مكانها الصحيح والطبيعي الذي تتوثق فيه العلاقات من خلال المصالح المشتركة.
.. و.. جمعة مباركة.