ولنا رأي

من يلقي القبض على التماسيح البشرية؟!

نشرت الصحيفة أمس في صفحتها الأولى وفي صفحة الجريمة خبر التمساح الذي ابتلع شاباً في الثلاثين من عمره والذي عثرت عليه الحياة البرية قبالة القصر الجمهوري وجوار ديوان الحكم الاتحادي. لقد ظهر في النيل العديد من التماسيح لكن أخطرها هو الذي شاهده حرس “نميري” السابق الملقب بـ”نميري” حينما نزل إلى النيل لمعاينة زراعته بالمنطقة فشاهد التمساح وهو ممسك بالشاب، لكن للأسف حينما أبلغ السلطات بالحياة البرية كان التمساح قد دخل إلى النيل وبين فكيه الشاب.
لقد جاءت التماسيح مع خريف هذا العام، منها ما ظهر بالكلاكلة ومنها ما ظهر بالقرب من القصر الجمهوري، وربما هناك العديد من التماسيح بالنيل، لكن هذه التماسيح (عينها قوية) فقد بدأت تظهر للناس بل تلتقط ما تستطيع التقاطه، ولسان حالها يقول لماذا لا تظهر طالما التماسيح البشرية تتبختر في الأسواق دون أن تجد من يصطادها ولا أحد يخيفها؟! نحن كذلك نظهر للناس ونصطاد ما نستطيع اصطياده طالما القصة (بقت فاكة)، وطالما التماسيح البشرية يأكلون الناس نهاراً جهاراً ولا يجدون من يلقي القبض عليهم.. تماسيح الدولار يقدلون في الطرقات وبقوة عين يصيحون (دولار.. ريال سعودي.. يورو) دون أن يعترضهم الأمن الاقتصادي أو أية جهة مسؤولة أخرى.. وتماسيح السوق بكل أنواعه وأصنافه (طماطم.. بصل.. خضار.. ليمون وفواكه).. هؤلاء التماسيح البشرية يظهرون للناس ويقدلون ويطالبون بأسعار خرافية لكل صنف من أصناف الطعام.. إذن ألا يحق لتماسيح النيل أن تظهر كمان وتخطف ما يسد رمقها؟!
وتماسيح النيل تكتفي بفريسة واحدة وتدفنها في الأرض لمدة ثلاثة أيام ومن ثم تقوم بنبش الفريسة لتأكلها، لكن تماسيح البشر لا تشبع أبداً ولا يكفيها صنف واحد.. فإذا أحست أن الدولار في حالة تصاعد مستمر تتجه للمتاجرة فيه، وإذا ما أحست بأن هناك صنفاً آخر بدت كمياته في السوق زهيدة مثل (البصل) تتجه إليه وتشتري أكبر كمية منه وتبدأ في تخزينه وعندما يرتفع السعر تخرجه لمص دم الغلابة.. وكذلك في الألبان واللحوم.. فالتماسيح البرية لا تشبع أبداً وهي في حالة تصاعد ونمو مستمر تبدأ صغيرة ثم تكبر وتكبر، فإذا أحست بالخطر يوماً ما كتجار العملة تختفي ريثما تنتهي الحملة ثم تعاود الكرة من جديد.
إن تماسيح البشر أخطر على المرء من تماسيح النيل.. والتمساح الذي اختطف الشاب قبالة القصر الجمهوري في اليومين الماضيين لا يتوقع أن يظهر تمساح غيره بتلك المنطقة إلا في الخريف القادم، لكن التماسيح البشرية تظهر يومياً ولا تشبع أبداً، وشاب واحد لا يكفيها.. فإذا ظهرت في (السوق المحلي) يمكن أن تظهر في (سعد قشرة)، وفي (السوق العربي) أو (سوق أم درمان) أو (سوق ليبيا).. هذه التماسيح خطيرة وتهدد البشرية، ونحتاج القضاء عليها أكثر من القضاء على التمساح الذي ظهر جوار القصر الجمهوري.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية