الديوان

العم يوسف عبد الله .. انقطع عن التعليم (25) عاماً وعاد ليحضر (رسالة الماجستير) في الفعل المضارع

قصة نجاح    ابنه كان يرسل له مصاريف الدراسة
المجهر – سعدية إلياس
“يوسف عبد الله محمد الفكي” الرجل الذي قهر الجهل.. من أبناء (قرية الخياري) بالجزيرة، تلك البقعة التي كانت شاهدة على مثابرته بعد أن ترك التعليم من اجل مساعدة أسرته في رعي البهائم وفلاحة الأرض، وفي ذلك الوقت كان الأبناء ينصاعون إلى رغبة آبائهم الذين في الغالب يكتفون بتعليم أبنائهم أبجديات الكتابة، بطل قصتنا  “يوسف” ظل يكابد ويجابه قسوة ظروف  خاصة بعد نفوق بهائمه.. تخبط في مناحي الحياة.. وترك التعليم في العام 1980م.. تشتت أفكاره بين تربية أطفاله الأربعة وبين رغبته الجامحة في التعليم.. جاء قرار العودة الي (كنبة الدراسة) عام 2007م مرة أخرى وهو السبيل الوحيد لتحقيق طموحاته بعد (25) عاماً خصوصاً أن فلسفته في الحياة أن (لا مستحيل تحت الشمس).. (المجهر) التقته في دردشة إلى مضابطها….
{ بداية كيف كان حالك دون تعليم؟
–    حالي كان كحال كل الذين يتصفحون الجرائد والمجلات من أجل رؤية الفتيات الجميلات فقط دون العلم بتلك الحروف التي صاحبت الصورة، بعد ذلك.. قلت لنفسي لماذا لا أعرف ماذا يحدث خلف الصورة وكان نازع التعليم يتحرك بداخلي، وحينها كنت أعمل شرطياً وكانت الجرائد والمجلات تأتي منها نسخ إكرامية.
 
{ وكيف كنت تقرأها قبل الرجوع للمدرسة؟
–    كما قلت قبل عودتي كنت أستطيع هجاء الحروف حتى انطق الكلمة.. وبالممارسة استطعت القراءة وأصبحت مدمناً على شراء المجلات والصحف في عام (94) مثل مجلة (العربي الكويتية والدوحة القطرية والأمة الإماراتية والمجلة المصرية).
{ هل أحسست الفرق بين التعليم وعدمه؟
–    كيف لا وأنا أتلقى ارهصات الثقافة من الصحف السودانية في ذاك الوقت (أخبار اليوم والسودان الحديث والإنقاذ الوطني)، ومن ثم قراءة الكتب الثقافية لكبار الكتاب من “المنفلوطي” بمختلف مسميات كتبه إلى “نجيب محفوظ”، “إحسان عبد القدوس”، “محمد عبد الحكيم عبد الله”، “يوسف إدريس” و”جبران خليل جبران”، وكتب الفقه والعقيدة والتعبير، وكتب التاريخ حتى لُقبت بـ(يوسف تاريخ)، وكان كل همي أن أتعلم وأصبح مثلهم إلى أن أصبحت كاتباً صحفياً بـ(جريدة الوفاق) بطريقة غير منتظمة، ثم بـ(جريدة المحرر) تابعة للاخوان المسلمين، وكنت أكتب في السياسة وفي (المحرر) أكتب مواد دينية وقضائية وبعدها أدركت أن الجهل ظلام.

{ متى كانت عودتك ؟
–    رجعت إلى التعليم بمرحلة الابتدائي 2007م امتحنت من منازلهم وأحرزت نسبة (161)، وفي نفس العام جلست لامتحان الشهادة الثانوية من مدرسة الأهلية القرانية بمعهد حاج الحسن العلمي بـ”القضارف” وأحرزت نسبة (61) على مستوى المعهد و(82) على مستوى الشهادة ككل.
{ أبنائك من كان يرعاهم؟
–    في الحقيقة هم كانوا يرعونني لأن ابني الأكبر عمره (14) عاماً كان يذهب إلى المدرسة يوم ويوم آخر إلى شغل اليوميات ثم يقوم بإرسال المصاريف لي خصوصاً بعد دخولي الجامعة وأيضا ساندني شقيقي.
{ وماذا عن فترة الجامعة؟
–    فترة الجامعة كانت عبارة عن أربع سنين عجاف ومتعبات، وكان مصروفي لا يكفيني ولم أقدر على التوفيق بين الجامعة والأسرة، وكنت أنام على الأرض بداخلية أم درمان لأنني (طمعان) في حق السرير وآن ذاك كنا نُسمى بالطيارات، لأننا نسكن بطريقة غير شرعية والحمد لله تخرجت 2012م وفي نفس السنة قدمت للماجستير.
{ هل كنت قادراً على التوفيق بين الدراسة والعمل في الشرطة؟
–    درست حتى تخرجت في الجامعة، ولكن عندما أردت دراسة (الماجستير) الشرطة رفضت تفريغي، بعدها قدمت استقالي وتم رفضها فغبت عن العمل (6) أشهر وأنا اقرأ في الماجستير.
و لهذا تمت محاكمتي غيابياً وسجنت لمدة أربع شهور مع الرفد من العمل والغرامة (500) جنيه، ولكن بوصية من الشيخ “عبد الرحيم الركيني” استئناف “محمد علي محجوب” المحامي القضية وتم الإفراج عني.
{ كلمة اخيرة
كل الذي يمنحي الرضا في تجربتي أنني انتصرت أخيراً والآن أعمل على تحضير (رسالة الماجستير) في (الفعل المضارع وأحكامه الإعرابية)، وسأحقق أمنيتي بنيل (الدكتوراة).

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية