رسالة لرئيس الوزراء
في تسعينيات القرن الماضي كانت الزميلة الصحافية “إشراقة النور” تمثل واحدة من إشراقات صحافة ما قبل التوالي، وما قبل إقرار التعددية والحزبية، لكنها كانت أي “إشراقة” تحفر في صخر شمولية الإنقاذ بحثاً عن حزمة ضوء في عتمة ذلك الليل. وحينها كانت بعض القيادات السياسية والعسكرية تنظر لكبار المسؤولين بعين الرضا عن كل فعل.. وتعتبر مجرد بعث رسالة للرئيس من قبل كاتب أو صحافي في مقام “إشراقة” تطاولاً لا يليق ويستوجب على الأقل الزجر والتأنيب.. وحينما كتبت “إشراقة النور” رسالة للرئيس “البشير” عن أخطاء تراها بعين المواطنين العاديين بعد حادثة غرق منسوبي الخدمة الوطنية في لجة النيل بمعسكر العيلفون، غضب الأخ اللواء “يونس محمود” صاحب “الحديث السياسي”، وكان عضواً بالمجلس الوطني (المعيَّن)، وقال لـ”إشراقة”: كيف تبعثين برسالة مكتوبة للرئيس وتتحدثين بنصائح لقمة الدولة ورمزيتها.. ولماذا تتطاولين على “البشير” ومن أنت حتى تبعثين برسالة للرئيس؟.. وأضاف: (هو أي زول يخاطب الرئيس).. طبعاً اللواء “يونس محمود” حينها ربما لم يسمع بقصة الإعرابية “أمامة” ابنة “حذيفة” التي مزقت ثوب سيدنا “عثمان” رضي الله عنه، وهي تسأل عن الجدب الذي ضرب فلوات أهلها من الخزرج.. ولم يأمر سيدنا “عثمان” بضربها أو تتقاذفها أيادي الحراس الشداد الغلاظ، كما يفعل هذه الأيام حراس المسؤولين إذا اقترب جائع من المسؤولين الكبار يسأل قطعة خبز أو مائة دينار.
ولما أصبح الفريق أول “بكري حسن صالح” اليوم هو المسؤول الأول عن الشأن التنفيذي في الدولة وينوب عن الرئيس بالأصالة في رعاية شؤون ملايين الناس الذين يبعثون يوم القيامة، ومن كان له مظلمة أو تعرَّض لحيف وظلم.. فإن رب العباد يسأل “بكري حسن صالح” يوم لا تنفع حراسة ولا حصانة.. إلا من أدى الأمانة وحفظ دماء المسلمين.. وأرواحهم وأطمعهم من جوع وآمنهم من خوف.
في رسالة للفريق “بكري” الذي آلت إليه كل السلطات اليوم، أن تبسط الدولة سلطانها في مناطق التوترات والنزاعات.. وتبطش بيدها كل من ينتهك أمن المواطنين، وأن تصبح دولتنا راعية للفقراء والمساكين، رحيمة بالشعب وليست باطشة به.. وأن تقول كلمتها علناً عن المواد الكيماوية التي تستخدم في استخلاص الذهب.
هل المواد التي تستخدم تشكل خطراً على صحة الإنسان؟، وبالتالي إذا مات مواطن في جبل عامر أو في صحراء العتمور في الشمالية أو خور تلودي جراء استخدام تلك المادة سيبعث يوم القيامة ويسأل رب العباد عبده “بكري حسن صالح” كيف سمح باستيراد تلك المادة التي تقتل الإنسان وتهلك الزرع والضرع وتهدد البيئة؟.
ويوم الحساب سعادة الفريق “بكري” سيقف المسجونون في الهدى وكوبر.. والأبيض والفاشر وبورتسودان الذين نفذوا مشروعات تنموية لحكومة السودان وفشلت الحكومة ورفضت الوفاء بالتزاماتها وتعاقداتها معهم فذهبوا للسجون مطالبين بسداد ما عليهم.. هؤلاء المظلومين منهم من مات في السجن حسرة وألماً.. يسألك رب العباد لماذا لم تف الحكومة بعهدها. وتعاقداتها.. وإذا جاعت طالبة في داخلية واضطرت لتأكل بثديها فأنت أول من يسألك الله يوم الحساب عن امرأة جائعة في الدولة وليست بقرة متعثرة في أرض العراق.
نقول لك النصيحة جهراً.. ونكتب عن أخطاء الجهاز التنفيذي ونهدي إليك عيوب لا تراها أنت، لأننا نحب ولنا فيك رجاء وعشم وأمل، بتغيير الواقع الراهن.. لمستقبل أفضل.