شهادتي لله

الذهول.. الاحتجاج بالصمت!!

{ عندما تقودك أصابعك على الـ”كي بورد” إلى مواقع إلكترونية (معارضة) وصاخبة هذه الأيام، تظن للوهلة الأولى أن النظام الحاكم في السودان قد سقط فعلاً، ولم يتبق سوى ساعات لسماع (المارشات) العسكرية عبر أثير الإذاعة السودانية، مع ترديد التنويه المعروف الذي يحفظه الشعب السوداني عن ظهر قلب: (أيها السادة المواطنون.. سنوافيكم بعد قليل.. ببيان هام من القيادة العامة لقوات الشعب المسلحة.. فترقبوه).
{ الثورة في السودان عادة تنضج بتسلّم مجلس عسكري للسلطة لفترة انتقالية، كما حدث في انتفاضة أبريل 1985م، تتم بعده الدعوة لانتخابات عامة حرة وشفافة.
{ ولكن الحقيقة أن ما يرد في (الراكوبة) ورفيقاتها خلال الأيام القليلة الماضية، لا أساس له من الصحة البتة، وغير موجود إلا في خيالات محرري أخبارهم (المشتولة) من شاكلة: (اتساع رقعة التظاهرات.. وجامعة الخرطوم تشتعل و…)!!
{ إلا كان اشتعلت سجائركم..!!
{ المصداقية هي أهم ركائز العملية الإعلامية، فإذا انتهكت المصداقية، وتغلبت الأجندة السياسية على المهنية، وطغت مادة (التوجيه) على الرصانة، فقدت الوسيلة الإعلامية قيمتها ورسالتها وانفض من حولها الجمهور.
{ يجب أن تفهموا هذه الشفرة، ولا تتعجلوا الثورة بالأكاذيب، فالثورات لا تنطلق من غير (قائد) رمز، أو قادة مخلصين، الشعب لا يمكنه أن يخرج بانتظار المجهول.
{ عندما تتوفر القيادة الملهمة للشعب بالتغيير، سيتغير النظام دون حاجة لحرق (طلمبة بنزين واحدة) أو إشعال النار في (بص الوالي)!!
{ من هو الزعيم المخلص في السودان الآن؟
{ من القادة الملهمون للشارع.. اليوم؟!
{ للأسف.. لا يوجد…!! 
{ ظللت أردد لأصدقائي الصحفيين في مصر والسودان أن الرمز المخلص والقائد لثورة يناير 2011م في مصر، كان الدكتور “محمد البرادعي”، ومن بعد إعلانه من “جنيف” نيته الترشح للرئاسة ضد الرئيس “مبارك”، انطلقت الشرارة الأولى، وانكسر حاجز الخوف، ثم تعهد (الإخوان) ميدان التحرير بالرعاية والتنظيم.
{ الدكتور “البرادعي” كعالم وموظف رفيع المستوى في أعلى هيئات الأمم المتحدة،  ثم “حمدين صباحي” السياسي القومي العربي، و”عبد المنعم أبو الفتوح” الإسلامي المتحرر، كانوا رموز الثورة في مصر التي قادها الشباب من الفصائل والاتجاهات السياسية والفكرية والدينية كافة.
{ ولكن بالمقابل ليس هناك ما يدعو قادة (المؤتمر الوطني) للاطمئنان إلى هذا الصمت (غير المألوف) للشارع السوداني تجاه الزيادات الخرافية الأخيرة في أسعار المحروقات والكهرباء، فالتحليل الصحيح لا يمكنه أن يخلص بأي حال من الأحوال إلى أن ذلك مؤشر للرضا والقبول والقناعة بالمبررات التي ساقتها الحكومة لاتخاذ تلك الإجراءات.
{ هي (حالة الذهول) التي تداهم المرء عند نزول النازلة عليه، فتجده في حالة وجوم قد يستمر لساعات وربما أيام ثم تتلبسه حالة حزن هادئ ومستمر.
{ هذه الحالة خطيرة.. ومرضية ومقلقة، أفضل منها العويل والصراخ عند سماع خبر الموت لبضع دقائق.
{ الذهول مخيف.. فلا يمكنك أن تتوقع ردة فعل المذهول، ما لم يتكلم ويعبر عن درجة صدمته!!

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية