أخبار

امتحان الوزراء

في هذه الأيام يعيش الوزراء على  وقع التغيير القادم.. وما بين الرحيل من الكرسي الوثير والبقاء لدورة قادمة يصبح الوزراء مثل طالب متوسط الذكاء، جلس لامتحانات الشهادة السودانية وتنتظره الأسرة لتحقيق شيئ من أحلامها، وإعلان النتيجة تبقت له أيام محدودة.. الوزراء بشر عاديون لهم آمالهم في الحياة ومشاريعهم الخاصة.. بعضهم شرفاء دخلوا الوزارة حالهم مستورة ولم يسرقوا مالاً لطفل يتيم ولم تتطاول عماراتهم في أحياء كافوري والشهيد طه الماحي وقاردن سيتي، حيث الثراء العريض والحياة المخملية.. والجنة في الدنيا قبل جنة الآخرة.. وزراء في الحكومة لا يملكون سيارة خاصة ولا حسابات بالعملات الصعبة.. ولم تتبدل حياة أسرهم من حالة الناس العاديين إلى الأثرياء الذين تنزلت عليهم بركات السلطة، مثل هؤلاء لا يشغلهم التعديل الوزاري المنتظر.. ذهب أحدهم أو بقي في المنصب.. وقد ذهب من قبل وزراء كُثر.. توارى بعضهم عن المشهد وحلبة السياسة واختار العيش بعيداً عن جلباب الحكومة، وبعضهم منذ مغادرته المنصب (جن جنونه) وأكثر من الحديث في المناسبات الخاصة والعامة.. أصبح بعضهم (إصلاحياً) بعد أن كان (مخرباً) في الوزارة.. لجأ البعض إلى السوق وقد أصبح ثرياً وضمن مقعده في اتحاد أصحاب العمل وأصبح رجل مال وأعمال.
في مثل هذه الأيام لا يتخذ الوزراء قرارات قد تطيح بهم من مواقعهم.. ولا يتحدثون للصحافة خشية (انزلاق) اللسان وتفسير الحوار بأنه محاولة لتلميع النفس وتذكيتها.. وبعض الوزراء تخف حركته ويرد على المتصلين به حتى ولو كانوا من عامة الناس ويكثر تردد الوزراء على دور أحزابهم حتى لو كانت حزب الرجل الواحد، فإن الرجل يخشى أن يخرج من طاعته إخوانه وإخوان زوجاته وأبناء عمومته الذين جاء بهم أعضاء في المكتب السياسي لحزبه المنشق أصلاً عن حزب أصيل.. أما المؤتمر الوطني فإن بعض الوزراء أصبحوا لا يتأخرون عن حضور اجتماعات الأمانات والقطاعات.
وأغلب ولاة الولايات (يمموا) شطر الخرطوم من كوستي حيث افتتاح الدورة المدرسية إلى مقرن النيلين ينتظرون إعلان رئيس الوزراء في الساعات القادمة والإصغاء للأخبار هل من جديد؟؟ وقد خلت الولايات الآن من ولاة أمرها الذين هم الآن في (أمر أنفسهم) يشغلهم مستقبل الكرسي أكثر من جروح المواطنين.. ويتولى الآن الوزراء الولائيون إدارة الولايات إلى حين عودة الولاة والأيادي على القلوب.. ولكن بالطبع هناك استثناء.. ولاة يثقون في أنفسهم وفي قدراتهم وفي قياداتهم المركزية وفي كتاب إنجازاتهم خلال الشهور القليلة التي مكثوها في مواقعهم في الواقع أداء الوزراء.. وهناك نسبة كبيرة دون الوسط.. أما وزراء الدولة من الشباب حديثي العهد بالمنصب الوزاري فقد كتب بعضهم شهادة لصالح الشباب، وقدم آخرون أداءً (كارثياً) جعل تغييرهم وتبديلهم بوجوه جديدة هو الخيار الغالب، وزراء حكومتنا حالتهم تغني عن السؤال حتى إعلان التشكيل الجديد في قادم الأيام.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية