الجبهة الثورية تلعب في ميدان التفاوض
“عبد الواحد” في “أديس”
تقرير- فاطمة مبارك
تتجه هذه الأيام شخصيات قيادية معارضة وحركات مسلحة وأخرى لها أبعاد إقليمية ودولية نحو “أديس أبابا” لعقد اجتماعات ولقاءات، تارة مع بعضها البعض وتارة أخرى مع شخصيات وسيطة في المسألة السودانية. فبعد وصول “الصادق المهدي” والمبعوث الأمريكي الخاص لحكومتي السودان وجنوب السودان و”ثابو أمبيكي” لـ”أديس” وتداولهم للشأن السوداني، تناقلت المواقع أمس خبر وصول رئيس حركة تحرير السودان “عبد الواحد محمد نور” إلى “أديس”. ووفقاً للخبر أن الدعوة وجهت لـ”عبد الواحد” من رئيس الوزراء الإثيوبي “هايلي ماريام دسالين” ورئيس الاتحاد الأفريقي “نكوسازانا دلامين زوما” ورئيس الآلية الأفريقية “ثابو أمبيكي” ورئيس البعثة الأفريقية المشتركة لدارفور “محمد بن شمباس”. وأكدت حركة تحرير السودان أن هذه الدعوة تأتي في إطار التشاور مع الزعماء الأفارقة لشرح موقف حركتهم ورؤية الجبهة الثورية لحل الأزمة السودانية عبر الحل الشامل الذي يفضي إلى تغيير النظام، كما نصت مواثيق “كاودا” و(الفجر الجديد) و(إعلان باريس) الذي عقد مؤخراً بين الجبهة الثورية وحزب الأمة (القومي) وعزله إقليمياً ودولياً كما جاء في الخبر.
وجود “أمبيكي” في “أديس” أثار أكثر من استفهام وجدد سؤال بعض المراقبين عن طبيعة المهمة التي يقوم بها”أمبيكي” تجاه عملية الحوار الوطني في السودان، وهل يقوم بهذا الدور بوصفه مراقباً كما قال نائب رئيس الجمهورية أم وسيطاً كما تعبر عن ذلك المؤسسة الأفريقية التي ينتمي لها، كما أن هذه اللقاءات تعقد في وقت كان محدداً لاستئناف المفاوضات بين الحكومة و(قطاع الشمال) حسب ما أكدت الحكومة السودانية، حينما قالت إن الوسيط الأفريقي رئيس الآلية “ثابو أمبيكي” وجه الدعوة بصور رسمية للحكومة والحركة الشعبية (قطاع الشمال) لاستئناف الجولة السابعة من المفاوضات فكيف يتم الجمع بين دعوتين، أما وجود المبعوث الأمريكي في “أديس” ولقائه بـ”الصادق المهدي” بعد توقيعه لـ(إعلان باريس) مع الجبهة الثورية ويمكن أن يحسب في صالح القوى المعارضة الموجودة في “أديس” على خلفية الخلاف القديم المعروف بين المبعوث الأمريكي وحكومة السودان، عندما وصف المبعوث قضية “أبيي” بالشائكة ورفض وزير الخارجية “علي كرتي” هذا الوصف. وقال المبعوث لا دور له في هذه القضية ولن نمنحه هذه الفرصة و”أبيي” هي القضية الوحيدة التي تبقت لأمريكا لإفساد علاقتها مع السودان، في ذات الاتجاه سبق أن أبدت الخارجية وبعض القيادات النافذة في السلطة تحفظها من دور المبعوثين في قضايا السودان، ما يعني أنه ربما يقوم بهذا الدور دون مشورة الحكومة السودانية
كذلك فهم هؤلاء حضور “الصادق” من الإمارات إلى “أديس” في سياق أنه جاء وفق خطة مرسومة من بعض دول المحور العربي الإقليمي لتغيير النظام في السودا. وسألوا عن دواعي لقاء “الصادق المهدي” بالجبهة الثورية مرة أخرى بعد (لقاء باريس) والإعلان الذي تمخض عنه (إعلان باريس)، وعن المستجدات التي طرأت، إلا أن آخرين لم يستبعدوا أن تكون هذه التحركات تتم بهدف دعم عملية الحوار الجارية بالداخل، لاسيما أن الرئيس ومساعده بروفيسور “إبراهيم غندور” ظلا خلال الأيام الفائتة يدعوان الحركات المسلحة للانضمام لطاولة الحوار. وسبق أن التقى “بن شمباس” و”أمبيكي” الأمين العام للمؤتمر الشعبي دكتور “الترابي” بمنزله بالمنشية. وتناقشوا حول كيفية إقناع الحركات المسلحة وفق ضمانات تلتزم بها الحكومة لدخول البلاد، والتحاور حول كيفية الوصول لاتفاق يمكن الجميع من المشاركة في الحكم وتحقيق السلام.
وبالنظر إلى أطراف الدعوة التي قدمت لعبد الواحد وشملت رئيس الوزراء الإثيوبي و”بن شمباس” ورئيس الآلية الأفريقية رفيعة المستوى “ثابو أمبيكي” يمكن فهم ما يتم في “أديس” في إطار دعم قضية الحوار الوطني، خاصة أن “أمبيكي” قبل ذلك التقى بالقوى السياسية المسلحة، وقال إنه سيلتقي قادة الحركات المسلحة بكينيا لإقناعها.
الحكومة من ناحيتها أشارت إلى أن وجود الحركات في “أديس” من أجل دفع عملية الحوار الوطني الذي يشارك فيه الجميع. وأكد مسؤول ملف دارفور دكتور “أمين حسن عمر” لـ(المجهر) أمس أن ملف دارفور يعتمد على وثيقة الدوحة، مشيراً إلى عدم وجود منبر جديد للسلام، وإذا ربطنا بين وجود “بن شمباس” في “أديس” وحديث “أمين” يمكن أن نفهم كذلك هذه اللقاءات في إطار دعم عملية الحوار الوطني، كذلك ما قاله “أمين” تطابق مع حديث سابق لمستشار رئيس الجمهورية “مصطفى عثمان إسماعيل” لقناة الشروق قال فيه، إن رئيس الآلية الأفريقية رفيعة المستوى “ثابو أمبيكي” قدم الدعوة إلى الحركات المسلحة للحضور لـ”أديس”.
وفي هذه الحالة يمكن تفسير حديث حركة تحرير السودان بقيادة “عبد الواحد” عن أن رئيسهم ذهب إلى “أديس” لشرح موقف الحركة وتقديم الرؤى التي تقوم على تغيير النظام، في سياق رفع الحرج عن مشاركة “عبد الواحد” الذي عرف بالمواقف المتشددة وعدم المشاركة في طاولات الجهات الوسيط، وعدم رغبتها في كشف نوعية الضغوط التي تتعرض لها الحركات للوصول إلى سلام، لكن في النهاية وصول “عبد الواحد” وبقية عضوية الجبهة الثورية يعزز من القول، بأن الجبهة الثورية قررت النزول للعب في ميدان التفاوض بـ”أديس”.
إلا أن الملاحظ وجود الوسطاء والمعارضين من الحركات والقوى السياسية على ضوء غياب الحكومة، فهل ما يتم هو محاولة لإقناع الحركات تحت ضوء كاميرات القنوات الفضائية، والمراقبين على ضوء وجود شخصيات إقليمية ودولية مسؤولة لتنضم لطاولة الحوار الداخلي، أم لقاء قصد منه التعرف على رؤى الحركات المسلحة و”الصادق المهدي” الموجود بالخارج. وفي حال أفلحت الوساطة في إقناع الحركات المسلحة والجبهة الثورية بعملية الحوار، وأعادت رئيس حزب الأمة (القومي) للطاولة هل ستنضم الحركات المسلحة لطاولة الحوار الوطني تحت إشراف آلية (7+7)، وما هي الضمانات التي ستقدمها الحكومة وتلتزم الجهات الخارجية بتنفيذها إذا قبل قادتها دخول البلاد.