فوق رأي
مسافات خارج المقرر
هناء إبراهيم
قد يكون أقرب الناس إليك جغرافياً، أبعدهم فكرياً وحسياً وشعورياً حيث المسافة بين مشاعرك وإحساسه مليون سنة ضوئية.
والله جد..
ليس بالضرورة أن تشغل مساحات البعد غابات الجفاء، فربما امتلأت بالاختلاف والتناقض وضعف إشارة العاطفة.
المساحة المعنوية بين الناس تُشيد بمباني التفاهم والإحساس والاحتمال.
(رواكيب) التواصل التي بيني وحبوبة جيرانا هي التي تظلل علاقتنا بابتسامتها وشغفي لحديثها وترش الريد بموية الورد.
عارف المسافة الحسية البتقرب بينكم لدرجة تخليك تعمل حاجة عشان عيونو، والحاجة دي نفسو فيها فعلاً.
تشغل أغنية نفسه يسمعها في اللحظة دي.
طبخة يشتهيها الآن.
تجترح مشواراً على باله هو كمان.
حاجات كدا.
البُعد المعنوي يا صديقي يقاس بكيلومترات التفاهم وحاصل جمع التوافق ونسبة انتظام ضربات القلب.
وثمة أشخاص يبتعدون عن الناس والمناسبات ليس لإصابتهم بالعزلة والانزواء إنما لبعد المسافة النفسية أو ربما ابتعاداً عن (فدادين النفاق اللفظي).
والله جد..
تشوفك من هناك تتضايق وتعلق (أعوذ بالله دي الجابا شنو) وحين تصلها تبتسم (ديك يا الابتسامة العسل).
عسل مزيف طبعاً.
وكمان لما تقول ليها مشتاقين، ترد عليها بذلك الرد المتوارث عبر الأجيال: بالأكتر حبيبتي.
وحبيبتي هذا قد تزرع الشك في الموضوع، فغالباً البنت تعبر عن الشوق الحقيقي بـ(أنتي وين يا عواليق.. مختفية مالك يا حيوانة) بينما حبيبتي من أدوات الشكل والمشاكل عند البنات ومن ذلك (اسمعي هنا يا حبيبتي) وهاك يا ردحي وسل لسان.
هذا لا يسمى بُعد المعنى، بل انقلاب المعاني.
فالنساء يا سيدي، كائنات لها القدرة على إحداث الانقلابات حتى في اللغة.
قايل شنو؟!
المسافة النفسية قد تجعلك تخبئ أشياء مهمة عن ناس البيت، وذات المسافة مع اختلاف نسبتها تجعلك تبوح لصديقك.
أقول قولي هذا من باب حساب المسافات التي لم ندرسها مع حساب المثلثات، لبعد الرياضيات عن هذا الاختصاص.
وعموماً يا ناسيني كلياً: أبعد وأنسى كما لا يقول “شرحبيل أحمد”.
وإن كان عن نفسي أنا شخصياً: مشيت سنين
و……..
جيت
لدواعٍ في بالي.