انتخابات اتحاد الصحفيين.. العودة للمربع (الأول)!!
{ في إحدى ليالي شهر (رمضان) الفائت زارني بمكتبي الأخ “الفاتح الحسن” مدير مكتب نائب رئيس الجمهورية رئيس القطاع السياسي بالحزب الحاكم السيد “حسبو محمد عبد الرحمن”، وكان الغرض من الزيارة أخذ رأيي في موضوع انتخابات اتحاد الصحفيين كأحد العاملين والعارفين بهذا القطاع.
{ قدّم ضيفي نفسه وأنا أعرفه منذ سنوات، وهو شاب واعٍ ومنفتح ولماح، باعتباره مشرفاً من خلال مكتب نائب الرئيس على ترتيبات انتخابات الصحفيين من جانب (المؤتمر الوطني) طبعاً، ولكل حزب الحق في أن يدير معركته ويسعى لتحقيق برامجه من خلال النقابات والاتحادات، ولا غضاضة. دار نقاش جيد وموضوعي، وسألني عن ترشيحات لقيادة الاتحاد، رشّحت له الأستاذ “حسين خوجلي” نقيباً للصحفيين السودانيين. أدهشته الفكرة وأبدى تحمساً للترشيح، ليس لأن “حسين” قريبه والاثنان من منطقة “الشرفة”، لكن لأنه وكما قال يريدون (نقيب صحفيين يملأ العين)!!
{ كانت تلك أماني “الفاتح” وأماني صاحب هذا القلم، وآمال وتطلعات المئات من الصحفيين الكادحين أساس السلطة الرابعة وركائزها، لكنها لم ولن تكون أماني جهات أخرى تريد اتحاداً باسم الصحفيين وهمياً، هزلياً وضعيفاً!!
{ كنت أعلم أن صحفياً مثل “حسين خوجلي” يشرفنا و(يملأ العين)، ويحسن تمثيلنا في اتحادات العرب والأفارقة، وربما صار فيما بعد رئيساً لاتحاد الصحفيين العرب، فهو أفصح وأعلم من غالب (نقباء) وقيادات الصحافة (العربية)، ولا محالة سيبزهم في أول اجتماع جمعية عمومية في القاهرة أو بيروت، فصاحب الألوان (عربي) أكثر منهم، شكلاً وجوهراً، قلماً ولساناً..!!
{ كنت أظن، وليس كل الظن إثماً، أن الصحيح أن يستثمر السودان في (عباقرته)، وأن يتجاوز بعض (السلطويين) عندنا محدودي البصر والبصيرة، توجساتهم المرتبطة بالمهام الظرفية والملفات الآنية إلى رحاب الاستراتيجيات والنظر العميق. قلت لـ”الفاتح” مطمئناً: (لن يقول “حسين” عبر لافتة الاتحاد أخطر مما قاله عبر شاشة قناة أم درمان، لا شيء جديد يقال.. نحن نريد اتحاداً قوياً ومحترماً).
{ لكن الممسكين بالقرار ومن أسف، لا يستطيعون مفارقة مربعاتهم (الأولى)، وليس بمقدورهم الارتفاع فوق سقف الهواجس والظنون!!
{ كنت أود الاتصال بالأخ “حسين”، لأهمس في أذنه بالترشيح وأستحلفه أنهم إذا جاءوه، ألا يرفض ولا يعتذر، لأننا في مرحلة حساسة من عمر الوطن نحتاج فيها إلى رجال، إلى (لسان) يحكي واقعنا المزري، و(يد) عليا تحمينا من تطفل المتطفلين على صحافتنا وقانونها، لا إلى موظفين و(كتبة) و(مراسلات) باليومية والمقطوعية.
{ لكن إحساساً داهمني وحدساً عندي لا يخيب، جعلني أعد ما تم تداوله من أفكار في تلك الجلسة مجرد أضغاث أحلام وأوهام، فالذين (يصححون) القوائم وفق رؤى ونظريات وأفكار عقيمة لا يمكنهم أن يرشحوا رجالاً لهم كلمة، رأي، حجة، شخصية ومنطق.
{ هؤلاء وكما تعودنا يريدون (طراطير) لا (نقباء) ونقابيين بحق وحقيقة، حتى وإن كانوا من ذات الحزب والحركة والولاء للقضية الكبرى والفكرة الأصل.
{ وبالفعل لم يأتوا بـ”حسين خوجلي” ولا بشبيه له، وحواء الصحافة والدة، فخرجوا علينا بقائمة لا ترقى إلى التطلعات وليست بالتأكيد في حجم التحديات، قائمة (لقاط) لا هارموني بينها، ولا تناسق ولا فكرة ولا برنامج، ولكي تفوز على ضعفها لابد من (كلفتة) الإجراءات، فيكون فتح باب الترشيح والطعون، ونشر قائمة المرشحين، والطعن فيهم، والفصل في الطعون، كله خلال (ثلاث ساعات)!! لماذا هذا الخوف بل الهلع والقلق؟!!
{ وإذا كان الصحفيون قادة الرأي العام عاجزين عن اختيار من يحسن تمثيلهم وانتزاع حقوقهم وحماية قانونهم الساري، فكيف لهم أن يكافحوا الفساد ويحاربوا الغلاء، وينتقدوا الأحزاب ويوجهوا مسيرة الحوار الوطني؟!
{ إذا كانوا غير قادرين على هزيمة قوائم تعدّها كوادر لا تعرف (كوعها من بوعها) تتحكم في مصير السلطة الرابعة، فكيف لهم أن يقودوا الشعب السوداني باتجاه الأمن المستدام، والسلام والتحول الديمقراطي، والعدالة والشفافية؟!!