يوم في الفولة
قضينا يوم أمس في مدينة الفولة عاصمة ولاية غرب كردفان التي احتضنت احتفاليات المؤتمر الوطني وهو يعقد مؤتمره التنشيطي العام في حضور قيادات مركزية برئاسة المهندس “إبراهيم محمود أحمد”، وأمين الاتصال التنظيمي د. “فيصل حسن إبراهيم”، وأمين الشباب “عصام محمد عبد الله” ود. “عيسى بشرى” عضو المكتب القيادي، و”محمد عوض زايد” وزير النفط، ونخبة من قيادات الحزب في إطار نشاط الحزب الذي يستعد الآن لعقد مؤتمره العام الأسبوع بعد القادم، بعد سلسلة من المؤتمرات التنشيطية في كل ولايات البلاد، عطفاً على القطاعات الحيوية المهمة من عاملين إلى مرأة وشباب وطلاب.
وإن كانت منطقة غرب كردفان قد شهدت في السنوات الماضية تطورات سياسية وأمنية قد عصفت باستقرارها وجعلتها واحدة من مناطق ضغط دم الحكومة المرتفع، فإن العام الماضي والحالي قد شهدا استقراراً أمنياً نسبياً بعودة أغلب قادة التمرد من أبناء تلك المنطقة. وقد عدد الوالي “أبو القاسم الأمين بركة” وهو يخاطب مؤتمر الحزب، أمس، بالفولة عاصمة الولاية البترولية الغنية أسماء قادة التمرد الذين عادوا من الغابة والجبال والحركات التي بعضها محلي وبعضها دارفوري وآخر من جبال النوبة، وبقدر تباهي الحكومة بإنجازاتها في إقناع هؤلاء بالعودة لوطنهم والمشاركة في الحوار الوطني، فإن حل القضايا التي دفعتهم لحمل السلاح تبقى واحدة من التحديات التي تواجه المؤتمر الوطني في مقبل الأيام، وقد نجح المؤتمر الوطني في تسويق الحوار الوطني لقطاعات عريضة من الشعب، وتجاوزت الأحزاب التي اشتركت فيه والحركات المائة حركة وحزب.. ودفع الوطني فاتورة الحوار نقداً من غير شيكات آجلة.. ومنطقة مثل غرب كردفان تمثل مستودع النفط وعلى أكتافها ومن خيراتها نهضت كل مشروعات البنى التحتية في كل السودان، وكان ولا يزال حظها من التنمية بجد شحيح، فإنها تنتظر من حكومة ما بعد الحوار أن تمسح الدمع من عينيها الساهرتين.
وغرب كردفان التي غرقت في الصراعات القبلية والنزاعات غير المبررة بين أبناء اللحمة الواحدة والقبلة المشتركة والأرض والضرع بعد أن تعافت جنوباً واقترب أبناء القبيلة من بطون المسيرية من تجاوز الفتنه التي غشيتهم، احترق شمال الولاية هذا الشهر بنزاع الحمر والكبابيش الذي تم كتم صوت بندقيته بإجراءات وقائية، لكن لا يزال تحت الرماد وميض نار.
في بحر هذه المشكلات العصية والتحديات الكبيرة والإمكانيات الشحيحة، كان انعقاد تنشيطي الوطني أمس في الفولة بمثابة وقفة لهذا الحزب مع عضويته وقاعدته التي وصفها المهندس “إبراهيم شمر” بالمتقدمة على القيادة من حيث الالتزام ونقاء السيرة والسريرة، وذلك اعتراف مهم من رجل تنظيمي يتولى موقعاً رفيعاً.
المؤتمر الوطني رغم ما يمر به اليوم من عسر في تشكيل الحكومة الجديدة، فإنه ينظر بذات القدر إلى المستقبل من خلال إعداد نفسه لاستحقاقات الانتخابات القادمة بعقد مؤتمراته التنشيطية في هذا الوقت وإلزام عضويته بالتسجيل في كشوفات الحزب والحصول على البطاقة الحزبية الممغنطة واستخراج الرقم الوطني، باعتبار أن الانتخابات القادمة من شروطها أن يصبح للناخب رقم وطني، وبهذا يستعد الوطني لما هو قادم بحزمة خطوات بناء ومراجعة لخطاب وبرنامج الحزب ما شهدته الفولة، أمس، يؤكد حقيقة واحدة أن الوطني يعمل ويجتهد، والآخرون يتفرجون، لكنهم يوم الامتحان يجأرون بالشكوى من ما كان يفترض أن يقوموا به، لكنهم عن واجباتهم يتقاعسون.