لفصل الشتاء وقع خاص في نفوس المؤمنين
ربيع المؤمن.. ليلُه قيامَ ونهاره صيام
المجهر – باشاب
بعد أن ظن الكثيرون أن فصل الشتاء قد غادر تاركاً المساحة للصيف فوجئ الجميع بعودة عنيفة له.. وبعد أن وضع الجميع ملابس الشتاء في ركنها القصي عادوا إليها لتقيهم برودة الطقس (الصقيع) و(الزيفة) و(الزمهرير).
ومن الملاحظ هذه الأيام إقبال الناس بكثافة على تناول المأكولات والمشروبات الشتوية بشكل يومي لأنها تساعد على التدفئة عبر تأثيرها على درجة حرارة الجسم.. وفي الشتاء تزداد الملمات الأسرية وتكثر ليالي الأنس بين الأصدقاء والجلسات المسامرة مع الجيران، ومع كل ذلك يجب أن لا ننسي أن للشتاء وقعاً خاصاً في نفوس المؤمنين.
{ تفكر وتدبر
الشتاء من الفصول الكونية والأزمان التي يجب فيها الإكثار من فضيلة التفكر والتدبر.. التفكر في نزول برده وطول ليله وقصر نهاره مما يعين على التقرب إلى الله و تقوية الأيمان لقوله تعالى: (إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ* الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ).. (آل عمران: 190 – 191).
{ قيام وصيام.. أدعية وأذكار
وصف الشتاء بأنه ربيع المؤمن، بمعنى أنه يستفيد منه في العبادة والتقرب إلى الله سبحانه وتعالى، وهنا نستشهد بحديث أخرجه الإمام أحمد عن أبي سعيد الخُدْري عنِ النبي- عليه الصلاة والسلام- قوله: (الشِّتاء ربيعُ المؤمِن)، وزاد البيهقي وغيره: (طال ليلُه فقامَه، وقصُر نهارُه فصامَه).. وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: (مرحباً بالشتاء؛ تتنزَّل فيه البَرَكة، ويطول فيه الليلُ للقيام، ويقصُر فيه النهار للصِّيام).
ومما سنَّه النبي- عليه الصلاة والسلام- من الأدعية والأذكار، ما يكثُر احتياجُه في الشتاء خاصة، كالدعاء عند هبوب الرِّياح؛ يقول- عليه الصلاة والسلام-: (الرِّيح مِن رَوْح الله، تأتي بالرَّحْمة وتأتي بالعذاب، فإذا رأيتموها فلا تسبُّوها، واسألوا الله خيرَها، واستعيذوا بالله من شرِّها).
ومن الأشياء التي يجب على المسلم الانتباه لها والاعتناء بها في الشتاء إسباغُ الوضوء وإتمامه، فلا يجعله الشعورُ بالبرد عن عدم إكمالِ الوضوء لأعضائه وإتمامِها، بل إنَّ ذلك الإتمام والإسباغ وقتَ المكارهِ هو ممَّا يكفِّر الله به الخطايا، والمكاره تكون بشدَّة البرْد أو الحرِّ أو الألَم، فيحتسب المسلِمُ تلك الشدَّةَ وهو يتوضَّأ بأنَّها مِن مكفِّرات الخطايا، ورافعات الدَّرَجات؛ وهنا يقول– عليه أفضل الصلاة والسلام- :(ألاَ أدلُّكم على ما يمحو الله به الخطايا، ويرْفَع به الدرجاتِ؟ قالوا: بلى يا رسولَ الله. قال: إسْباغُ الوضوءِ على المكارِه، وكَثْرة الخُطَى إلى المساجِد، وانتظار الصلاة بعدَ الصلاة، فذَلِكُم الرِّباط).
ختاماً.. نقول إن المؤمن خصّه الله بكثير من النعم والفضائل، أهمها فضيلة التفكر والتدبر في مخلوقاته سبحانه وتعالى، وفي مقدمتها سننه الكونية.