.. جماعة (أصحاب الإمام الهادي) تعود مجدداً للساحة السياسية وتثير حالة من القلق
تطورات جديدة في الذكرى (47) لضربة الجزيرة أبا
ونذر الفتنة تلوح في المنطقة وقيادات الأنصار تحذِّر
الجزيرة أبا ـ سيف جامع
بشكل مريب ومثير للاستغراب توافد المئات مِن مَن يسمون أنفسهم أنصار الله وأصحاب الإمام “الهادي”، إلى الجزيرة أبا، بولاية النيل الأبيض، معقل الأنصار، بالتزامن مع مرور سبعة وأربعين عاماً، على استشهاد الإمام “الهادي المهدي”، عقب خروجه من الجزيرة أبا، بقرار من مجلس شورى الأنصار حقناً للدماء، بعد اشتداد القصف العنيف على الجزيرة أبا، من قبل نظام الرئيس الراحل “جعفر نميري” عام 1970م.
وخلال زيارة الإمام “الصادق المهدي” للمنطقة، الأسبوع الماضي، حبس الناس هناك الأنفاس، تحسباً لحدوث كارثة وتصادم دموي بين الجانبين، نسبة لحالة الاحتقان الواضحة التي ظهر بها فريق (أنصار الله، أصحاب الإمام الهادي) والذين قدر عددهم بأكثر من (1000) شخص، مسلحين بالأسلحة البيضاء (سكاكين، سيوف، حراب) تقاطروا للمدينة من عدد من ولايات البلاد.
ورغم مرور سنوات عدة على أحداث مارس، لم يحتفل جماعة أنصار الهجرة، بهذه الصورة المثيرة للجدل والتساؤلات، حيث ظهروا أكثر تنظيماً. ويقر الكثير من الأنصار بأن وفاة الإمام “الهادي” حقيقة لا يمكن إنكارها، إلا أن الجدل حول مصيره ما زال مستمراً وسط بعض من الأنصار. إذ يعتقد البعض أن الإمام “الهادي” لم يقتل، وأن الرفات التي نقلت من الحدود الإثيوبية إلى أم درمان عام 1986م، تعود لشخص آخر، وأكثر ما زاد من ذلك الخلاف تأكيد نجله، “والي الدين الهادي المهدي” ـ رئيس حزب الأمة الإسلامي ـ الذي يحظى بدعم جماعة غالبيتها من كبار السن، على ذلك الإدعاء لكن غياب والي الدين الهادي عن المشهد السياسي فى السنوات الماضية اضعف الفكرة
وفي احتفال هيئة شؤون الأنصار الأسبوع الماضي بذكرى أحداث مارس 1970م، ظهرت جماعة ” أصحاب الإمام الهادي ” أكثر تنظيماً وعدداً وسارعت قبل يوم من زيارة إمام الأنصار “الصادق المهدي” للجزيرة أبا، بالدخول الي المقرات الرمزية لطائفة الأنصار، المتمثلة في غار “المهدي”، وبيت الضيافة (التكية) ومنبر الخطابة الأثري(المنارة) ، الذي تعاقب أئمة الأنصار على صعوده، ويقع أمام سرايا الإمام “عبد الرحمن”. ورفعت الجماعة لافتات احتفالها بالذكري (47) لهجرة الإمام “الهادي”، وهي تتمسك برفض حقيقة وفاته، وكان اللافت هذه المرة هو التنظيم الدقيق لجماعة “والي الدين”، حيث نصبوا الخيم وعلقوا اللافتات وحمل بعض منهم الأسلحة البيضاء، لكن حكمة هيئة شؤون الأنصار بالجزيرة ساهمت في منع أي احتكاك بين الجانبين.
وخلال الفترة الماضية تراجعت فكرة عدم استشهاد الإمام “الهادي”، لجهة أنه لم تظهر، بالمقابل، أي أدلة تؤكد بقاءه على قيد الحياة. وظل بعض من مؤيدي تيار “والي الدين”، يروِّج لبعض الأدلة المادية والمعنوية عن قرب ظهور الإمام “الهادي” ليملأ الأرض عدلاً ونوراً وسيقطع راس الدجال.
ويرى الكثير من نخب وقيادات الأنصار أن نجل الإمام “الهادي” “والي الدين” يدرك جيداً أن والده قد قتل في المنطقة الحدودية على شرق السودان، مع اختلاف الروايات حول وفاته، لكنه يكابر في نفي هذه الحقيقة، لتحقيق مكاسب ومصالح يسعى لها في ذلك الوقت، كما أن آل “المهدي” رغم اختلافاتهم وتقاطعاتهم في العمل السياسي، إلا أنهم يتفقون حول حقيقة استشهاد الإمام “الهادي”.
وفي تعليقه حول ظهور جماعة أنصار الله أصحاب الإمام “الهادي”، قال عضو المكتب السياسي الولائي لحزب الأمة القومي “محمد اسحاق الطاهر”: إن عددهم يقدر مابين (800) إلى (1000) شخص، ومعظمهم من كبار السن. واتهم “الطاهر” جهة لم يسمها، بتمويلهم والوقوف بجانبهم. وقال: إن عدداً منهم موجود هناك ، لكنهم لم يحتلوا منارة الخطابة الا مؤخراً ، وظلوا يقيمون في مسجد في أطراف الجزيرة أبا. وأشار إلى أنهم سبقوا احتفالهم، هذا بصيانة المنارة بتكلفة عالية فوق إمكانياتهم، فضلاً عن ذلك أن تكلفة إعاشتهم كبيرة جداً ، وفي كل يوم هناك بصات تنقلهم إلى الجزيرة أبا بجانب تنظيمهم لمارشات تصاحبها أناشيد بالجزيرة أبا.
وفي خطوة، لا تخلو من خطورة قام جماعة “أنصار الله” بإنزال علم الأنصار المعروف بلونه الأحمر من سرايا الإمام “عبد الرحمن” بالجزيرة أبا، ورفعوا بدلاً عنه رايتهم الصفراء. وظل أهل الجزيرة أبا مذهولين مما يحدث، خاصة وأن عددهم في تزايد، ويشمل عدداً من النساء.
ويشير القيادي بهيئة شؤون الأنصار بالجزيرة أبا، “أحمد درديق”، أن الهيئة مدركة لخطورة ذلك، ولكنها لن تدخل في صراع معهم. واعتبر ذلك فتنة تدعمها جهة لم يسمها. وأضاف إنهم يتبنون أفكاراً تعتبر من الخيال. حيث يعتقدون في عودة الإمام “الهادي” وقطعه رأس الدجال”.
وعلى مقربة من ميدان مسجد “الكون”، الذي خاطب فيه الإمام “الصادق المهدي” حشود الأنصار، كان يقف أمام بوابة بيت الضيافة، عدد من الموالين لـ”والي الدين الهادي المهدي”، يراقبون الوضع، ولعل قلة عددهم، مقارنة مع الحشد المضاد، منع حدوث أي احتكاك بين الجانبين. وكانت تحرشات من قبل أنصار “والي الدين”، قد حدثت في وقت سابق، عندما قامت هذه الجماعة بمهاجمة بعض الأنصار داخل (التكية).
لم يكن الخلاف والصراع بين الأنصار حول استشهاد الإمام “الهادي” وليد زيارة الصادق للجزيرة أبا، لحضور احتفال بمناسبة مرور (47) عاماً، على قصف “النميري” للجزيرة أبا، ومقتل أكثر من (700) شخص، وإنما هو خلاف و صراع قديم برز منذ مغادرة الإمام “الهادي” للجزيرة أبا، وقد تبعه بعد ذلك، عدد من الأنصار أطلق عليهم المهاجرين، عاد الأحياء منهم، بعد حين من الدهر، واستقروا بالمنطقة، وتوفي زعيمهم بالجزيرة أبا “أبكر حمد” في السنوات الأخيرة الماضية، ويعتبر “أبكر حمد” من أشهر المتحمسين لفرضية بقاء الإمام “الهادي” على قيد الحياة. وكان يوزع منشورات ورسائل صوتية منسوبة للإمام “الهادي”.
ووفقاً للمؤشرات الطبيعية، فإن الإمام “الهادي عبد الرحمن المهدي”، لو ظل على قيد الحياة، فإن عمره الآن يقترب من الـ(100) عام، فقد ولد عام 1918م، وتولى إدارة شؤون دائرة “المهدي”، قبل أن يتم اختياره إماماً للأنصار، خلفاً للإمام “الصديق عبد الرحمن المهدي”، والد الإمام “الصادق”.