طي نزاع
طوت قبيلتا المسيرية والسلامات نزاعاً داميا أدي لمقتل ( 900 ) شخص وإصابة نحو ألف جريح وتهجير ما يربو على ضعف عدد الضحايا إلى تشاد وبقية مدن السودان، وكان يوم أمس بمحلية أم دخن على الحدود السودانية التشادية يوما قصيراً جداً لسكان منطقة منسية وخارج انشغالات بقية السودان كيف لا وقد قتل في نزاع المنطقة كل هذا العدد من الضحايا ولم يشعر بهم الوجدان الجمعي للسودانيين ولم يثر الموت حتى ضمير المساجد ودور العبادة ولم يشعر المسؤولون بفداحة الكارثة ولا تبعات المسؤولية كان يوم أمس قصيراً لأن المنطقة التي تقع في ركن قصي من البلاد كانت تتوق للمصالحة وعودة الذين أخرجوا من ديارهم ولم تخيب الإرادة السياسية والرغبة في تقديم شيء للناس عند نائب الرئيس “حسبو محمد عبد الرحمن” الذي أمضى يومين في وسط دارفور متنقلاً بين المحليات والقرى لكن زيارة محلية أم دخن كانت هي الحدث الأبرز فالمنطقة التي لا تجد حظها من زيارات المسؤولين في المركز ظلت تقبع بعيداً عن دائرة الاهتمام وإلا لما كان واقعها الذي سنتحدث عنه كما شاهدناه لكن تصالح أهل أم دخن أمس وفي حضور مركزي كبير يمثل بداية لمرحلة جديدة وإلا لما تسابق المسيرية والسلامات إلى ذرف الدموع بعد إراقة الدماء بل أعلنوا عن تغير وجهة البندقية التي يحملونها الي صدور المتمردين وقدمت المسيرية خمسة عشر ألفاً من فرسانها لوزير الدولة للدفاع الفريق “يحيى محمد خير” ليدفع بهم اليوم قبل الغد إلى متحركات الصيف الساخن إسناداً لظهر الجيش وتبع السلامات إخوتهم المسيرية وتبرعوا بعدد عشرين ألف مقاتل ليخرج من صلب أم دخن وحدها خمسة وثلاثون ألف مقاتل وهي محلية جريحة بسلاح نفسها وأعلنت مكوناتها عن ترشيحها للمشير “البشير” رئيساً للجمهورية الدورة القادمة ووجدت خطوة التصالح والتعافي وغسل أدران الأمس الإشادة والتقدير بل إن السيد وإلي وسط دارفور الشرتاي “جعفر عبد الحكم” انتهج سلوكاً غير معهود في المسؤولين السودانيين عندما تقدم باعتذار لمواطني ولايته للإجراءات التي قام بها أثناء فترة النزاع بحبس بعد المشتبه في تورطهم في الأحداث واعتقال البعض وفصل آخرين من مواقعهم درءاً للفتن، وقال اتخذت تلك القرارات من واقع مسؤوليتي كوالي والآن سعيد بانقشاع سحابة الحرب وعودة الحياة لطبيعتها وبهذا الاعتذار يثبت الشرتاي “جعفر عبد الحكم” مرة أخرى عمق نظرته وسلامة منهجه في إدارة منطقة تعتبر موطناً لأغلب قيادات الحركات المسلحة من “عبد الواحد” و”أحمد عبد الشافع” وآخرين وقد استهدافها التمرد أكثر من أية منطقة أخرى لكنها الآن أخذت في التعافي.