الشاعر سعد الدين إبراهيم: سك السينمات نشاط رمضاني أندثر!!
وعندما يستعيد الشاعر والكاتب الصحفي الأستاذ “سعد الدين إبراهيم”، ذكريات رمضان أيام صباه وشبابه التي أنفقها في حي الإسبتالية (الشهداء) حالياً، بأم درمان، قبل أن ينتقل إلى الثورة الحارة الخامسة، ومنها إلى حلفاية الملوك ببحري، فإنه يحكي بمهارة القاص وحذق الحكواتي، وطاقة الشاعر.
(المجهر) سألت الأستاذ “سعد الدين إبراهيم” عن رمضان زمان، فماذا قال؟
(1)
عندما كنا في حي الإسبتالية وما أن يحل رمضان، كانت الأسرة بفروعها الممتدة يجتمعون في بيوتهم التي كانت تتسم بالسعة و(الحيشان الكبيرة) فضلاً عن النفاجات المفتوحة بين الجيران، فيلتئم شمل الجميع بما فيهم الجيران ويتركون الباب مفتوحاً على مصراعيه لاستقبال أي عابر سبيل، إذ كانت البيوت تشبه الشوارع.
وعن المائدة الرمضانية، قال “سعد الدين” إنها لم تتغير كثيراً، فما زالت القراصة طبقاً رئيسياً إلى جانب الأكلات الشعبية الأخرى من طعمية وفول وغيرها، أما المشروبات فقد كانت محصورة في أربعة فقط يتسيدها (قمر الدين)، أما الآن فقد صارت أكثر أنواعاً، واستدرك: الـ( قمر دين) أصبح الآن مشروباً ثانوياً أو معدوماً لدى البعض.
(2)
واصل “سعد الدين” ذكرياته عن ليال رمضان (زمان) فقال: زمان كنا نقضي الليل في السينمات التي كانت تعرض أفلاماً قوية في رمضان، وكنا نذهب إلى (الوطنية وبرمبل وسينما أم درمان والعرضة، إضافة إلى سينمات الخرطوم مثل (الخرطوم جنوب والنيل الأزرق)، والأخيرة كانت تقدم أفلاماً راقية للمثقفين، إلى جانب الأفلام الهندية، كما كنا نمارس نشاطات أخرى مثل لعب (الدافوري) في الحلة، خاصة أن نادي الهلال القديم كان يقع في منطقتنا، مرات بنسهر ونلعب بلياردو.
(3)
العشاء لم يكن وجبة أساسية كما السحور، يمضي”سعد الدين” سارداً الحكايات، حيث كان يتم انتقاء واختيار للمسحراتي على أساس الوقار والتدين، ويمنح راتباً على هذه المهمة، لكنه عاد لينعى دوره الآن وغيابه بفضل السهر على الشاشات البلورية من فضائيات وانترنت، كما نعى تلك اللمات بما فيها الأسرية، مضيفاً: نحن الآن في (حلفاية الملوك) نفطر في بيتنا، فبعد أن خرجنا أنا وأولادي عدة أيام إلى الشارع، ولم يحضر أحد عدنا إلى منزلنا وأغلقناه علينا أسوة بالآخرين.
(4)
وعن المواقف الرمضانية التي علقت بذهن “سعد الدين” قال: إنه خلال سكنهم بالثورة كانت لديهم غرفة مطلة على الشارع، ومن بين الفتحات شاهد أحد الشيوخ عند الثالثة ظهراً متكئاً على الجدار وبيده موز شرع في التهامه، فقلت ( شوف الراجل الكبير دا فاطر)، لكن خالي أفهمني أن هذا الرجل مريض وفعل ذلك حتى لا يجرح بقية الصائمين، واعتبر “سعد الدين” رمضان، فرصة طيبة بالنسبة له لممارسة نشاطه الفكري، إذ أن معظم مؤلفاته كانت في رمضان.