أخيره

الخبير الإعلامي "حمدي بولاد" في حديث عن عميد الفن السوداني

العملاق  “أحمد المصطفى” لا أذكر أن الدولة كرَّمته قديماً أو حديثاً  لكنه يبقى على مر الزمان كألحان أوتار تخاطب الوجدان
كانت حفلاته مهرجاناً تقوم بحراسته الشرطة
الخرطوم : عامر باشاب
الإعلامي المخضرم  الأستاذ “حمدي بولاد” بما أنه شاهد على العصر الجميل  وخبير من طراز فريد حاولنا أن نستنطقه بمناسبة الذكرى (السابعة عشر) رحيل  عميد الفن السوداني  “أحمد المصطفى” فرد علينا قائلاً : فنان في قامة “أحمد المصطفى” يحتاج  إلى تحضير وتذكُّر واسترجاع أيام الماضي الجميل للتحدث عن تلك القيثارة التي عزفت أطهر ما في الفن السوداني الغنائي، ماذا أقول ؟!: كنا نستمع إليه في أغانيه ونحن صبية، تأخذنا النشوة، يحلق بنا في دنيا كانت جديدة علينا عندما كان الراديو واحداً في الحي الذي كنا نسكن فيه، كان برنامج (ما يطلبه المستمعون) والذي لا يناصفه فيه فنان آخر يشمل خمس أغنيات من أدائه، قدم لنا العميد  “أحمد المصطفى” الجميل أداءً وموسيقى منها الحب الطاهر والموسيقى التي كان يعزفها له فطاحلة الموسيقيين من أمثال: “الخواض” و”عربي” و”فتاح الله جابو”، كان السودان كله يستمع إلى روائعه التي لم يختلف عليها اثنان. أذكر أن “العميد” ذهب في زيارة إلى لندن فأشجى السودانيين بأغاني رائعة أبرزها (نحن في السودان نهوى أوطانا وأن رحلنا بعيد نطرى خلانا).
ونحن عندما ما نقول إن أغانيه خالدة فهذه  حقيقة نطرب لها الآن مثلما كنا نطرب إليها في الماضي. رحم الله الفنان العظيم القامة  “أحمد المصطفى”  الذي كان يحلِّق بنا في سحاب النشوة والأنغام التي كانت جديدة علينا في أواخر الأربعينات وأوائل الخمسينات. غنى للمحبين وللطبيعة وللجمال والعواطف والوطن ومحاسن الفتاة السودانية في طهارة كلمات وحب عذري . كانت حفلاته في الأعراس مهرجاناً تقوم بحراسته الشرطة من كثرة زحام المعجبين. غنى (ما أحلى ساعات اللقاء)، وغنى لـ(بنت النيل)، وحسناوات المسالمة دون خدش لمشاعر الناس.
في ذاكرتي احتفظ له بأغنيات لم يأت الفنانون بمثلها حتى الآن. القامة  “أحمد المصطفى” جاءت أغنياته لوحات ملونة بألوان الزهور وطاهرة بالحب وبسلاسة الشعر وروعة الألحان الخالدة.
وعندما كان الناس يتمايلون طرباً تسري فيهم نشوة الأداء والموسيقى كان هو العميد “أحمد المصطفى” الذي لم يتذوَّق قط طعم الخمر في حياته عندما كان صخب الحفلات يختلط بالحابل والنابل .
“أحمد المصطفى” لا أذكر أن الدولة كرَّمته قديماً أو حديثاً، لكنه يبقى كألحان أوتار تخاطب الوجدان على مر الزمان.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية