من دار حزب اليسار.. ساعة حوار مع قيادات المعارضة
السكرتير العام للحزب الشيوعي: لدينا خلافات في قوى الإجماع الوطني.. وهذه طبيعة التحالفات
“إبراهيم الشيخ” لوفد الكونغرس: الولايات المتحدة الأمريكية تجامل النظام ولا تمارس ضغوطاً عليه
حركة العدل والمساواة تهاجم “ياسر عرمان” وتتهمه بمحاولة شق صف الجبهة الثورية
تقرير – طلال إسماعيل
عند الساعة الواحدة من ظهر يوم أمس (الاثنين)، بدار الحزب الشيوعي، كانت صورة السكرتير العام السابق للحزب “عبد الخالق محجوب”، وإلى جوارها صورة “جوزيف قرنق” داخل القاعة، تبدو وكأنها تراقب قيادات قوى الإجماع الوطني قبل مؤتمرها الصحفي، وخارج الدار كانت هناك صورة السكرتير الراحل “محمد إبراهيم نقد” تتأمل مجلس الإعلاميين، وهم يتناولون الواقع السياسي والأزمات.
ودار الحزب يسكنها الهدوء على الرغم من عاصفة الخلافات الفكرية، ووقف خمسة من قياداته عن ممارسة نشاطهم التنظيمي.. وما بين الخلافات الداخلية وخلافات الجبهة الثورية واجتماع باريس لتوحيد رؤية المعارضة للقضايا التنظيمية والسياسية، تطل ملامح مرحلة قادمة للبلاد في ظل الحوار الوطني.
وقد تحول المؤتمر الصحفي إلى ندوة سياسية حول الواقع، وأسباب الاختلاف واستشراف الحلول.. وبعد ساعة كاملة من الكلام، عاد كل واحد منا إلى موقع عمله.
يقول رئيس المؤتمر السوداني “إبراهيم الشيخ” إن اجتماع قوى “نداء السودان” في باريس لمناقشة القضايا المحورية في الساحة السياسية، ولتشكيل خارطة طريق لمستقبل السودان، ولحسم الملفات العالقة، وأضاف بالقول: (قبل 45 يوماً كنت مسافراً مع عضو اللجنة المركزية للحزب الشيوعي “صديق يوسف” و”أبو الحسن فرح” من الحركة الاتحادية للقاء الجبهة الثورية بعد الخلافات التي ظهرت في قيادتها، وكلفنا من قبل قوى الإجماع الوطني بحمل مبادرة إليهم لإدارة حوار مع أطراف النزاع داخل الجبهة الثورية لرأب الصدع وتجاوز الخلافات التي نشبت، لكن منعنا من المطار وصادرت السلطات جوازات سفرنا، ولا تزال جوازاتنا في أدراج المكاتب)، وأضاف: (وخلال اليومين الماضيين، أيضاً منعت السلطات للمرة الثانية السكرتير السياسي للحزب الشيوعي “محمد مختار الخطيب” و”طارق عبد المجيد” والقيادية الاتحادية “جلاء الأزهري” من السفر إلى باريس، واجتماع نداء السودان سيقوم في موعده، وسيشارك “فاروق أبو عيسى” متوجهاً من القاهرة ويحمل رؤية قوى الإجماع في الاجتماع، وسيدير حواراً عميقاً مع الأطراف الثلاثة في الاجتماع، وسيبذل جهداً كبيراً لرأب الصدع في الجبهة الثورية، ويقدم رؤيتنا حول الهيكلة للمعارضة). وتابع: (أعتقد أن الرسالة التي نريد أن نوصلها إلى الأطراف المختلفة في “نداء السودان” ستصل وتحقق الأغراض التي نسعى لها).
وأشار “إبراهيم الشيخ” خلال حديثه في فاتحة المؤتمر الصحفي إلى أن منع قيادات المعارضة من السفر إلى باريس يسيء إلى الحوار المنعقد في قاعة الصداقة، ونبه إلى أن ذلك دليل عملي على أن الحكومة غير جادة في إجراء الحوار، وأن الحريات تمنح من قبلها وتصادرها، وزاد بالقول: (وضح جلياً أن الحوار ليس لديه قيمة، وأن النظام لا يلتزم بالدستور ولا بالقانون ولا بوعوده التي يطلقها في الهواء بأنه ملتزم بالحريات لاستشراف أفق جديد)، وأضاف: (لا يمكن أن يحقق الحوار في قاعة الصداقة أي أغراض أو أن يحدث في البلد تحول ديمقراطي، ولن يحقق السلام).
{ المعارضة ناقمة على المجاملة الأمريكية للحكومة
وكشف رئيس المؤتمر السوداني “إبراهيم الشيخ” عن لقائه أمس (الاثنين) بوفد الكونغرس الأمريكي وتمليكه رؤية المعارضة حول تطورات الأوضاع في السودان، وقال: (التقيت الوفد الأمريكي الذي جاء بمبادرة من شركة CTC في فندق كورنيثيا، ومهمة الوفد الأساسية بحث العلاقات التجارية والاقتصادية بين السودان والولايات المتحدة الأمريكية، وقلت للوفد الزائر إن القضية الأساسية بالنسبة لنا قضية السلام، والقضية الأخرى التي لها أولوية عندنا هي قضية الحريات والقضية الثالثة الأزمة الاقتصادية والعقوبات الأمريكية وأثرها على النظام وأثرها على المواطن، والقضية الرابعة هي الحوار وموقف المعارضة منه).
وأشار “إبرهيم” إلى أنه أوضح لوفد الكونغرس الأمريكي أن النظام غير حريص على تحقيق الحريات، وأبلغهم بواقعة منع وفد المعارضة من السفر إلى باريس، واستفسر وفد الكونغرس الأمريكي أحزاب المعارضة حول رغبتها المشاركة في الحكومة لكن “إبراهيم الشيخ” كشف عن أنه رد عليهم بأن قوى الإجماع الوطني لا تريد السلطة، وأضاف: (أكدنا لهم أننا نريد تحولاً ديمقراطياً حقيقياً وسلاماً مستداماً، وطالما الحرب مستمرة في البلد فليست هنالك قيمة لأي شيء.. الحرب تأكل الأخضر واليابس الآن وأنتم ترون الحال كلكم)، أضاف: (وأكدت لهم أن معركتنا الإستراتيجية هي وقف الحرب ثم الحريات وسيادة حكم القانون والقضاء). وانتقد “إبراهيم” تعامل الحكومة الأمريكية مع الحكومة السودانية، وزاد: (نحن نتواصل مع المجتمع الدولي ونتفاكر معه ونبلغه رؤيتنا ونحن غير ملزمين بأية رؤية تصدر منه لا تتسق مع مصلحة السودان، ونحن مهمتنا أن نملكه ما يحتاج إليه أهل السودان وطبيعة المشاكل الموجودة في البلاد وطرق حلها، ووجهنا رسالة واضحة للولايات المتحدة الأمريكية عبر وفد الكونغرس الأمريكي، وقلنا إنها لا تمارس ضغطاً على النظام لتثنيه عن الطريق الضال، ونرى أن هنالك مجاملة على المدى البعيد للنظام، هنالك عدم احترام لأكثر من (60) قراراً صدرت، ولكن النظام يستهين بكل القرارات الدولية والإقليمية ويضرب بها عرض الحائط).
وكشف “إبراهيم” عن عدم تلقيهم دعوة من الآلية الأفريقية لحضور الملتقى التحضيري في أديس أبابا، وأشار إلى أنهم سيخضعون الدعوة عندما تأتي إليهم، للنقاش وإبداء موقف حولها. وقال رئيس المؤتمر السوداني إن ورقة المؤتمر الشعبي حول قضايا الحكم، التي قدمها في لجان الحوار بقاعة الصداقة هي ورقة قوى الإجماع الوطني، وأضاف: (دي ورقة الإجماع لمن ناس “كمال عمر” كانوا معانا داخل قوى الإجماع، وهذه ورقتنا في البديل الديمقراطي، والمؤتمر الشعبي يريد أن يفرغ الورقة من محتواها عندما يطرحها هكذا، ويرد عليها نائب رئيس المؤتمر الوطني “إبراهيم محمود”).
ونبه “إبراهيم الشيخ” إلى تقديمهم رؤى لاجتماع قوى “نداء السودان” بعد اجتماعات طويلة، استمرت لعدة أيام تبلورت منها خارطة طريق للقضايا الأساسية، وقال: (سنناقش قضايا الميثاق والهيكلة والتوسعة والموقف السياسي الموحد. وتواثقنا “18” حزباً سياسياً عليها، ولم تعد هذه القضايا مثار خلاف ويستطيع “فاروق أبو عيسى” أن ينقل هذه القضايا إلى المجموعات الأخرى بشكل واضح، ونحن ليس لدينا تفويض جديد.. هذا التفويض انتهى من اجتماع برلين). وأضاف: (عندما تأتي دعوة لقوى الإجماع الوطني لحضور الملتقى التحضيري في أديس أبابا سنجتمع ونعلن عن موقفنا بالمشاركة من عدمها.. نحن ليس لدينا أي موقف من اللقاء التحضيري حتى الآن، وسنلتزم بالقرار الكلي لقوى الإجماع الوطني).
{ تبرير السكرتير السياسي للحزب الشيوعي للخلافات
من جانبه قال السكرتير السياسي للحزب الشيوعي “محمد مختار الخطيب” إن الحكومة لا تحترم الحريات العامة، ودعا إلى تشكيل ما سماه “أوسع جبهة جماهيرية” لإسقاط النظام، وتشكيل فترة انتقالية طويلة الأمد نسبياً يعقد من خلالها “مؤتمر دستوري قومي”، للتوافق على كيفية حكم السودان وإدارته، وأضاف: (عندما طرح النظام الحوار رحبنا به في قوى الإجماع الوطني، لكن قلنا إنه لابد أن يكون مثمراً ومنتجاً في حل الأزمة السودانية العامة، وضرورة أن يعترف النظام أن سياساته هي سبب الدمار الحاصل ويفكك نظام الحزب الواحد).
وأشار “الخطيب” إلى أن هنالك مطلوبات في إطار الحل الشامل للأزمة السودانية، من ضمنها إلغاء القوانين المقيدة للحريات. ونبه إلى أن المعارضة لم تضع شروطاً للدخول في عملية الحوار، ولكنها تريد من النظام أن يعطي الحقوق الموجودة في الدستور الانتقالي والمواثيق الإنسانية العالمية، وزاد: (الحريات لا تتجزأ، هذا وفد للمعارضة منع من السفر، ولذلك لابد أن ننهض جميعاً في الدفاع عن الحريات وإلغاء القوانين المقيدة لها). وأشار “الخطيب” إلى أن الاختلافات في تحالفات الأحزاب أمر طبيعي، وقال: (من خلال تجربتنا في مؤتمرنا الخامس، انتقدنا موقفنا من دعم الانقلابات العسكرية أياً كانت حتى لو قام بها ضباط شيوعيون، نحن ضدها.. نحن نقف مع قناعة الجماهير للوصول إلى الحكم، ونحن مع التداول السلمي للسلطة والتحول الديمقراطي، لذلك ندعو إلى مؤتمر قومي دستوري.. ومشاكل الجبهة الثورية تعود إلى أن هنالك تحالفات ينطلق كل مكون منها إلى منطلقاته الاجتماعية، وفي التحالفات تقع الخلافات، قد تكون ضيقة وقد تكون متسعة، ومن واجب كل القوى السياسية المعارضة والثورية أن تلتقي وتعمل على حل القضايا والخلافات، ونحن في قوى الإجماع الوطني لدينا اختلافات، لكننا نتفق على حد أدنى نسبة لاختلاف برامجنا، وفي هذا الحد الأدنى تقع اختلافات نسبة لاستخدامنا تكتيكات، لكن لدينا آليات لتوحيد رؤانا ونحل خلافاتنا للوصول إلى مشترك في القضايا).
{ حركة العدل تهاجم “ياسر عرمان”
نائب رئيس حركة العدل والمساواة وأمين إقليم دارفور وعضو المجلس القيادي للجبهة الثورية “أحمد آدم بخيت” استبق جهود قوى الإجماع الوطني في محاولتها لاحتواء الخلافات، وقال في حوار مع صحيفة “صدى الأحداث” الإلكترونية: (ما حصل في الجبهة الثورية أمر مؤسف ما كنا نتوقعه بالذات من أناس كانوا يكثرون الحديث عن رموز الديمقراطية في العالم في الماضي والحاضر، لكن ذلك ﻻ ينحدر لدرك اﻻنتكاسة لمسيرة الجبهة الثورية بل يمكن أن نسميه “عترة” والعترة تصلح المشية كما يقول المثل).
وقال “أحمد”: (لا توجد أي مسوغات إجرائية يمكن التشبث بها. كل ما في الأمر أن هناك جنداً مرحلاً منذ أكثر من سنتين من اجتماع إلى آخر، في انتظار توافق التنظيمات الثلاثة على أحدهم، وفقاً ﻻتفاق بين التنظيمات الأربعة لحظة هيكلة الجبهة أول مرة، بغياب هذا التوافق تولى الفريق “مالك عقار” رئاسة الجبهة الثورية لأن الرئاسة ليست من نصيبهم لأنهم تولوا القيادة العسكرية. وكان الفريق “مالك عقار” يتظاهر باستمرار بأنه قد سئم رئاسة الجبهة الثورية وأنه ليس له ما يقدمه بعد هذا، وأن رئاسته للجبهة خصمت من أدائه في تنظيمه.. وبالتزامن مع كل هذا التظاهر وفي نفس المسرح يؤدي “ياسر عرمان” أدواراً أخرى لتكريس سياسة فرق تسد اللعينة)، وأضاف: (يمكنني القول بصدق إن عدم التوافق على رئاسة الجبهة طيلة السنوات السابقة، كان ثمرة مرة من ثمرات ممارسة هذه السياسة في أقصى تجلياتها، كما مارسها الاستعمار الأجنبي، من قبل ومارسها المركز القابض)، وزاد: (والآن يمارسها وكلاء المركز في الثورة بفعالية غير أخلاقية.. التنظيمات الأخرى التي قبلت عضويتها في الجبهة بعد ذلك تعرف تماماً هذا اﻻتفاق ولم تعترض عليه ولم يترشح أي من قادتها طيلة هذه الفترة، وأحد الأخوة سأل “مالك عقار” وكان مفعماً بتظاهره المعهود.. وقال: لو اتفقوا بعد شهر ما عندي مانع. وتحدث بعد الأجتماع مع شخص وقال: الجماعة ديل ختينا ليهم الرئاسة في التربيزة ما قدروا يشيلوها).
وقال نائب رئيس حركة العدل: (“ياسر عرمان” بعد أن أورد الحركة الشعبية هذا المورد غير اللائق وﻻ يتواءم مع تضحياتها وفكرها ونبض شارعها الملتزم بأطروحة السودان الجديد، حيث الحرية والديمقراطية والمواطنة، بعد ذلك حاول أن يعالج خطأه بخطأ أكبر منه، حيث أجرى اتصاﻻت مع المنشقين من الحركات الأخرى وحاول استمالتهم للدخول معهم في جبهة جديدة، غلفها بالتحالف الذي دعا له في مقاﻻته عن “مالكوم أكس”، التي كتبها، لكن المدعوين كانوا أوعى من أن يصبحوا جوقة وهتيفة في منظومة ليس لهم فيها حق التطلع لقيادتها، ويتم استخدامهم لإعادة إنتاج المركز.. هذه الدعوة وصفها أحد الكُتّاب بأن صاحبها يريد أن يبني التحالف الجديد بيده اليسرى ويهدم الجبهة الثورية بيده اليمنى). وأضاف: (أما عن جبهة ثورية بلا حركة شعبية فنقول إننا ﻻ نستجدي أحداً، لكن الحركة الشعبية مكانها الطبيعي الجبهة الثورية ونداء السودان، لأن هناك تياراً عريضاً من قيادات وقواعد الحركة الشعبية يستنكر سلوك القيادة غير الموفق تجاه رفقائهم في الجبهة الثورية، والطعنة النجلاء التي سددتها لمفهوم الممارسة الديمقراطية كقيمة مركوزة في منهج الحركة الشعبية).