الوفاء بالعهد
وقف د. “الحاج آدم يوسف” بقامته الفارعة وهيبته كنائب لرئيس الجمهورية لإعلان قرارات مهمة جاء بها من رئيس البلاد وقائدها، وقد مهد مولانا “أحمد هارون” لما سيقوله د. “الحاج آدم يوسف” بعبارات قصيرة وبليغة بقوله إن اليوم الحديث للقيادة العليا في الحزب والدولة والانتخابات التكميلية باتت على الأبواب بعد فشل كل محاولات المخلصين الذين ينظرون لمآلات الأوضاع بعين لم تصب برمد السلطة ومغانم الحكم بضرورة تأجيل الانتخابات لأربع سنوات قادمة خوفاً من مآلات عودة الحرب عبر صناديق الانتخابات.
لم يتحدث د. “الحاج آدم” طويلاً عن الانتخابات، واختار الدخول مباشرة في إعلان تكريم الرئيس “عمر البشير” لقادة الدفاع الشعبي المحاربين القدامى الذين تصدوا للتمرد منذ بواكير اندلاع الحرب لم يتزحزحوا أو يبدلوا تبديلاً، هم أولئك القادة السمر، تعرفهم حركة التمرد ويعرفهم كل من خاض غمار الحرب.. ستة وعشرون من قادة كتائب الدفاع الشعبي صدر قرار بتكريمهم من الرئيس “البشير” وفاءً وعرفاناً لعطاء رجال هجر بعضهم مهنته في التدريس والحبر والطبشور والكتب، وحمل الروح على فوهة الكلاش، وغادر البعض وظيفة الخدمة المدنية وأصبح عسكرياً ينام في الخنادق حتى تقرح جسده بسبب لسعات البعوض، وأصيب البعض بمرض السكر والروماتيزم.. نحو (20) عاما لم يضع قادة المجاهدين السلاح، وحينما توقفت الحرب أكرمهم الرئيس بإحالتهم للتقاعد واستيعاب أبنائهم ضباطاً بالقوات المسلحة حسب شروطها، وأضاف الرئيس قراراً آخر بتوصية من الوالي “أحمد هارون” بمنح قادة المجاهدين تراكتورات زراعية ليحرثوا الأرض بعد أن حافظوا عليها بالتضحية.. وقرأ د. “الحاج آدم يوسف” قرار تكريم المجاهدين وتم تسليم الجرارات أمام الجماهير كشاهد على وفاء القيادة لقادة يستحقون أكثر من جرار زراعي خاصة وبعض قادة الحركة الشعبية والجيش الشعبي قد منحوا أيضاً جرارات زراعية.. بعد سنوات من ذلك المشهد، يغادر “هارون” كادوقلي، ويطلب البنك الزراعي وبصورة مفاجئة من القادة الذين تم تكريمهم سداد قيمة التراكتورات بالأقساط، وضرب أغلبهم كفاً بأخرى.. ماذا حدث؟ وكيف أصبح تكريم الرئيس لنا دينا واجب السداد؟ ومن وراء ما يحدث .. جاءت وفود المجاهدين للخرطوم تبحث عن حل؟؟ جاءت وفود المجاهدين إلى الخرطوم تبحث عن حل.. وتبرع والي الخرطوم السابق د. “عبد الرحمن الخضر” بالمساهمة في الحل، وتعهد وزير الداخلية السابق “عبد الواحد يوسف” بدفع جزء من المبلغ المطلوب، وسعى الفريق “يحيى محمد خير” لحل المشكلة، لكن المالية ترفض التكريم المجاني لقادة الدفاع الشعبي، والبنك الزراعي الذي في عنقه وذمته ثمن التراكتورات يجد مديره العام “صلاح حسن” حرجاً بالغاً في استخدام السلطة والقبض على جرارات قادة الدفاع الشعبي بـ(القوة الجبرية)، وحكومة جنوب كردفان لا تملك مالاً لسداد قيمة التراكتورات لأنها فوق طاقتها، ولا بند في الميزانية يسمح بسداد مليارات الجنيهات، وكل جهود نائب الرئيس “حسبو محمد عبد الرحمن” لحل مشكلة المجاهدين لم تثمر عن شيء، حتى بدأت الشرطة الأسبوع الماضي تنفيذ قرار حجز الجرارات الزراعية البالغ عددها (26) جراراً من بيوت القادة ومزارعهم وكنابي المشاريع الزراعية، بينما الجرارات الزراعية الــ(40) التي تم منحها من قبل حكومة جنوب كردفان لقادة الحركة الشعبية ومقاتلي الجيش الشعبي تستخدم اليوم كآليات عسكرية في حصد أرواح الناس.. والبنك الزراعي لا يمكنه الوصول لجرارات الحركة الشعبية لكنه قادر على مصادرة جرارات المقاتلين من قادة الدفاع الشعبي في رابعة النهار.. ولا نملك في هذا المقام إلا دعوة الفريق أول ركن “بكري حسن صالح” للتدخل وإيقاف سلب حقوق من يستحقون الوفاء والتكريم.