رأي

مسألة مستعجلة

شرطة المستشفيات!!
نجل الدين ادم
حزمة إنجازات في غاية الأهمية قامت بها شرطة ولاية الخرطوم جديرة بأن تخرج للرأي العام ويعرفها، كشف عنها مدير شرطة الولاية سعادة اللواء “إبراهيم عثمان” خلال مؤتمر صحفي أمس، واعتقد أنه كان ناجحاً بكل المقاييس وشرطة الولاية تطلعنا على عمليات مضنية لضباطها وأفرادها أسفرت عن كشف جرائم معقدة، سأعود لها بالتفصيل في مقال لاحق.
وسط هذا السفر الكبير من الإنجاز الذي يستحق عليه رجال الشرطة الثناء والشكر والدعم والمؤازرة، وما ذُكر من إفادات في المؤتمر الصحفي، استوقفني ما قاله سعادة اللواء “إبراهيم ” : ليس لدينا شرطة مرفقية خاصة باسم شرطة المستشفيات”، ومضى قائلاً: “سنقوم بتأمين المستشفيات شأنها شأن أي مرفق حيوي”، كلنا سمع بتداعيات الاعتداء على حوادث مستشفى أم درمان والكادر الطبي من قبل أفراد أسرة غاضبة بعد أن لقي مريضهم الذي حملوه مطعوناً حتفه قبل أن يتم إسعافه، غضب الأطباء ودخلوا في إضراب، ولهم في ذلك الحق وسيناريوهات الاعتداء عليهم تتكرر بين الحين والآخر.
أعجبت بالتوصيف الدقيق لسعادة اللواء بأنه لا توجد شرطة تسمى (شرطة المستشفيات)، طبعاً وزير الصحة بالخرطوم سعادة البروفيسور “مأمون حميدة” اختزل المشكلة كلها في إعلانه العزم إنشاء شرطة للمستشفيات بالتنسيق مع المحليات وحماية الأطباء، وتناسى جوهر القضية من نقص للمعدات والمعينات الإسعافية والتي أدت إلى وفاة هذا الشاب المطعون.
ودعوني أذكركم بقرار أصدره مدير عام الشرطة الأسبق سعادة الفريق “محجوب حسن سعد”، – له منا التحية والتقدير- قبل سنوات، أن لا تستغل المحليات أفراد الشرطة في تنفيذ (الكشات) في الأسواق، ونبَّه إلى أن الشرطة لها دورها المعروف، وحذَّر من ذلك، وكان هذا القرار انتصار للشرطة، وقد وجد الإشادة، لكن الكثير من المحليات في ولايات البلاد تعتبر أن الشرطة يمكن أن تقوم بأي مهمة تصدر دونما، إمعان في واجبها الحقيقي.
والحمد لله أن سعادة الفريق ما شاف كيف يطلب الوزراء والمعتمدين بتشكيل شرطة وفق ما يرونها من مهام، شرطة متخصصة خارج إطار التنظيم الشرطي، ومعروف أن الشرطة لديها شرطة المباحث والجنايات، المحاكم، النظام العام، الجوازات إلى الخ … لكن يبدو أن البعض يريد شرطة متخصصة على غرار شرطة المستشفيات وشرطة الجامعات وهلم جر !.
الحمد لله أن مدير شرطة ولاية الخرطوم كفى الشرطة وكفانا نحن هذه الفوضى في إطلاق مسميات لشرطة متخصصة، تسميات لا علاقة لها بمظلة التنظيم الشرطي المعروف، وإذا مضت الأمور على هذا النسق فإن الصحافيين إذا حدث لهم اعتداء سيطالبون بشرطة للصحف بدلاً عن شرطة لحماية الصحف وتأتي المساجد وقس على ذلك!.
من قبل تحدث الراحل الشيخ العلامة “محمد سيد حاج” عن الأثر السالب لمثل هذه المظلات الشرطية التي تطلق، وقال في معناه : إن كثرة الشرطة المتخصصة دليل على أن هنالك خللاً في المجتمع ينبغي معالجته، ولكن الوزير يريد معالجة الخلل في سلوك تعامل الطبيب أو الكادر الطبي أو إخفاق وزارته أو ذوو المرضى بعيداً عن توفير ما يمكن أن يجنبنا مثل هذه الانفلاتات أو الانفعالات والاكتفاء بإنشاء شرطة للمستشفيات!.
شكراً سعادة اللواء على هذا التبيان، والتحية للشرطة التي ظلت دوماً في خدمة الشعب و(ما تطول الغيبة)، ولنا عودة. 

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية