أخبار

الأثر الباقي

فجعت أمس مثل المئات غيري هرعوا إلى مكتبات العاصمة الخرطوم بحثاً عن المعروض من كتاب ذاع صيته من خلال الدعاية التي صاحبت صوره قبل أن يطلع عليه الناس.. ألا وهو كتاب “الترابي…الأثر الباقي ” . ومصدر الفجيعة ليست في محتوى الكتاب وحده، بل في سعره الذي جعله بعيداً جداً عن قطاع عريض جداً من الناس.. وقد أخذ القراء يقطعون المسافات بين المكتبات السودانية الثلاث الدار السودانية للكتب التي تمثل دار الإسلاميين لاهتمامات مالكها “عبد الرحيم مكاوي” بحركة الصحوة الإسلامية في السودان وغيره.. وهناك في أقصى شرق الخرطوم مكتبة عزة التي هي على النقيض من الدار السودانية وتقف على مسافة قريبة جداً من الحزب الشيوعي أو اليسار السوداني بصفة عامة.. والمكتبة الثالثة هي مروي التي تملكها أسرة قبطية شهيرة.
واهتمامات أقرب للصفوة الأكاديمية وتلبية أشواق الصبية واليافعين في عرض المنتج من الكتاب وما عدا هذه الدور، فالخرطوم أصبحت جرداء غشاها الجفاف الثقافي وضرب فلواتها الجدب الفكري وشغلها الخبز والواتساب والفيسبوك عن كل كتاب نافع أو دورية تعنى بتنمية المواهب رغم أن بالبلاد وزارة ثقافة ورهط من الوزراء الذين جاءت بهم أغراض شتى، ولكن ليس من بينها الثقافة.
وكتاب “الترابي” الأثر الباقي لم أتبيَّن هل عائد ريعه سيذهب لتشييد قاعة باسمه أم حفر بئر في بادية الكبابيش لتسقي العطشان؟، وذكر بادية الكبابيش مجرد مثل لا يمت لـ”عثمان الكباشي” الذي أهتم بالأثر الباقي للدكتور “الترابي” ومعه نخبة من المحررين للكتاب الذي وزع أمس، بسعر أربعمائة وخمسين جنيهاً، للنسخة الواحدة.. وهو مبلغ يضع حائطاً سميكاً وجداراً عازلاً بين ما كتب عن الشيخ “الترابي” والملايين من الذين أحبوه في حياته والذين أحبوه بعد رحيله.. من أحبوا “الترابي” عن بصيرة.. وعن عاطفة وعن فكرة وحتى عن مصلحة. و”الترابي” حمل بعض تلاميذه على كتفيه من الفقر والعوز إلى الثراء والسلطة والأسفار والفارهات من مطايا الدنيا.. الفقراء المعوزون من قطاع الموظفين والموظفات إذا اشترى أحدهم كتاب “الترابي” فإنه يحرم أطفاله من لبن الصباح ويهدد أمنه الاجتماعي.. لأن بعض العمال والموظفين رواتبهم لا تزيد عن ألف وخمسمائة جنيه، كيف لهم اقتناء كتاب لا يستطيعه إلا قليل من مترفي المدينة.
أما مضمون الكتاب فالفجيعة فيه أكبر.. هي حزمة من كتابات منشورة في الصحف السيارة وفي مواقع التواصل الاجتماعي وفي الصحافة الأجنبية التي أصبحت لا يمكن الوصول إليها إلا عبر (الانترنت)، كتابات سودانية وعدد محدود جداً من الإسلاميين وغيرهم من الأجانب وقصائد في رثاء الفقيد الكبير وكلمات الزوار والوفود التي جاءت لتعزي السودانيين في مصابهم الجلل.. جمع المحررون هذه المقالات ونشرت في الكتاب الموسوم بـ”الترابي” الأثر الباقي.. فهل تريدون سادتي الاستثمار في اسم “الترابي” وهو بين يدَيْ الله بعد أن استثمر البعض في اسمه لسنوات طويلة.. لنا عودة.
{ إلى السفراء
اعتذر للأخوة سفراء بلادي من هم في الخدمة ومن ترجلوا، لأن كلمة (بعض) قد سقطت من جملة وردت في حديث (السبت)، والحديث عن ترشيح الدكتور “عبد الله حمدوك” لمنصب مساعد الأمين العام، حيث جاء في الفترة (سفراء بلادي المنتشرين في بقاع الأرض وهم أقل من قامة هذا الشعب) وقصدت بعض سفراء السودان المنتشرين في بقاع الأرض وهم أقل من قامة هذا الشعب.. نعم هناك نماذج مشرِّفة وسفراء مخلصون لوطنهم.. ولكن هناك من يمثلون بالسودان ويحرصون على امتيازاتهم وعائدات العمر فترة التكليف الخارجي ولا يهتمون بما يجري في البلاد.. وإلا حدثونا عن أسباب إدانة السودان في كل منبر.. وفشل الدبلوماسية الرسمية في تقديم حلول لما هو عصي في علاقاتنا ببعض الدول إلا بعد انتهاج الرئيس لدبلوماسية المبعوثين، اعتذر لمن أصابه قرح من قلمي في سياق عبارة كتبتها منقوصة.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية