السياحة بجبل أولياء!!
في طريقي إلى جبل أولياء جال بخاطري كيف جاء الأستاذ “عبد الباسط سبدرات” إلى الخرطوم وفي الخرطوم جامعتها جميلة ومستحيلة، جال بخاطري هذا الطريق الطويل وكيف كان الناس يقطعون المسافة من الجبل إلى الخرطوم في ظل انعدام السيارات الفارهة والطرق المعبدة، كم كانت تستغرق الرحلة آنذاك من الجبل إلى الخرطوم في الظروف الصعبة. وصلت الجبل لتقديم واجب العزاء في شقيقة عديلي “عوض الكردي”، تعجبت لمدخل الخزان الضيق الذي لا يتحمل غير عربة واحدة فقط، إضافة إلى رداءة الشارع نفسه وتكسر الطبقة الإسفلتية التي تؤدي إلى العديد من الحوادث.
إن منطقة الجبل ووقوعها مع الخزان يمكن أن تكون من أكبر المناطق السياحية ولكن ما زالت العقلية السودانية تفتقر إلى الرؤية السياحية، فمنطقة تتوفر فيها كميات كبيرة من الأسماك بالإمكان أن تصبح من أجمل المناطق الجاذبة للسياحة والسياح، ولكن الجهات المسؤولة عن السياحة يبدو أنها لا علاقة لها بالسياحة أصلاً ولو منحت المنطقة للذين يعرفون أهمية السياحة لأدخلت ملايين الدولارات من السمك فقط، خاصة وأن المنطقة أسفل الخزان مباشرة والمياه متدفقة بل بالإمكان أن تكون هنالك قوارب للصيد أو للنزهة والمنطقة أشبه بالشاليهات، فإذا أرادت وزارة السياحة أن تجذب السياح إلى السودان فمنطقة الجبل من أفضل المناطق التي يمكن أن تستغل في هذا المجال، خاصة وأن المسافة ما بين الخرطوم والجبل ليست بعيدة إضافة إلى إنعاش المنطقة وتحريك الشباب وأهل المنطقة.
السودان به العديد من مقومات السياحة ولكن حتى الآن لم نستطع تحريك هذا الجانب فالبعض ربط السياحة بالمجون والخمور وغيرها من المتطلبات الأخرى التي تشجع في هذا المجال، ولكن إن كانت هناك جهات راغبة في استقطاب سياح فليس بالضرورة أن تنظر إلى الجانب السالب فيها، فحتى المناطق الأثرية التي يقصدها السياح لم نفعلها بالصورة التي تستقطبهم، فمناطق الأهرامات في البجراوية وغيرها من المناطق بالولاية الشمالية لم نشاهد سياحاً بالمستوى المطلوب، فالسياحة لها مدارس ولها طرق في عملية جذب السياح ولكن الجدية الأكثر من اللازم عندنا جعلتنا لا نستفيد من كل المناطق السياحية في السودان، ففي البحر الأحمر أو في مدينة “بور تسودان” منطقة أشبه بمنطقة جبل أولياء فاستغلت كمطعم للسمك وأصبح يرتادها كل زائر إلى المدينة، واشتهرت بهذا النوع من الطعام السمك فقط، حتى المسؤولين حينما يذهبون إلى بور تسودان دعوة الوالي أو أي وزير تكون في سوق السمك الذي هيئ بطريقة رائعة جداً، لقد اكتسب سوق أم درمان أيضاً شهرة عالمية وأصبح أي زائر إلى البلاد لا بد أن يذهب إلى السوق لتمتعه بأشياء فلكلورية أصبحت محط نظر الزائر، ولكن في أم درمان نفسها لم نعمل على الترويج لبيت الخليفة عبد الله الذي يحتوي على العديد من إرث المهدية. وفي نظري أن بيت الخليفة من أفضل الأماكن التي يمكن أن تجذب السياح أكثر من السوق أو القصر الجمهوري الذي يقصده الصينيون باعتباره المكان الذي تم التخلص فيه من “غردون” الذي أذاق الصينيين ويلات من العذاب. إن السودان به عوامل كثيرة يمكن أن تكون جاذبة للسياحة ولكن لابد من الجهات المسؤولة أن تستفيد من خبرات آخرين، في كيفية جذب السياح إلى البلاد فأبدأوا بجبل أولياء والسمك جاذب للسياح.