الفريق "حميدتي" في "شندي" رسائل عسكرية في وعاء سياسي
رحلة في أعماق نهر النيل
اعترافات المهندس “مسار” تثير جدلاً في (مويس) و(البسابير)
يوسف عبد المنان
قد تتقافز الأسئلة سراعاً لماذا الفريق “محمد حمدان دقلو” الشهير بحميدتي في ولاية نهر النيل.. وفي منتصف شهر أبريل.. ولماذا زيارة ثلاث مناطق فقط في محلية شندي وحدها هي البسابير.. وحوش بانقا.. وقرية البر والتقوى أو مويس؟؟ وراء كل منطقة من القرى الثلاث قصة وحكاية.. ولكن “حميدتي” في نهر النيل ليس حدثاً سياسياً.. ولا نهر النيل منطقة عمليات عسكرية حالياً ولا متوقعة في المدى المنظور.. إنما هي منطقة زراعة واستثمار واستقرار ونماء اقتصادي.. ارتبطت نهر النيل بالفروسية.. والشجاعة وخرج من صلبها المعطاء ورحمها الولود أغلب قادة القوات المسلحة.. وتعتبر حامية “شندي” مثل الفرقة الخامسة الهجانة في “الأبيض” مركز ثقل عسكري.. وسكان نهر النيل بطبعهم تعجبهم الفراسة والشجاعة.. التي يجسدها في عالم اليوم الفريق “محمد حمدان حميدتي دقلو” الذي قهر التمرد وبسط سلطان الدولة في دارفور.. وقضى على حركة العدل والمساواة التي ساقها الغرور يوماً إلى قلب “أم درمان” العاصمة الوطنية في مغامرة ترتبت عليها بعد ذلك مضاعفات (قبرت) قائدها “خليل” في رمال كردفان.. ودقت المسمار الأخير في نعشها بمنطقة “قوز دنقو”. كل ذلك كان وراءه شاب نحيل الجسد فارع الطول.. قليل الحديث كثير الفعل اسمه “حميدتي”.. اختاره الرئيس بعين فاحصة لقيادة قوات الدعم السريع التي بدأت بعصبة الأقربين من عشيرة (الرزيقات) ولكنها تمددت لتصبح اليوم بوتقة قومية تذوب في أحشائها كل مكونات السودان.. وقوات الدعم السريع التي هزمت التمرد بجبال النوبة كان يقودها الشهيد “حسين” من أبناء النوبة وقوات الدعم السريع التي هزمت التمرد في “دونكي البعاشيم” كان يقودها فارس من الجزيرة، وقوات الدعم السريع التي تطارد اليوم (تجار البشر) وتسد ثغرة الحدود منها القائد “حمدين أبشر” من الزغاوة ولذلك الاحتفاء بحميدتي في نهر النيل هو احتفاء بالقوات القومية (الدعم السريع)، واحتفاء بالفروسية واحتفاء برجل رفعه المشير “البشير” لمقام واحد من أكبر قادة القوات النظامية في البلاد.
“البسابير” وبعض الوفاء
كان يوم (الجمعة) رغم الرياح والأتربة التي سدت سماء البلاد والغبار الخانق الذي أحال مرضى الجهاز التنفسي إلى المستشفيات إلا أن أبناء السودان في ترابطهم وتمازجهم كانوا شيئاً واحداً في محلية شندي التي خرجت قرى البسابير التي كانت من مناطق النفوذ الطائفي الختمي، وهي تستقبل الفريق “محمد حمدان حميدتي” ومعه رهط من القيادات السياسية والاجتماعية والوزراء الشباب “عادلو حامد دقلو” وزير دولة بالسياحة و”عجب الله” وزير الدولة بديوان الحكم الاتحادي والوزير السابق “أحمد التوم حسبو” و”مصعب حسن أحمد البشير” رئيس نادي الفروسية السوداني و”عبد العزيز خالد أحمد البشير” شقيق السيدة الفضلى “فاطمة خالد” حرم الرئيس و”شمس الدين خلف الله” من قيادات المؤتمر الوطني البارزة بنهر النيل و”بابكر الشريف” ومن رجال الأعمال “موسى ساغة” و”فضل الله محمد آدم” والقيادي “الطيب محمد أحمد” والمهندس “عبد الرحمن عياد” الوزير السابق والقيادي في المؤتمر الشعبي والمنسق السياسي لقوات الدعم السريع، والبرلماني “محمد صالح الأمين بركة”، وكان لوجود رئيس اتحاد الصحافيين “الصادق الرزيقي” أثره في إضفاء جوانب ثقافية عميقة على الرحلة والأستاذ “إمام محمد إمام” يتحدث عن أثر النيل على الإنسان. وفي (البسابير) تفقد الجنرال “حميدتي” الإنشاءات الخدمية التي تبرع بها من قبل لإنسان تلك المنطقة وهي خلوة الشيخ “باسيار” وداخلية ودار المؤمنات ودار القضاء والوحدة الإدارية، و”حميدتي” في كل رحلاته لمناطق السودان ظل يقتطع من دعم وميزانية المقاتلين لدعم المشروعات الاجتماعية في إطار المسؤولية الاجتماعية لقوات الدعم السريع.. ومثلما أصبح لكل رجل إدارة أهلية في دارفور عربة دفع رباعي لدعم جهود الأمن ومكافحة الجريمة هدية من الجنرال “حميدتي”.. فإن حظ منطقة (البسابير) من الخدمات وجد صدى واسعاً وقد عبر أهالي المنطقة من خلال خروجهم لاستقبال الوفد عن عظيم تقديرهم لما قام به “حميدتي”. ومن البسابير اتجه الوفد بالطريق الداخلي إلى “حوش بانقا” وما أدراك ما حوش بانقا.. وهي منطقة كانت منسية رغم أنها تمثل مسقط رأس الرئيس وأسرته التي لا تزال تقيم هناك، وقد تجمعت رموز الأسرة وقيادات حوش بانقا يتقدمهم وكيل ناظر عموم الجعليين “بابكر حاج عمر” وهو شخصية اجتماعية وهبت جل وقتها لخدمة الناس والتواصل الحميم مع كل السودانيين.. تجد “بابكر حاج عمر” في الأبيض ومروي وكوستي وكادقلي وفي الصالون الفسيح بمنزل الرئيس كانت الكلمات معبرة عن التواصل الحميم.. والإخاء الصادق.. وتوالت الإشادات من كل رموز المنطقة بقوات الدعم السريع التي قهرت التمرد.. وهي تقاتل بشجاعة وإيمان عميق بوحدة السودان وكذلك دورها في كسر عنق التمرد بالنيل الأزرق وما تلعبه اليوم من دور في القضاء على (تجارة البشر) وتأمين حدود السودان.. وقد اكتشفنا في منطقة “مويس” جنوب “شندي” أن المهندس “إسحق أحمد فضل الله” له عميق صلات بالأهل من قبيلة الرشايدة وزعيمها “مصلح نصارو” الذي يقود الرشايدة في ولايتين بكسلا ونهر النيل.. وقد أم الشيخ “إسحق فضل الله” المصلين في مسجد قرية “مويس” التي تسمى أيضاً قرية البر والتقوى.
“حميدتي” يحرض الرشايدة
خرجت جموع قبيلة الرشايدة لاستقبال الفريق “حميدتي” وأهدته سيفها الذي تقاتل به منذ المهدية في تكريم نادر ولكن الرجل حينما تحدث بعث برسائل عسكرية في وعاء سياسي شفيف، أولى تلك الرسائل دعوته لقبيلة الرشايدة بضرورة أن ينضم شبابها لقوات الدعم السريع من أجل الدفاع عن السودان وعن منطقتهم في وجه عاديات الزمان. وقال “حميدتي” أيضاً موجهاً حديثاً مباشراً إلى نهر النيل ومواطنيها بأن هذا العام سيشهد انفتاحاً كبيراً لقوات الدعم السريع القومية ولا بد من إقبال الشباب على الانضمام إليها.. وفي رسالته الثانية وهي تهديد مبطن لكل القبائل التي تستخدم السلاح ضد بعضها البعض.. قال “حميدتي” إن النزاع الذي نشب بين قبيلتي (الحمر) و(الكبابيش) غير مبرر مطلقاً.. وقد لعبت قوات الدعم السريع دوراً هاماً في كبح جماح التفلت الذي حدث هناك، وللتدليل على أن قوات الدعم السريع فعلاً اسم على مسمى، فقد أبلغت القوات بنشوب القتال الساعة الثانية عشر ليلاً وفي الساعة الثامنة من صباح اليوم الثاني وصلت القوات إلى “بنده”.. وقد بسطت قوات الدعم السريع سيطرتها على الأوضاع في الولايتين وتم تجفيف منابع الدم.. وعن التمرد في دارفور قال “حميدتي” وقد علت وجهه ابتسامة رضا عن الذي حدث (لقد انتهى التمرد الآن في دارفور وما عاد يشكل مهدداً للأمن). وقال يجب على الأهل الرشايدة تأمين القضارف وكسلا من خلال الانضمام لقوات الدعم السريع التي تمثل كل السودانيين.
اعترافات المهندس “مسار”
في حديثه السياسي بمنطقة البر والتقوى تحدث المهندس “عبد الله مسار” الوالي الأسبق لنهر النيل، وقال إنه مكث في هذه الولاية لمدة عامين كاملين.. لم يتقدم يوماً واحداً مواطن من نهر النيل يطلب التصديق له بمبلغ من مال الحكومة ولا أرضاً يقطنها.. والناس هنا عفيفون شرفاء كرماء.. هم من يدفعون إلى الدولة ويكرمونها.. وقال الوالي كنت في زيارة إلى بعض مناطق الولاية وقطع الطريق أمامي رجل من الجعليين.. ورفض إلا لقاء الوالي وحينما التقيته أقسم علي بأن يستضيفني في بيته، وحينما رفضت حمل كميات كبيرة من البلح ووضعها في العربة.. وسألت المواطن ماذا تطلب من الحكومة فقال لا شيء والله نحن لولا فضل الله وإيماننا لما سألنا الله شيئاً.. وقال “مسار” إن ولاية نهر النيل هي رأس السودان وبقية البلاد هي الأرجل والأيادي.. وإذا انقطع الرأس مات الجسد.. وقد أشاد رجل الأعمال “محمد حمد أحمد الفكي” بزيارة “حميدتي” لنهر النيل وتواصل وتمازج السياسي والاجتماعي والثقافي.. وقد وجدت الزيارة ارتياحاً في أوساط المواطنين.