إرفعوا ايديكم عن هذا الملف .. أتركوه لـ" غندور " .. كفانا عبث
لا يمكن أن يترك أمر علاقاتنا الخارجية مع الدول ، خاصة مع دولة كبيرة و شقيقة مثل ” مصر ” ، ليديره الناشطون في قروبات ” الواتساب ” و ” الفيس ” ، و بعض الكوادر السياسية التي لم تستوعب بعد مآلات انجراف دولتين جارتين إلى حافة (المواجهة) المدمرة ، دون مقدمات و أسباب قاهرة !!
و لا نفهم معنى إثارة أزمة بسبب تصويت جرى في مجلس الأمن الدولي بنيويورك في شهر ” فبراير ” الماضي ، إثارته في شهر ” أبريل ” فجأة .. و من قبل دوائر داخل وزارة الخارجية ، بما فيها بعثتنا في الأمم المتحدة التي ينبغي أن تتم مساءلتها و محاسبتها عن دواعي التقارير المضطربة و المغلوطة و الناقصة المرسلة إلى ” الخرطوم ” ، و لماذا تمت الإشارة إلى التصويت (المصري) ضمن إجماع دولي في قرار دوري يحمل الرقم (1591) ، و باجراء روتيني خاص بملف دارفور ، و لا علاقة له بالعقوبات الأمريكية لا من قريب و لا من بعيد ، و قد ضم هذا الإجماع حليفتنا الكبرى و شريكتنا الاقتصادية الأولى ” الصين ” و حليفتنا الثانية ” روسيا ” ، و ضم كذلك شقيقتنا الجارة الشرقية ” إثيوبيا ” ..!!
فلم تم تصعيد الأمر ، و بتر المعلومات ، و الترويج بخبث و سوء بأن ” مصر ” صوتت لصالح تجديد العقوبات على السودان .. و أي عقوبات .. لا أحد يوضح !!
إن المتآمرين على السودان من بني جلدتنا أصحاب الجوازات (الأجنبية) و الولاءات المزدوجة ، و حملة (الإقامات) العاملين و العطالى في دول المشرق و المغرب ، لن يخسروا شيئا يوم أن تحمر السماء ثم تسود و تشتعل جبهات القتال بيننا و ” مصر ” .. فمن من هؤلاء سيقاتل على الحدود .. كن هم سيصبح لاجئا في مخيمات و مشردا .. مناضلو الأسافير في أمريكا و بريطانيا و هولندا و أطراف الخليج ؟!
من سيذهب لجبهة الطيران الحربي المستعرة التي ليست هي جبهة ” مناوي ” و لا ” جبريل ” .. أدعياء الوطنية من العرضحالجية و المتسطحين .. و صناع الخرافات و الوهم في صحفنا الصفراء ؟! هل هؤلاء سيقاتلون ؟!
إن علاقات السودان الخارجية لا ينبغي أن تدار بهذه (الهرجلة) و العبث ، فبعد أن بلغنا (الميس) و صرنا قاب قوسين أو أدنى من رفع العقوبات الأمريكية من على كواهلنا في ” يوليو ” المقبل ، بجهد عظيم قادته لجنة محترفة من وزارة الخارجية و وزارة الدفاع و جهاز المخابرات ، يريد البعض أن يستدرج بلادنا إلى فصل جديد من المواجهات و الحروب الدبلوماسية و الإعلامية التي قد تجر إلى مواجهة (حربية) في وقت خاطيء ، بدفع تعلمجية السياسة و الدبلوماسية عندنا ، لنعود مرة أخرى إلى مربع أشد ضيقا و سوءا و خسران !!
إنني لصادق و جاد حين أسألكم : بالله عليكم .. من يفكر لهذه الدولة في هذه الأيام ؟! من هم مفكروها و حكماؤها و عباقرة نظرياتها السياسية و الاقتصادية و الدبلوماسية ؟!
واضح أن الأمر لا يعدو أن يكون اجتهادات (موظفين) بمسميات وظيفية و ألقاب علمية و رتب مختلفة ، فهل هكذا تدار دول المؤسسات و الحضارة و التاريخ ؟!
هل كانت الحركة الإسلامية السودانية بقيادة الشيخ الدكتور ” حسن الترابي ” و هي تواجه (كل) دول الجوار و غالب دول العالم ، ثم تنتصر .. و تبقى عزيزة .. و تستخرج البترول .. وتصدره ، و تهزم الجيش الشعبي حتى أطراف ” نمولي ” وهو المسنود مالا وسلاحا من أمريكا و إسرائيل و يوغندا و إثيوبيا و كينيا .. هل كانت تتخذ قراراتها المصيرية السياسية و الاقتصادية بمثل هذا التعجل و الاضطراب ؟!
قد يقول البعض : لقد كانت سياسات خاطئة أن نجمع إرهابيي العالم من ” بن لادن ” إلى ” كارلوس ” في الخرطوم و أن نهتف : ( أمريكا .. روسيا قد دنا عذابها .. علي إن لاقيتها ضرابها ) .. و لكن الحقيقة أنه رغم هذا الاعتقاد وذلك الظن ، كان نظاما ( مؤسسيا ) .. قويا و راسخا .. و متسقا مع فكرته و مشروعه ، سواء كانت الفكرة خطأ أم صوابا .
قال لي وزير المالية الأسبق و الأشهر السيد ” عبدالرحيم حمدي ” متعه الله بالصحة و العافية : ( كنا نجتمع في أمانة الاقتصاد بالحزب و الحركة الإسلامية لساعات طويلة حتى مطلع الفجر ، لنتخذ قرارا بعد نقاش طويل ، و كانت الأمانة هي من يقرر في أمر الاقتصاد ، و لا سلطة لأفراد بمن في ذلك الأمين العام ) .
الآن .. قد يجتمع ثلاثة أو أربعة في مكتب ، فيتخذون قرارا مهما .. اقتصاديا أو سياسيا يتضرر منه الآلاف !!
أتركوا ملف علاقاتنا مع ” مصر ” لوزير الخارجية البروفيسور ” غندور ” و لوزيرهم ” سامح شكري ” .. إرفعوا أيديكم عن بلادنا .. لا تخربوا استقرارها .. إرفعوا أيديكم عن شعبنا .. لا تضللوه بالأكاذيب و الشائعات و الأخبار المشتولة في دوائر مخابرات (أجنبية) من مصلحتها ضرب استقرار بلادنا و شغل الدولة الأخرى بفتح جبهة توتر على حدودها ، ليخلو لها الاقليم ، و تصفو لها الأجواء و يكتمل المخطط .
” غندور ” الذي أقنع الأمريكان برفع العقوبات – حسبما قال مبعوثهم و لم أقل أنا – قادر على تسوية مشكلاتنا مع ” مصر ” بالتي هي أحسن .. وهذا ما يريده الشعب السوداني الذي يسافر يوميا إلى “القاهرة ” ب (7) رحلات طيران !!