عام يلملم أطرافه للرحيل!!
لم يتبق من نهاية هذا العام إلا أيام قلائل ليلملم أطرافه معلناً الرحيل، وها نحن نجتر ذكرياته بكل ما تحمل من إيجاب وسلب وحلو ومر، علينا وفي نهاية كل عام يستعد الناس لإنهائه بالصورة التي يرونها مع الأسر أو في الأندية أو الصالات المغلقة أو المفتوحة، ويختار كل امرئ ما يناسبه من أهل الفن والغناء ليستمتع معهم، وها هم أهل الطرب نشروا وفودهم وإعلاناتهم لهذا اليوم.
إن العام الذي سيرحل عنا بعد أيام بالتأكيد فيه المفرح والمحزن، وكم من فرح وكم من ابتهاج حل بأسر وبيوت، وكم من أسر سعدت وفرحت بإكمال مراسيم أبنائها شباب أو فتيات، كم من (مزيقة) عزفت لحن الحياة والخلود، وكم من أسر رقصت وابتهجت بيوم أو أيام جميلة في حياتها بهذه الزيجة الرائعة التي شدا فيها الشادي ورقص على أنغامها المحبون والأصدقاء والأب والأم والأخت والأخ والأصحاب. سيظل هذا اليوم بالتأكيد خالداً في وجدانهم وستظل لحظات السمر واللهو الجميل مطبوعة في مخيلتهم، ونحن أهل السودان نحاول أن نجد لأنفسنا لحظة فرح نستمتع بها في ظل الظروف الصعبة التي نعاني قسوتها، ولذلك نحاول أن نجد لحظات للفرح وللتغيير.
وعام سيمضي بالتأكيد سيكون محفوراً في الذاكرة، بكل ما فيه من المعاناة والمتغيرات التي طرأت على الساحة السياسية والاقتصادية من رفع الدعم عن المحروقات، وكيف كانت قسوتها على المواطن في زيادة المرتبات والعلاوات والبدلات على قلتها، ولكنها كانت نوعاً من التغيير والتجديد في المرتبات.
إن العام 2016م، كل شخص ينظر إليه بمنظاره الفاحص والدقيق، فهناك من كان يجده عاماً سعيداً تحققت فيه أمانيه الطيبة، ومنهم من يرى أنه عام بؤس وشقاء ومعاناة وأحزان، ولكن هكذا الأعوام منها من يأتي بالسعادة على الشخص، ومنها من يأتي بالبؤس عليه، وكلها مكتوبة في الأزل الشقاء والسعادة، والسعيد من يتقبل الاثنين بروح واحدة، ونحن نودع العام لنستقبل عام جديد، نأمل أن يكون الجديد أفضل من سابقه، إذا كان المضى فيه عثر ومشقة ومعاناة، وبالتأكيد ليس كل الأعوام مرة أو حلوة أو كلها سعادة أو كلها أحزان، فالمولى يوزنها بمقياس دقيق ويجب أن نتقبل مقياس المولى بالطريقة التي يريدها لنا خيراً أو شراً، سعادة أو حزناً، وإذا ودعنا العام الماضي فنحن نستقبل عام النصر والحرية والمستقبل الزاهر، فبعد يوم من انطفاء شمعة العام الماضي نستقبل عيدنا الحقيقي عيد استقلالنا وانعتاقنا من ظلم المستعمر إلى فضاء الحرية الكاملة التي نتنسم عبيرها بفضل الراحلين من الآباء والأجداد الذين ضحوا بدمائهم الطاهر وروا الأرض بها ليصبح السودان وطن خالٍ من القيود ومن قبضة المستعمر الذي كبلنا بقيوده وأذلنا طوال فترة حكمه الغاشم واللئيم حتى نلنا حريتنا الكاملة منه وأعدناه القهقري إلى دياره حاسر الرأس، ونحن نستشرف هذا العبير ونستقبل العيد الحادي والستين من عمر استقلالنا، ينبقي أن تتحد كلمتنا وأن نعمل على وحدة الصف والبناء بروح الفريق الواحد، بدلاً من التشتت والتشرذم ونأمل أن يكون هذا العام في ظل حكومة جديدة ومتحدة تعمل على إنقاذ البلاد والعباد من الحالة التي يعيش فيها من تدهور في الاقتصاد وتردٍ في الخدمات ووقف لمعاناة المواطنين حتى ننعم بوطن واحد يضم الجميع.