رأي

مسألة مستعجلة

 تشوهات الحكم اللا مركزي!!
نجل الدين ادم
تشوهات واضحة بدأت تنخر في جسد تجربة الحكم اللا مركزي، وهي تتبدى في عدم تطبيقها بالنحو المطلوب، لذلك اختارت الحكومة إجراء بعض المعالجات بين الحين والآخر وهي في نهاية الأمر لا تعدو أن تكون سوى ترقيع!، ومؤكد أن هذا الترقيع إذا استمر بهذا النسق، فإننا لن نجد تجربة نحكتم إليها أو تحكمنا! وسوف يتمزق هذا الكساء من نظام الحكم.
لم يكن تراجع الحكومة عن مبدأ انتخاب الوالي والعودة للتعيين هو التشوه الأول، بل هناك تشوهات أخرى في هذه التجربة التي أريد منها إرساء نظام حكم رشيد لتحكم كل ولاية نفسها، صحيح أن الإفرازات التي خلفتها تجربة تصعيد الولاة إلى منصة الانتخابات في الولايات المختلفة، لازمتها حالات استقطاب جهوية حادة، مما اضطر الحكومة للتراجع عن المبدأ لمعالجة الخلل، وجاءت التجربة الحالية كمعالجة ولكن تبقى العلة موجودة.
من مشكلات نظام الحكم اللا مركزي أنه لم يكمل حلقاته حتى يكون نظاماً فاعلاً يرتضيه الناس كخيار أفضل، أنظروا الآن لا توجد بالولايات المختلفة مجالس تشريعية للمحليات، ليصبح المعتمد هو الجهاز التنفيذي والتشريعي على السواء لا برلمان يراقب عمله، ولا سلطة تشريعية تعطيه صلاحيات العمل التنفيذي في بعض الأمور.
 وانعكاس هذا الخلل يتبدى في ضعف العمل التنفيذي سيما وأن المعتمد يكون مطمئناً بأنه ليس هناك من جهاز رقابي يراقب أداءه التنفيذي ويوجهه للصواب.
حتى اللجان الشعبية والتي جاءت بها الحكومة كنظام تسيير قاعدي وكجسم تنفيذي أدنى ملتحم بالمواطن، تعتريها العديد من المشكلات والبعض من هذه اللجان الشعبية تفقد ثقة المواطن البسيط في الحي والقرية من واقع بعض الممارسات وضعفها في بعض المواضع.
حسناً أن سارعت رئاسة الجمهورية وديوان الحكم الاتحادي للتنادي لمؤتمر قومي كبير لتقييم تجربة الحكم اللا مركزي غداً (الاثنين)، ولمدة ثلاثة أيام، دعت له القيادات التنفيذية والتشريعية والخبراء وأصحاب الدراية والعلم، لعمل جرد حساب للتجربة، والقراءة في الإيجابيات والسلبيات، حيث دعم الأولى معالجة للثانية.
أتمنى أن يكون المؤتمرون الذين سيشاركون في هذا المؤتمر الضخم، على قدر التحدي الذي يلزم معه عمل بعض الجراحات والخوض في القضايا بما يمكن من الوصول إلى نقاط تلاقٍ.
 أخشى أن يكون مصير هذا المؤتمر كمصير مؤتمرات التعليم المتوالية، والتي لا تمنحنا سوى المزيد من الإرباك وهي تأتي إلينا بسياسات متوالية في السلم التعليمي وفي المناهج وبصورة مزعجة، لذلك بالضرورة بمكان أن يشهد هذا المؤتمر أصحاب الشأن والخبراء في هذا المجال من مختلف ألوان الطيف السياسي، ينبغي أن تعلو المصلحة العامة ويخرج المؤتمر بما فيه الخير للبلاد والعباد.. والله المستعان. 

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية