الديوان

بروفيسور "فتحية عبد المحمود".. قصة حياة لا تعرف التثاؤب!!

عملت في أكبر مستشفيات وجامعات أوروبا وأمريكا
الخرطوم – سيف جامع
في نهاية ثمانينيات القرن الماضي وصلت العالمة والخبيرة السودانية، في مجال الايدز وأمراض العقم، بروفيسور “فتحية عبد المحمود” إلى قمة مجدها العلمي والمهني، حيث عدت ضمن أبرز أطباء أمراض النساء والتوليد على مستوى العالم، فقد بدأت مسيرتها المهنية في مستشفى الخرطوم عقب تخرجها في جامعة “خاركوف” الوطنية للطب بأوكرانيا قبل أن تمتد شهرتها إلى أوروبا وأمريكا وأفريقيا بحكم عملها في محاربة الايدز.
سافرت بروف “فتحية” إلى أكثر من (50) دولة واعتلت المنصات بجانب رؤساء دول أفريقية عدة، وحالياً تتمتع بصداقات كبيرة مع الدوائر العلمية خاصة في أمريكا وأفريقيا.
خرجت بروفيسور “فتحية” من بيت علم ومعرفة ودين، فأسرتها من منطقة السروراب الشيخ الطيب، وشقيقتها السياسية المعروفة بروفيسور “فاطمة عبد المحمود” أول مرشحة لمنصب رئيس الجمهورية في البلاد.
بحكم تفهم الأسرة لأهمية العلم وافق والد الطالبة “فتحية عبد المحمود”على سفرها إلى دراسة الطب بالخارج، فقصدت جامعة “خاركوف” الوطنية للطب بأوكرانيا، لتحصل على دبلوم طبي بعد ست سنوات ثم التحقت بكورسات في مستشفى “كوين شارلوت” و”تشيلسي” بإنجلترا، وكذلك تدربت في مستشفى “أكسفورد” الجامعي، قبل أن تسافر إلى الولايات المتحدة الأمريكية لمواصلة الدراسة. وهنالك حصلت على درجة بروفيسور مساعد من معهد الصحة القومي بالولايات المتحدة الأمريكية. في الولايات المتحدة الأمريكية واجهت بعض المصاعب، حيث طلب منها بعد قبولها العودة إلى السودان، والحضور بعد عام حتى تتمكن وزارة العدل الأمريكية من فحص أوراقها القانونية، فرجعت إلى الخرطوم وقضت عاماً في مستشفى الخرطوم.
عادت إلى السودان من أمريكا بعد أن وعدت بالالتحاق بمعاهدها الصحية. وفي هذه الفترة اختيرت للعمل في عيادة (تنظيم الأسرة والعقم) بمستشفى الخرطوم بتمويل من منظمة الصحة العالمية، قبل أن تحصل على منحة لمدة عامين في إنجلترا، بعد أن استمع إليها رئيس المجلس البريطاني في ندوة بجامعة الخرطوم حول العقم وختان الإناث.
وفي بريطانيا قضت أربع سنوات كمتدربة في مجالها، فنهلت من العلم والمعرفة فتخصصت في مرض العقم والهرمونات على يد أشهر أطباء بريطانيا د. “غوردن استيورد”، ود. “اندر اندرسون” المتخصص في أمراض سرطان الثدي لتحصل على درجة أستاذ مساعد في علم العقم والهرمونات.. ومن بريطانيا سافرت إلى واشنطن ومعها توصية من بروفيسور “غوردن” تعينها في الالتحاق بالجامعات الأمريكية، لكي تحصل على شهادة ما بعد الدكتوراه في الخصوبة والهرمونات، وقضت ثلاث سنوات في عمل مكثف ثم تدريبي في العمل الإكلينيكي والبحث العلمي الشاق.
وفي المعهد القومي للصحة بأمريكا فتحت أمامها كل الأبواب على مصراعيها لتبحر في العمل. فرغم أن المعهد يتبع للجيش الأمريكى إلا أنه وثق بها وحظيت بوظيفة مرموقة وسلمت مفتاح عربة خاصة تقودها بنفسها وأوكلت إليها أول مهمة وهي المشاركة في مؤتمر بكندا. وهنالك قدمت لها دعوة للمشاركة في مؤتمر صحي بإسرائيل، لكنها رفضت.. وتعدّ بروفيسور “فتحية” أول سودانية وثاني أفريقية تلتحق بالمعهد القومي للصحة الأمريكي، وهنالك سهرت الليالي لتنجز بحثاً عن الحيوانات. وعقب حصولها على درجة الدكتوراه تم قبولها في المستشفى العسكري بالولايات المتحدة الأمريكية، وعملت فيه باحثة في الأمراض التناسلية حيث قضت سنة كاملة. وتقول إن سيارتها الخاصة كانت تحمل علامة الجيش الأمريكي.
أسست العالمة السودانية “فتحية عبد المحمود” أول منظمة أفريقية لمحاربة الايدز (سوا)، وتحكي لـ(المجهر) كيف جاءت فكرة المنظمة قائلة: (في واشنطن أقيم المؤتمر الثالث للايدز، والتقيت فيه بطبيبة أفريقية تدعي “إليزابيث” قدمت ورقة حكت فيها عن معاناة المرأة الأفريقية من المرض. وبعد المؤتمر اصطحبت “إليزابيث” إلى شقتي في واشنطن، وتحدثت معها بأن المرض يفتك بالمرأة في أفريقيا أكثر من الرجل لأن المرأة قدرتها المالية أقل وقد تستجيب للممارسات غير الصحيحة)، وتواصل قائلة: (في الثمانينيات كان الايدز قد انتشر، ولم يكن له علاج، وصادف أن سافرت في عام 1985م إلى لاغوس بنيجيريا للمشاركة في مؤتمر عن الايدز ممثلة لمعهد “الصحة الأمريكي”. وكان العالم حينها يتحدث عن الايدز وخطورته وتصاعدت الاتهامات بين علماء أمريكا وأفريقيا عن من تسبب في المرض). وأضافت: (وسبق لي أن حظيت بحضور كل المحاضرات بأمريكا عن الايدز، وكنت أمتلك معلومات عن المرض، وبعد نهاية المؤتمر جمعت كل الطبيبات الأفريقيات المشاركات في المؤتمر، ودعوتهن إلى اجتماع بالمساء واقترحت عليهن تكوين منظمة أفريقية لمحاربة الايدز). وقالت: (بالفعل أسسنا المنظمة وتواعدنا بأن نلتقي العام المقبل في مؤتمر الكاميرون، وكنت أتراسل معهن بالفاكسات ووجدت قبولاً منهن واتفقنا على قيام أول مؤتمر للمنظمة بعد عامين). وتقول بروفيسور
“فتحية”: (كانت الأمين العام لـ”سوا” من نيجيريا وذهبنا إلى نيويورك وطلبنا تمويلاً من إحدى المنظمات. وبالفعل حصلنا على “5” ملايين دولار للمؤتمر وسألتنا المنظمة المانحة أين نضع المبلغ؟ قلنا لهم سنفتح حساباً بنكياً في أحد بنوك العواصم الأفريقية).
أوضحت بروفيسور “فتحية”: (في البداية خططت لقيام المؤتمر ومقر المنظمة بالخرطوم، لكن المنظمات المشاركة اعتذرت عن الحضور. وذهبت إلى كينيا وتنزانيا أيضاً رفضوا استضافة المؤتمر والمقر الدائم، وفي النهاية وافقت دولة السنغال أن تكون مقراً.. ومن هنالك ذهبت إلى هراري، وفيها أعرف مديرة الدراسات الاجتماعية تعرفت عليها في واشنطن، وأقمنا أول مؤتمر في دولة زيمبابوي “هراري” وقدمت الدعوة لوفد السودان مدير جامعة الخرطوم واختصاصي الأطفال “طاهر الشبيلي”، و”آمال أبو بكر”، وصحفية جنوبية، وفي هراري طلبت من كل الطبيبات الممثلات للدول الأفريقية تكوين فروع للمنظمة “سوا”، وأن يكن هن الرئيسات فتوالت المؤتمرات، بعد ذلك في عدة دول). وقالت: (وقد استضاف السودان في 2003م مؤتمر منظمة “سوا” لمحاربة الايدز بمشاركة (15) دولة أفريقية، وخاطبه حينها نائب رئيس الجمهورية، برعاية من السيدة الأولى حرم رئيس الجمهورية “فاطمة خالد”، وعضوية كل من اللواء “نور الهدى” و”مريم الصادق المهدي” ودكتور “حاج حمد”).

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية