رأي

بعد.. ومسافة

مناسبتان تستحقان الاحتفاء بهما
مصطفى أبو العزائم
 
أسباب صحية قاهرة منعتني من المشاركة في احتفالين رمزيين يمثلان تغييراً كبيراً في محيطهما.. الاحتفال الأول ارتبط بحدث خارجي في بلد شقيق، هو المملكة المغربية، وجاء الاحتفال في الخرطوم بمناسبة الذكرى السابعة عشر لجلوس صاحب الجلالة الملك “محمد السادس” على عرش أسلافه المنعَّمين. وقد بلغتني الدعوة عن طريق الهاتف من السفارة المغربية، وعن طريق بطاقة دعوة كريمة من سعادة الدكتور “محمد ماء العينين” سفير صاحب الجلالة ملك المغرب بالسودان، الذي أقام حفل استقبال عظيم بهذه المناسبة مساء (السبت) الثلاثين من يوليو الذي مضى بمقر إقامته في الخرطوم (1).
أما المناسبة الثانية فترتبط بحدث محلي عميق الدلالات جرى الاحتفال به في مدينة “كادوقلي”، صباح (الاثنين) الماضي، وشرفه السيد النائب الأول لرئيس الجمهورية الفريق أول “بكري حسن صالح”، وهو افتتاح مهرجان السياحة والسلام بالولاية. وكنت قد تلقيت الدعوة عدة مرات لأشهد هذا الحدث الكبير، من والي ولاية جنوب كردفان الأخ الكريم اللواء أمن الدكتور “عيسى آدم أبكر” والذي كان أبلغني بهذا الحدث قبل وقوعه بنحو شهرين أو أكثر، وقد وعدته خيراً، وألح علي أخي الأستاذ “عادل سنادة” على أن أكون من المشاركين بالحضور في هذه المناسبة العظيمة، وقد حرصت حرصاً شديداً على ذلك، لولا ما أشرت إليه في بداية هذا المقال أسباب صحية قاهرة منعتني من ذلك.
نعود للمناسبة الأولى، وهي جلوس جلالة الملك “محمد السادس” على عرش أسلافه منذ سبعة عشر عاماً، وقد كان وقتها شاباً متحمساً دون اندفاع، وارثاً لحكمة أبيه الراحل جلالة الملك “الحسن الثاني” منفتحاً على كل التيارات، ويقف تقريباً على مسافة واحدة من كل القوى السياسية في المغرب الشقيق. ولأنه ليس من رأى كمن سمع يمكن لمثلي أن يشهد بالتطور الكبير الذي شهدته المملكة المغربية، في مجالات كثيرة وعديدة. وقد ظل الباب الملكي مفتوحاً أمام أصحاب المواهب والخبرات والأفكار، وهو ما جعل المغرب دولة حديثة متقدمة في كل المجالات، لكنها مع ذلك تقف على رصيد ضخم من القيم والتاريخ والحضارة منذ مئات السنين. وكانت ولا زالت مهداً للعلوم، وراعية لها حتى أنك لتجد لكل مدينة مغربية تميزاً خاصاً يميزها دون غيرها، لكن الروح تظل واحدة، هي روح المغرب العربي الذي يضم مختلف العناصر والإثنيات. وقد قيض الله لنا أن نقف على تجارب المغرب الشقيق في مجالات الحكم والإدارة والثقافة والفنون من خلال رحلات عديدة، طفنا خلالها على عدد كبير من المناطق والمدن، وقفنا خلالها على النمو الاجتماعي المضطرد. كما وقفنا على النماء الاقتصادي الكبير في كل المغرب من أقصاه إلى أدناه، وكانت لنا زيارة تاريخية إلى منطقة الصحراء الغربية المغربية، شهدنا خلالها التحولات الكبرى التي تشهدها والخدمات العظيمة التي يجدها أبناء الصحراء من تعليم وصحة وإمدادات مياه وكهرباء، وخدمات اتصالات وإعلام مرئي ومسموع، فالذي يحدث هناك يستحق أن يراه الناس في كل مكان لأنه أسرع من التصور وأقوى من الخيال.
التحية للشعب المغربي الشقيق في هذه المناسبة العظيمة ونسأل الله أن يحفظ ملكه رمزاً للتقدم والتطور والنماء. أما ما حدث في “كادوقلي” ومدن أخرى في جنوب كردفان، فإنه إن دل على شيء فإنما يدل على وعي القيادة هناك وقوتها في تحجيم التمرد، والضغط عليه ليتراجع ألف خطوة للوراء في مقابل تقدم الدولة والولاية لمئات الآلاف من الخطوات نحو تحقيق السلام وبسط هيبة الدولة، وتحقيق التنمية التي تستهدف إنسان جنوب كردفان أولاً وأخيراً.. هنيئاً لولاية جنوب كردفان بما يحدث فيها، وهنيئاً لأهلها الذين باتوا يحتفلون بالسلام في أعالي النيل وسفوحها وتحت الشمس.
اللهم إنا نسألك الأمن والأمان والطمأنينة والنماء والتنمية لأهلنا في جنوب كردفان ولكل السودان، ونسألك أن تحفظنا وأن تحفظ بلادنا من كل سوء يا الله.. يا رحمن يا رحيم يا رازق يا كريم آمين.
و.. و.. (جمعة) مباركة.
c

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية