النشوف آخرتــــا
حكاية من حكاية في حكاية
سعد الدين ابراهيم
يوم (السبت) الأخ “محمد حامد جمعة”.. في زاويته الراتبة بـ(المجهر) .. كتب موضوعاً عن اختطاف (ساندرا).. عنونه بـ”حكاية من حلتنا” فاستحق ذلك أن أكتب تنويراً إضافياً للموضوع .. ثم أتداعى مع العنوان لصلتي به..
أما الموضوع فأبدأه بقصة قصيرة جداً .. ذات ظهيرة اتصل من الأخ الصديق “أحمد صالح” مذعوراً .. نجدد له التعازي في وفاة السيد والده عليه رحمة الله.. وكان سبب ذعره أنه بات يخشى علي لأنه ثمة صحفي تم اختطافه .. قلت له: هذا هراء .. الشاهد أن الرجل اختطف نفسه.. احتار.. قلت اطمئن يا رجل.. قال لي: أيمكن أن تكتب هذا الرأي قلت له: ممكن لكن المقام لا يسمح ثم إن ظني نسبته (99) في المائة ربما يصدق الواحد في المائة .. سريعاً صدق حدسي .. الآن المختطف مجهول.. فالأمن أول المتهمين بحادث الاختطاف نفى صلته بالحادث أما أن تكون اختطفت نفسها كما في الحالة السابقة بعيد عن الحدوث لأني سمعت إنه تم الاعتداء عليها بالضرب
فلا يمكن أن تكون قد اختطفت نفسها ودقتها.. أو أن تكون الحادثة قصد منها إثارة البلبلة وشغل الناس.. أو إحراج جهاز الأمن بتوريطه في الأمر بصورة أو بأخرى.. ومع احترامي للاحتمالات الثلاثة فإنها توصف بالصبيانية ولا أريد أن أقول الدخيلة على مجتمعناً.. فإن المجتمع أصبح ينتج ظواهر يمكن أن تكون دخيلة على المجتمعات الغربية ذاتها.. عموماً هنالك من ابتذل حتى الاختطاف .. فأُفرغ من مضمونه وفقد هدفه مهما كانت درجة الشر فيه.. انتقل إلى موضوع العنوان حكاية من حلتنا.. لا أدري إن كان الكاتب قد استمع إلى هذا البرنامج الذي كنت أقوم بتأليفه ويخرجه معتصم فضل في الإذاعة القومية والذي استمر لسنوات.. أم أن ذلك جاء عفو الخاطر .. لكني عدت إلى ذلك الزمن حين كنا نكتب الدراما الإذاعية بطريقة راتبة.. وكانت تلك متعة لا تدانيها متعة وكان التجويد ضرورة لأن المخرج والممثلين كانوا في درجة عالية من الحرص بحيث يرفضون المشاركة في عمل لا يقتنعون به .. قرأت في ذات اليوم لمعاوية السقا في (ٍالصيحة) معلقاً على حديث الدكتور “علي بلدو”.. (ولا أدري هل أصبح الدكتور ناقداً أيضاً).. لكن فتواه.. ذهبت إلى احتضار الدراما الإذاعية. وأضاف (السقا) أنها لا تحتضر بل ماتت وشبعت موتاً بفعل فاعل .. وذات يوم كنت أستمع إلى تمثيلية أو حلقة من مسلسل في الحافلة .. ولفت نظري الحوار الهش الفارغ والأداء الباهت لم يكونوا يمثلون كانوا يقرأون من الورق..
فعزمت على العودة للمساهمة في الدراما الإذاعية بكتابة مسلسل إذاعي وحكيت فكرته للأخ “كمال عبادي” فتحمس للعمل.. وتداعى معي في تصوير الشخصيات وتحليلها.. وعدته في رمضان وكان قد تبقت له أشهر سيستلم النص وقد أنجزت العمل في ثلاثين حلقة.. لكن عندما أعدت قراءته أصبحت أضيف وأحذف وقد أفضى بي إلى مراجعات في أمر (التكايا) التي كادت تندثر لأن مسرح العمل (تكية) تم هدمها.. ثم أفضى بي ذلك إلى موضوع (الوقف والأوقاف) وأخذت أفتش عن طرق فنيه لمناقشة تلك الأمور الصعبة والى الآن لم يكتمل العمل.. (مرت ثلاث سنوات).. عموماً أنا حزين لو صح أن الدراما الإذاعية ماتت وحزين إن لم يصح وتكون قد ظلمت!