فوق رأي
مليون وخمسين درجة تاريخية
هناء إبراهيم
بعد الاحتكاك ومتابعة سير المناسبات عن قرب، وحضور عدة أعراس وأتراح بعدد من الولايات، ثبت لي ما يدعم اعتقادي بقوة وفاعلية كلمة ناس زمان.. كلمتهم قوية لدرجة أنها لو صاح أو غلط سارية المفعول إلى هذا اليوم.
أو إلى نهاية التاريخ أظنو..
لازم تطبق عاداتهم في الأفراح والأتراح..
الاحتمال الأقوى، يا كلمتهم قوية زيادة عن اللزوم لذا سارت في زمانهم وزمان غيرهم يا نحن هشين ومطيعين زيادة عن اللزوم..
نسمع كلامهم في الشين والسمح..
وهسه شربنا الشاي..
قبل يومين من مراسم زفافهم حدثت حالة وفاة في العائلة وبالتالي أصبحوا (حادين) بينما العرس قائم فقد عزموا الناس (رايك شنو في العربي دا)..
المهم تجي عمة العريس تقول (حننو على العادة) فتتم الحنة بي غُنا الدلوكة السمح داك، وتجي حبوبتو تقول (جرتقو على العادة) فيتم الجرتق ويجي عمو مثلاً يقول (أجلدو.. كفتو.. أو أي حاجة على العادة).. فتجدهم فجأة دخلوا في تناقضات ما بين عاداتهم في الحد والحداد فوق ثلاث ليال وعاداتهم في الحنة وطقوس العرس الكويسة منها والفارغة.
في ناس من عاداتهم الحداد مدى الحياة..
والله جد..
يعشقون الحزن عشقاً جما..
يعطونك انطباعاً بأن هذه العادات والتقاليد القديمة إن لم تطبق فقد يذهبون إلى جهنم الدنيا ويصابون بالسعر وأمراض الزواج المائة وعشرين ومن ثم سوف يموتون حرقاً وغرقاً ورمياً بالرصاص..
والله جد..
في زول عشان يقنعك بحاجة بحاول يقدمها ليك في طبق علمي كأن يقول (أثبتت دراسة علمية أن كذا كذا) وثمة من يسلبط (عمايل دماغو) في العادات والتقاليد بما إنها كتيرة وما كل زول بعرفها.
أذكر أن عروس وقبل بدأ عملية الجرتق وجدت على يمينها سلة مليئة بالفول والنبق وأشياء من هذا النوع، وأظنها في تلك اللحظة استحضرت رمي الجمرات فصارت (تكمش) من هذه السلة وتختارني من بين كل الحاضرين في تلك الزحمة لترميني بعنف معتبراني الشيطان أظنو.
والله جد..
كانت هي مبسوطة جداً بهذا الفعل العنيف وكنت بصور فيديو فـصبرت على هذا الأذى معتقدة أنه ضمن عاداتهم وتقاليدهم..
فيما بعد اكتشفت أن هذا الطبخة من عمايل إيديها ولا دخل للعادات والتقاليد بالموضوع.
وغايتو الناس تحتسب..
على صعيد متصل، أكثر ما يعجبني في عادات وتقاليد أهلنا في (بحر أبيض) حين يذهبون إلى البحر (والمقصود النيل) لاستكمال مراسم الجرتق فإنهم ينقسمون إلى فريقين (العريس والأولاد) و(العروس والبنات) ويذهب كل فريق إلى مكان ما بالقرب من البحر ليضع خطته في مواجهة ومباغتة الطرف الآخر في عملية رش اللبن وموية النيل وغيرها من المنافسات الطريفة.
أثناء ذلك تتبادل العروس ملابسها مع إحدى البنات بهدف تضليل العريس الذي بدوره قد يفعل ذات الشيء مع أنداده، فتدور جولات ومنافسات غالباً ما تنتهي بفوز العروس لسبب وجيه هو إنو البنات بعرفن يحرشن ولأنو (كيدهن عظيم)..
أقول قولي هذا على سبيل الحكي.
و………
أيامنا