النجمة تتشرف بيك!!
من الأجهزة التي إذا ذكر اسمها يشعر الإنسان بالخوف والرعب، حتى مبانيها إذا مررت بها تصاب بعدم الأمان والاطمئنان. وأذكر إبان العهد المايوي كلفنا الأستاذ “أحمد البلال الطيب” وكان وقتها رئيساً لقسم الأخبار بصحيفة (الأيام) بالذهاب إلى مكاتب جهاز الأمن الحالية قبل أن تدخل عليها عمليات التحديث للحصول على معلومات من أحد المسؤولين بناء على عملية ضبط إحدى الخلايا المعادية للنظام.. المبنى كان كئيباً وتحس بالرعب من مدخله، وكانت تلك آخر مرة أدخل فيها الجهاز.
هذه المقدمة سقتها للحديث عن الفريق أول مهندس “محمد عطا المولى عباس” رئيس جهاز الأمن والمخابرات الذي تم تكريمه من قبل رئيس الجمهورية أمس ومنحه نجمة الإنجاز التي تعد شرفاً للجهاز قبل أن يتشرف سعادة الفريق بها. لقد عرفت الفريق “محمد عطا” في العام 1996 تقريباً عندما كان بمستشارية السلام، وكان لي شرف إجراء أول لقاء معه في تلك الفترة، ولم يقم أي صحفي بعدي بنيل شرف الحوار معه خلال تلك الفترة إلى أن اختفى عن الأنظار وعن الصحافة إلى أن تم تعيينه رئيساً للجهاز خلفاً للفريق “صلاح قوش”
يتمتع الفريق “عطا” بحس أمني عالٍ وصبر شديد وصمت لا يتوفر إلا لدى أصحاب المهام الصعبة، بالإضافة إلى العلاقات الاجتماعية والاختفاء عن الأنظار في المناسبات المختلفة، لذلك يعمل في صمت شديد، ولم نعرف له أي تصنيف أو أية جماعة كما هو معروف لدى الكثيرين في الدولة (ديل جماعة فلان وديل جماعة علان)، وقد أبعد نفسه تماماً من هذا التصنيف، ووهب نفسه للعمل بل خرج بالجهاز إلى المجتمع وظل يدعم أعمال الخير والأندية الرياضية، وكون مجموعات لخدمة هذا الوطن عبر أجهزته المختلفة، ولم يعد الجهاز الذي يخيف الناس.. ونحن رؤساء التحرير أكثر عرضة للمساءلة اليومية أو الأسبوعية أو في أي وقت يستوجب الأمر استدعاء رؤساء التحرير للسؤال عن ما نشر بالصحيفة وكان فيه إضرار بالمصلحة الوطنية العامة أو تعدى الخطوط الحمراء.. ونحمد للقائمين على الأمر من أفراد الجهاز التعامل الراقي معنا، وهذا هو الخط الذي وضعه سعادة الفريق، بل هناك تعامل مباشر مع رؤساء التحرير معه خاصة في اللقاءات العامة أو أي عمل يستدعي اللقاء معه، لذلك فإن ما يقوم به من عمل يستحق عليه التهنئة.. والصرح العملاق الأكاديمية العليا للأمن يعد من الإنجازات الكبيرة التي تمت في عهده، وستظل تقدم خدماتها لمنسوبي الجهاز، بل سيذكره التاريخ يوماً ما بناء على ما قدمه.
إن تكريم الفريق أول “محمد عطا” من قبل رئيس الجمهورية هو تقدير لما قام به من إنجاز شخصي، وما قامت به كل أجهزة المخابرات التي تعمل معه حتى رأى هذا الصرح النور شامخاً في علياء الوطن، وبه مسحت الصورة السالبة التي كنا ننظر بها إلى جهاز الأمن والمخابرات ظناً منا أنه جهاز للاعتقال فقط، ولم ننظر إلى المهام الأخرى التي يقوم بها.. والأكاديمية بالتأكيد ستتيح فرصاً أكبر وأوسع لرسم السياسة العليا للدولة وكيفية التعامل مع المهددات، والحفاظ على أمن واستقرار الوطن.