فوق رأي
منهم من كسر كوبه ومنهم من ينتظر
هناء إبراهيم
تقول القصة الواقعية إن هناك طفلاً بريطانياً عمره الآن (14) عاماً اسمه “بن كارتر” مصاب باضطراب حاد وقاسٍ جداً جراء ما يعرف بـ(طيف التوحد).
اعتماداً على هذه الحالة ظل منذ أن كان عمره سنتين يشرب من كوب محدد ويرفض أن يشرب أي شيء من أي كوب ثانٍ غيره.
وظل والده يحضر له كوباً يشبه كوبه كلما ضاع أو كُسر تقديراً لحالته الصحية التي أوصلته لهذه العلاقة مع هذا الكوب.
والده كان حريصاً على أن يشتري له كوباً مماثلاً لأنه أصيب مرتين بحالة متأخرة من الجفاف خلال رحلات مدرسية لم يأخذ فيها كوبه معه.
تعقد الأمر حين توقفت الشركة قبل عدة سنوات عن إنتاج هذا الكوب الذي لا يشرب “بن” إلا به.
كنوع من أنواع التصرف قام والد “بن” بنشر صورة الكوب على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي طالباً من الناس الذين يمتلكون كوباً مماثلاً مده به وإرساله على الفور لأن ابنه يرفض الشرب من أي كوب آخر، وقاعد عطشان على وشك الجفاف والموت.
بلغة صديقي الصغير “بشار”: في ناس لو إنهم كانوا مكان والده، كان دعموه بي كفين وخلوه يشرب بغطاء الحلة وحلق الماسورة وقالوا هذا دلع.
المهم بعد انتشار رسالته وطلبه على مواقع التواصل، الاستجابة لم تكن من الأفراد فقط، بل إن صاحب الشركة نفسه قام بعمل رائع حيث قام بإعادة إنتاج الكوب مرة أخرى وأنتج (500) كوب من نفس النوع الذي يستخدمه “بن” وهذا من أجله هو فقط، وأرسل له أكواباً تكفيه سنين وسنين.
يختلف الناس في رؤيتهم وتأويلهم لهذه الحكايات الواقعية، فمنهم من يرى إنسانية الشركة ومنهم من ينظر للانتعاش الذي شهدته.
البعض قد يركز في كيفية تعامل الأب مع حالة ابنه، والبعض قد يحسد (الأعمى على طول عكازه).
ثمة من يركز في تفاصيل تعلق البعض ببعض الأشياء تعلقاً مرضياً، كتعلقهم بكراسي ومناصب ومناطق وأشخاص.
أحدهم قد يترك كل هذا ويرى الجانب الفارغ من الكوب ويقول: (هسه دا لو عندنا كان وكان وكان).
كل منا يرى القصص من الزاوية التي تخطر بقلبه.. من الزاوية التي تقترب من هواجسه وظروفه.
أقول قولي هذا من باب بعض زوايا الحكاية.
وعموماً يا ناسيني كلياً: أعطني كوباً يماثل هذا النسيان لنقيم العدل في وادي الذكريات المكسورة.
و……..
أعطني الناي وغنِ