مشكلة مياه بمحلية أم بدة، وتداعياتها : بين الرأي الفني والسياسي!
نقل المياه من بئر العاشرة، يخلق فتنة بين منطقتى البقعة والأمير
حل المشكلة يكمن في توصيل خط من المنارة، ومنطقة الامير ترفض!
تحقيق ــ أمل أبو القاسم
ثمة مشكلة مياه بمحلية أم بدة بمنطقتي (البقعة شرق ووسط) بسبب ضعفها وملوحتها منذ عام من الآن تقريباً، خلقت بلبلة بين القيادات في المنطقة وكل يدلو بدلوه في الأمر، إلى أن تقرر حلها من قبل المعتمد الذي وجه بتكوين لجنة برئاسة نائب الدائرة “المك عجيب الهادي”، تنحصر مهامها واختصاصاتها في دراسة ومعالجة مشكلة المياه في وحدتي شرق ووسط البقعة، إضافة لمقترح للمعالجة المطلوبة قبل حلول فصل الصيف، على أن تنهي اللجنة عملها خلال شهرين من تاريخ القرار، مع ترك اللجنة الاستعانة بمن تراه مناسباً. وبالفعل اجتمعت اللجنة لعدد من المرات وخرجت برؤى ومقررات من بينها أن تتم التغذية من خط شارع عمر الصول، وتقديرات مالية تحملت هيئة مياه ولاية الخرطوم جلها، غير أن ما حدث هو تصديق الأخيرة بنقل المياه من بئر العاشرة، الأمر الذي خلق فتنة بين منطقة البقعة والأمير خلفت شكاوى بين الطرفين. وقال مسؤولو الأمير إنهم وبعد اجتماعات قرروا الاحتكام للرأي الفني الذي وجهته الهيئة العامة للمعتمد مشفوعاً بخريطة.
(المجهر) استمعت لكافة أطراف القضية مدير هيئة مياه ولاية الخرطوم، مدير مياه محلية أم بدة، ورئيس اللجنة التي أوصى المعتمد بتشكيلها، ونائب دائرة الأمير. أيضاً أرفقت الخطاب الذي وجهه رئيس كتلة البرلمان بالدائرة، وخرجت بالمحصلة التالية.
مقررات اللجنة
تكونت اللجنة التي خرجت بمقررات من نائب الدائرة ومديري الوحدات الإدارية، منسقي اللجان الشعبية، رؤساء المناطق، المؤتمر الوطني شرق ووسط البقعة. وقد سميت هذه اللجنة بلجنة معالجة مياه شرق ووسط البقعة محلية أم بدة، ومن مقرراتها تتم التغذية من شارع عمر الصول، تحديد المواد والتكلفة التي قدرت بمبلغ (250) ألف جنيه التزم المعتمد بدفع (70) ألف منها قيمة الحفريات، كما التزم مدير مياه ولاية الخرطوم بمبلغ (180) ألف جنيه قيمة المواسير بجهد مقدر من نائب الدائرة “المك عجيب الهادي”. وبالفعل فقد تم ترحيل المواسير لمحلية أم بدة .
حل المشكلة يكمن هنا
رئيس اللجنة الخاصة بدراسة ومعالجة مشكلة المياه بوحدتي شرق ووسط البقعة المك “عجيب الهادي” قال في حديثه لـ(المجهر)، إن هاتين الوحدتين تعنيان العطش، وعليه تكونت لجنة لمعالجة العطل برئاسة شخصي ومدير مياه محلية أم بدة مقرراً وعضوية آخرين، وبعد عدة اجتماعات توصلنا إلى أن حل المشكلة يكمن في توصيل خط مياه من الأمير للبقعة من خط مياه المنارة، لأن الأهالي يرغبون في المياه الحلوة، فجلسنا في دار الحزب كمؤتمر وطني واتفقنا أن يكون الرأي الفني ملزماً بالنسبة إلينا، ثم أجريت دراسة وخرطة اترفعت لهيئة مياه ولاية الخرطوم بتكلفة 250 مليون التزم معتمد أم بدة بدفع (70) ألف جنيه. ومن جانبها تكفلت الولاية بدفع المتبقي في شكل مواسير تم ترحيلها للمنطقة. لكن عند التنفيذ ــ الحديث ما زال لـ”المك عجيب” ــ اعترضت منطقة الأمير وأوقف العمل بحجة أن مياه المنارة لن تتجاوز مسارها وإنها مخصصة أو موزعة لأحياء بعينها . ومحدثنا يعتقد أن هناك خللاً فمن أين للولاية بقطعها رأياً معنا ثم تتراجع عنه بعد خطاب صادر من عضو مجلس الولاية ورئيس كتلة محلية أم بدة ، وإصدار بيان أو خطاب آخر وجهت فيه بنقل المياه من بئر (العاشرة).
زوبعة سياسية
وبما أن الأحاديث تتردد حول تغيير رأي هيئة ولاية الخرطوم بتصديقها لهم بنقل المياه من محلية الأمير (محطة الصول) وتغيير رأيها بموجب خطاب من عضو مجلس الولاية ورئيس كتلة محلية أم بدة السيد “جابر محمود مضوي” أو كما يعتقد، كان لزاماً علينا سماعه والإدلاء بدلوه في هذه القضية الشائكة فتفضل بتوضيحه قائلاً: إن هذه ليست سوى زوبعة سياسية فنحن نتحدث وفق خرطة طرفنا وأشير وأود الإشارة بدءاً إلى أن وظيفة النائب رقابية، مضيفاً أن مياه المنارة مغلقة بالنسبة للباشمهندس ” خالد حسن” منذ العام 2009م. وبالنسبة إلينا فنحن نواب الفيصل لدينا هو الاحتكام للرأي الفني وأعلى جهة مسؤولة عن المياه، مبيناً أن الخطاب الذي خاطب به هيئة مياه ولاية الخرطوم بناءً على مقررات بين المنطقتين وعليه قام المهندس “خالد ” بالتوضيح مرفقاً خرطة لمحطة المنارة ، وأن أم بدة شمال متاخمة لكرري وبها انخفاض.
وأوضح “مضوي” أن البقعة الآن ليست بها مشكلة مياه لكن من المتوقع حدوثها في الصيف. وأردف: أنا كنائب ومسؤول تعاني منطقتي (الأمير) عجزاً في المياه حيث أنها لا تكفي ما يضطرنا لدعمها بآبار. وما دفعني لكتابة الخطاب هو شكوى حررت ضدي لرئيس الحزب، وخلص الأمر بالاحتكام للرأي الفني، فكتبت الخطاب وسلمته لهيئة الولاية وما تقوله سنعمل به فلست أنا من يقرر. وزاد تم إقحامي في مشكلة ليس لي فيها يد ثم عرج للغط الذي حدث كون المطالبة كانت بصفته عضو المجلس التشريعي.
تكلفة عالية
وقال الأستاذ “جابر” عن مياه بئر العاشرة التي وصفها مواطنو البقعة شمال ووسط الذين تقرر سقيهم منها بأنها مالحة، وصفها “جابر” بأن من مميزاتها أنها عالية الإنتاجية وغير مالحة، لأنهم اشتروا لها طلمبة تتم مراجعتها كل ستة أشهر، ثم ألقمنا حجراً عندما قال إن حتى هذه البئر قد لا تعمل لأنها تحتاج لتكلفة مواسير كبيرة، وهذا ما ألمح له القائمون على أمر مياه البقعة وسط وشرق عندما قلنا لهم إن المهندس “خالد” قال في حديثه للصحيفة، إنه ومنذ الخطاب الأول يقصد بئر العاشرة ولم يغير رأيه حيث فندوا ذلك برؤيتهم أن تكلفة بئر تفوق ميزانية وتكلفة المواسير التي صدقت لهم ما يشي إلى أن التصديق كان لمياه المنارة وليس الآبار، وذلك بموجب خطاب. وزاد بحديثه موضحاً أنهم توصلوا ــ أي اللجان ــ بحسب “جابر” لحفر آبار في البقعة ومعالجة الخط الناقل. وزاد: دورنا كنواب توصيل مشاكلنا للجهات المعنية، ونحن جهة تشريعية رقابية وليست تنفيذية.
الخطاب الذي حرر لهيئة مياه الولاية
موضوع الخطاب (توصيل خط مياه الأمير شمال بمحلية أم بدة)، مبيناً أن تصميم محطة المنارة قامت به شركة (باي ويتر) وكمية المياه الخارجة منها للمناطق التالية (أم درمان شمال، محلية كرري، الريف الشمالي، أم بدة شمال شارع الردمية)، دار السلام شمال “شمال امتداد شارع ليبيا”..ونصه كالآتي :
هذه الشركة قامت بحصر المشتركين بالمناطق أعلاه لتتناسب مع كمية المياه التي يتم ضخها يومياً وأنتم على علم بذلك.ثانياً: محلية أم بدة مقسمة من ناحية جغرافية شمال وجنوب يفصل بينهم شارع الردمية وفي أم بدة شمال ينتهي خط المياه في شارع عمر الصول وحتى الكمية التي يتم ضخها قليلة مقارنة بعدد السكان. ثالثاً: إضافة لخط المنارة هنالك مصادر أخرى تتمثل في بئر الحارة العاشرة (متوقفة وتم سحب الطلمبة) والحارة الرابعة وهي ذات إنتاجية متوسطة، وحيث أن خط عمر الصول يغذي الحارات الشمالية لمحلية أم بدة وذلك حسب الدراسة التي تمت. رابعاً: ونحن الآن بالرغم من وجود خط المنارة ودعمه ببئر الحارة الرابعة (الحارات 7، 6، 5، 4) هنالك نقص في الإمداد المائي لهذه الحارات وخاصة الحارة السابعة، إذ تقدر كمية النقص بـ(80%) والحارة الخامسة النقص (50%) والرابعة (30%) والسادسة (30%).
وأما عن الحارات الشمالية من شارع الجميعاب وهي الأولى وبها نقص إمداد مائي حوالي (90%) والحارات (118، 19، 20) أيضاً بها نقص وهي تمثل شمال أم بدة. وتعتبر طبيعة أم بدة منحدرة من الشمال إلى الجنوب وهذا الخط الذي يحد هذه الحارات بالمياه “عمر الصول” عبارة عن (10) بوصات فقط. وقد تم عمل دراسة حديثة لمد هذا الخط إلى الناحية الجنوبية لأم بدة وهذه الدراسة رفضت من قبل رؤساء الهيئة السابقين بالمحلية لأن كمية المياه غير كافية مع انحدار المياه الشديد إلى الجنوب، ولم تشرك قيادات أم بدة شمال في هذه الدراسة.
وقد تم تقديم شكوى من قبل مدير مياه أم بدة لرئيس جهاز الأمن بالمحلية، وأيضاً للمدير التنفيذي بالمحلية وشكوى أيضاً إلى معتمد المحلية. وقد عرف نائب الدائرة بالبقعة “عجيب الهادي” بأن النائب “جابر حدوب” نائب شمال الأمير يرفض توصيل هذا الخط مع العلم بأنني لا أمثل الجهاز التنفيذي، وبعد ذلك تم تعريف قيادات منطقة البقعة بأن سبب رفضي لتوصيل الخط هم قيادات شمال الأمير مما خلق فتنة بين القيادات في المنطقتين، وبعد ذلك قام النائب “عجيب الهادي” بتقديم شكوى لنائب رئيس الحزب بأم بدة وقد تم تكوين لجنة من قبل نائب رئيس الحزب لرأب الصدع بين الطرفين. وقد أصبح هذا الموضوع للأسف يتداول في وسائط الاتصال مما سبب مشاكل للقيادات السياسية والتنفيذية.
وقد أوصى الاجتماع بالاحتكام للجهات الفنية حتى لا يتضرر أي من الأطراف ويطلب منكم الآتي:
التحقيق في هذا الأمر.
إحضار مهندسين مختصين من قبلكم مع الاستعانة بالمهندسين القدماء بالمحلية على ألا يكون الأخ مدير مياه أم بدة طرفاً في هذا الاحتكام، وأيضاً الاستعانة بمدير الشبكات والخطوط الناقلة بهيئة مياه ولاية الخرطوم.
مياه المنارة بمواصفات محددة
مدير هيئة مياه ولاية الخرطوم المهندس “خالد حسن” جزء أصيل في هذه القضية، فهو المقرر الأول فيها بموجب آراء الفنيين، وإن كان قد أخذ عليه مخاطبة مسؤولي البقعة بخطاب ابتدره بعطف على خطاب الأستاذ “جابر محمود مضوي” وليس عطفاً على رأي اللجنة الفنية. ورغم أنه أصدر قراره بناءً على مخاطبات عدة حدثت بين معتمد أم بدة الذي وجه بتكوين لجنة لمناقشة الأمر، وبين مخرجات اجتماعات اللجان التي تضم في عضويتها مدير مياه أم بدة كنائب للرئيس “المك عجيب الهادي” إلا أن السيد ” جابر محمود” قال في معرض حديثه مع الصحيفة، إن الباشمهندس جاءته جهة متضررة تطلب العون فأعانها أو فيما معناه. ولتوضيح كل تلك الملابسات اتصلت (المجهر) بالمهندس “خالد” واستمعت لحديثه رغم قلته واقتضابه أن مياه المنارة محددة المصب وصممت بطريقة محددة وفق ارتفاعات محددة حسب المناطق. وبخصوص تصديق نقل المياه لمواطني البقعة شرق كان بموجب دراسة سلمت للمعتمد والنائب.
طفرة عمرانية
من جانبه قال مدير مياه محلية أم بدة المهندس “عبد الله محمد” لـ(المجهر): محلية أم بدة من محليات ولاية الخرطوم التي تشهد طفرة عمرانية عالية بمعدل كبير وسريع، حيث كان عدد السكان في العام 1980م (982) ألف والناظر والشاهد اليوم أن المحلية لا يقل عدد سكانها عن (2750) ألف نسمة مما يستوجب إعادة ومراجعة الخطط والخدمات، مبيناً أن كمية المياه الواردة من محطة الضخ ( 52) المنارة تتراوح بين 50 ــ 60 ألف متر مكعب يومياً، وكمية المياه الواردة في داخل الشبكة يبلغ سعة الجوفي منها (70) ألف متر مكعب، بينما المصادر النيلية (55) ألف متر مكعب تقريباً لتصبح جملة المياه الداخلة للشبكة (125) ألف متر مكعب.
وزاد بتوضيحه: خطة نقل مياه المنارة للمنطقة الجنوبية قديمة، ونتيجة للطفرة العمرانية واستغلال المياه بصورة كبيرة وفقاً لرغبات وتطلعات المواطن زادت الكميات المستهلكة. لذا وبحد تعبير الباشمهندس “عبد الله” كان لزاماً علينا مراجعة الكمية الواردة والاستهلاك، وعليه تم تشكيل لجنة فنية عليا خلصت إلى أن هذه الكميات من محلية المنارة لا تفي بحاجة المنطقة الشمالية والجنوبية، فوضعت حلولاً متكاملة لحفر آبار ذات إنتاجية عالية وعمل خطوط ناقلة لتغذية وسد الفجوة لكل مناطق المحلية التي لمسنا فيها شحاً عند بعض المواطنين، علماً بأن محلية أم بدة من المحليات المستقرة من حيث الإمداد المائي مقارنة بالمحليات الأخرى، غافة إلى المشاريع التي تجري بها من إحلال للشبكات ومشروع ود البشير.
مياه كماً ونوعاً
واستطرد مدير مياه أم بدة في حديثه: كل المشاريع بإذن الله تعالى إذا ما وجدت التمويل اللازم تحسب أنها كافية لتغطية أرجاء المحلية في الصيف المقبل. وفيما يعني بتصديق هيئة مياه ولاية الخرطوم مثار الجدل وما إذا كان بالفعل ومنذ بدايته وجه بالتصديق من مياه الخطوط أو الآبار قال: هذا لا يعنينا فهمنا منح المواطنين مياهاً صالحة للشرب بما يرضي الله ورسوله. وبالنهاية شعارنا ( توفير مياه كماً ونوعاً للمواطن).