القيادية بالحزب الجمهوري "أسماء محمود محمد طه" لـ(المجهر):
سبق أن اعتبر الحزب الجمهوري في بيان له “الحوار” من أرقى الوسائل وأكثرها تحضراً لحل الخلافات، سياسية كانت أو فكرية، وبعد أن رفض مسجل الأحزاب السياسية منح الترخيص القانوني للحزب الذي يستند إلى أفكار المفكر السياسي “محمود محمد طه” الذي تم إعدامه في العام (1985) بعد إدانته بالردة عن الإسلام، خلال عهد الرئيس الأسبق “جعفر النميري”، يرى “الجمهوريون أن السلطة تخافهم لأنهم يقدمون البديل الذي يهدم كل قواعدها، ويعريها من الإسلام الذي تتدثر به في استغلال حق الناس وفي ظلمهم.
بل ورأوا في “الفكرة الجمهورية” المخرج الوحيد في مجتمع القرن الحادي والعشرين، لأنها وفقاً للقيادية بالحزب الجمهوري “أسماء محمود محمد طه” تقدم الحل لمشكلة الفرد والجماعة وفقاً لفهم موضوعي يناسب وضع الإنسان المعاصر وحاجته.
(المجهر) حاورتها عن كل ذلك والعديد من القضايا الأخرى ..فإلى مضابط الحوار..
} لنبدأ من آخر ما حدث .. ما هو الموقف الآن عقب رفض تسجيل الحزب الجمهوري ؟
-الموقف الآن هنالك إجراءات قانونية أمام المحكمة الدستورية للطعن ضد قرار مسجل الأحزاب الرافض لتسجيل الحزب، ونحن سننتظر لنرى ماذا يحدث، لدينا أيضاً شكوى سنقوم برفعها لمفوضية حقوق الإنسان، كما لدينا عمل كذلك مع منظمات دولية وإقليمية، حيث إننا سنقوم بتصعيد العملية في اتجاه تأكيد إرساء أن لدينا حقاً في ممارسة عملنا، وفي الاعتقاد بناءً على نص الدستور، وبناءً على كل الاتفاقيات التي وقع عليها السودان في مسألة الحقوق والحريات.
} أنتم مستميتون في مسألة قيام الحزب الجمهوري.. ما هي الأسباب التي حدت بكم لقيامه في هذا التوقيت؟
-نحن نعتقد أن هذا الحزب قمع لفترة طويلة جداً، ومورس ضده تشويه، حيث تجد أن كل وسائل الإعلام تتحدث عنه بصورة سلبية، فشعرنا بواجب أن نتحرك في هذا الاتجاه، خاصة وأن “الإسلام” قُُدم بصورة شائهة جداً ، وبدأ العالم يعي الآن أن تنظيم “الإخوان المسلمين” و”الإسلام السياسي” لابد من اقتلاعه من أرض الواقع عبر الحوار، ونحن لدينا دور كبير في هذا الأمر، ولدينا رؤية واضحة، فشعرنا أن الوقت مناسب لقيام الحزب والإسهام مع المسهمين في تطهير الإسلام من الاستغلال السياسي والفهم الخاطئ.
} هل تعتقدين أن منع تسجيل الحزب يؤثر على مجريات الحوار الوطني الدائر الآن ؟
-الحوار الوطني “نحن ناس الحوار”، وسبق أن أسسنا المنابر الحرة ودعونا للحوار، ولكننا نعتقد أنه ولكي يقام حوار جاد، نعتقد أنه لابد وأن يهيأ له المناخ، بحيث أولاً لا يجب أن يكون “المؤتمر الوطني” هو من يقود عملية الحوار لأنه هو الخصم لكل الأحزاب المعارضة له، وثانياً لابد من إيقاف الحرب، وإشراك “الحركة الشعبية – قطاع الشمال” وكل الأحزاب والمنظمات القائمة في الحوار بصورة متكافئة، وأيضاً إيقاف الاعتقال التعسفي، وإطلاق سراح الحريات، وإلغاء القوانين المقيدة للحريات وإيجاد بدائل لها، أي تهيئة المناخ الذي يقام فيه الحوار، في ذلك الوقت نحن حينها سنظهر كمحاورين، لكن في الوقت الراهن فنحن نحاول تصحيح هذه الأوضاع حتى نجد المساحة التي تعلننا محاورين.
} هل شكل إيقاف تسجيل الحزب مفاجأة وصدمة لكم، لأنكم تلقيتم إشارات إيجابية بحسب ما علمت قبلا ؟
-بالفعل، فقد كانت هناك إشارات إيجابية في مسألة تسجيل الحزب لدرجة أننا منحنا شهادة لممارسة عملنا، وفجأة حدثت استجابة للضغوط التي مورست ضد تسجيل “الحزب الجمهوري”، وتمت الاستجابة لهذه بصورة كبيرة من دون سند دستوري وقانوني ومن دون فهم ديني صحيح.
} هل تعتقدين أن هنالك جهة ما تقف وراء إيقاف تسجيل الحزب الجمهوري؟
-أعتقد أن الفكر السلفي، ولا تنسى أن مجلس الأحزاب نفسه مكون من “المؤتمر الوطني” وهو جهاز من أجهزة السلطة.
} السلطة تدعو للحوار هل لها وجهان أم ماذا ؟
-السلطة نفسها يها صراع داخلي، وهناك من يقف مع الحوار، وهناك من يقف ضده، والسلطة ينبغي أن تكون واعية لمن يقف ضد قرار الرئيس نفسه، حتى توحد السلطة رؤاها.
} هل الفهم المسبق لدى السلطة عن الحزب الجمهوري أدى لخروج قرار منعه من ممارسة حقه السياسي ؟
-نعم ذلك مؤكد، وهنالك مؤامرات كبيرة ضد الحزب الجمهوري مبنية على الفهم الذي تقوم عليه السلطة في الوقت الراهن، ولكننا ماضون في مقاومة هذا الأمر.
} شن أئمة المساجد هجوماً كثيفاً عليكم واستندوا فيه للتفسيرات الدينية، كيف ترون هذا الأمر ؟
-نحن نرى ذلك موقفاً خطيراً، والسلطة من الواجب عليها أن يكون لديها اتجاه لإيقاف أي شخص يتجه للعنف، ويتجه لإثارة الفتنة بين الناس، ونحن ندعو للحوار وسلميون، ولكن إذا استدعى الأمر لأن ندافع عن أنفسنا فسنفعل، وهذه تفتح باباً للفتن، ويجب على السلطة أن تكون حاسمة وتقم بإيقاف المعتدين عند حدهم، وتعمل على إرساء قواعد الحرية والحوار بغض النظر عن اختلافها معنا.
} هل ظهرت أية بوادر تؤثر على السلم الاجتماعي؟
-لدينا الآن قضية رفعناها ضد أحد العلماء يُدعى “الزومة” تحدث بأن “سيوفهم مسلولة وتقطر دماً”، والدعوات التي انطلقت في خطب صلاة الجمعة كلها دعوات لتسيير مسيرات ومخاطبة العاطفة الدينية لدى الناس بإيهامهم أننا ضد الدين، ونحن كل ما نطلبه هو وقف ذلك، وإذا كنا نحن ضد الدين، يعطونا الفرص (لـيورونا ذلك)، بسماحة وحرية وتتاح لنا الفرصة للدفاع عن أنفسنا وتوضيح موقفنا، لا أن يأخذوا بآراء خصومنا.
} هنالك “جمهوريون” يرفضون قيام “الحزب الجمهوري” لماذا ؟
-هذا السؤال يوجه لهم هم، ومن يقفون ضد قيام الحزب الجمهوري لهم اعتبارات وهي اعتبارات محترمة يسألون عنها، ولكن نحن الذين رأينا قيام الحزب ماضون في هذا الاتجاه.
} هل الحزب جاهز لتقديم تصور متكامل لحل قضية الحكم في السودان ؟
-نعم، فأفكار الأستاذ “محمود محمد طه” المطروحة فيها الحل الحاسم لكل القضايا السياسية والاجتماعية والاقتصادية، فقط هي تحتاج لأن ترى النور، وتحتاج لأن يفتح حولها النقاش وإدارة الحوار حولها حتى تتضح الرؤية، وبعدها الشعب هو القيم علينا وليس بعض رجال الدين الذين يريدون أن يكونا أوصياء علينا، ويريدون منع الشعب من الاستماع إلي أفكارنا بدعوى أننا نريد تضليل الناس، وكل إنسان لديه عقله، والمسؤولية في الدين مسؤولية فردية (وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَى كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ) صدق الله العظيم، وأيضاً كما قال تعالى (وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى)،وعلى هؤلاء الناس أن يبتعدوا عن الوصاية على الشعب السوداني، وإفساح الفرصة للناس للتفكير واختيار خياراتها بحرية وتمعن وإطلاع.
} مسجل الأحزاب قال إن “الحزب الجمهوري” حزب طائفي على ماذا استند؟
-أسأله هو، ونحن لسنا طائفيين، ونحن في الحقيقة الأستاذ “محمود محمد طه” تحدث أنه ضد “الطائفية” بصورة كبيرة جداً في سياق شجبه للأحزاب الكبيرة، ودعا لأن يكون الناس أحراراً، لذلك في الفكرة الجمهورية هنالك قاعدة تقول (الطاعة بي فكر والمعصية بي فكر)، يعني الزول ما يطيع ساي، ولا يعصي ساي، يعصي بي فكر ويطيع بي فكر.
} بعض علماء الإسلام لديهم موقف سالب تجاه الفكرة الجمهورية.. ما هي رسالتك لهم؟
-رسالتي لهم أنه بيننا النقاش والحوار، والمسائل يجب أن لا ترسل هكذا، وأقول لهم إن الأستاذ “محمود محمد طه” ظلم إلى حد كبير جداً، ولا طريقة للقضاء على أفكار الأستاذ “محمود” بقتل الناس أو كبتهم، لأن هذا الفكر باق وهو فكر حي، وإذا كانت لديهم رؤية بأن هذا الفكر خاطئ، فليوضحوها بكل موضوعية وهدوء وأن تفتح لنا الفرص لمناقشة هذه الأفكار ولتوضيح رأينا، الناس عليها أن تسمع مننا نحن لا من خصومنا.
} هل صحيح أن الشباب يطلعون على أفكار “محمود محمد طه” عبر (الإنترنت) ويأتون إليكم ؟
-نعم هذه المعلومة صحيحة، وهذه حقيقة أؤكدها لك، بل حتى في منزلنا ودار الحزب وفي كل مكان تأتينا مجموعات من الجامعات وغيرها، تأتينا للبحث عن أفكارنا وكتبنا ويقولون لنا نحن قرأنا كذا ولدينا أسئلة كذا وكذا، ودعني أقول لك بهذه المناسبة إن منع انتشار الفكرة الجمهورية لا يتم بما يحدث لحزبنا الآن.
} بعض المراقبين يرون أن “الفكرة الجمهورية” أكبر مهدد لأفكار “الإسلام السياسي”.. هل ذلك صحيح؟
-نعم، وهذا هو السبب الذي دعا هؤلاء الناس لمنع قيام حزبنا، لأن هؤلاء الناس لا يخافون من أي فكرة سوى “الفكرة الجمهورية”.
} لماذا؟
-لأنها تعريهم وتفضحهم لأنها تقدم الإسلام بموضوعية وعلمية وهدوء ويقبل عليها الشباب.
} هل فعلاً أفكاركم “ضالة” ؟
-امنحونا الفرصة حتى يقول من يقول إن أفكارنا ضالة ثم يقولون لماذا أفكارنا ضالة، لا أن يشوهوها ويبتروها، وبالمقابل امنحونا نحن الفرصة حتى نوضح أن أفكارنا في الحقيقة هي المخرج الوحيد إذا قدر للإسلام أن يعاش في مجتمع القرن الحادي والعشرين فلا طريقة ليعاش إلا بأفكار الأستاذ “محمود محمد طه”، لأنها تقدم الحل لمشكلة الفرد، وتقدم الحل لمشكلة الجماعة وفقاً لفهم موضوعي يناسب وضع الإنسان المعاصر وحاجته.
} هل صحيح أن هنالك دوائر أمريكية تدعم “الحزب الجمهوري” ؟
-إطلاقاً لا توجد أية دوائر لها علاقة بالفكر الجمهوري، هذه فكرة مطروحة، صحيحة أو خاطئة يناقشها الناس في ذلك، ثانياً أين هذا الدعم فالدعم دعم فكري، وإن وجد هذا الدعم يوضح نوعه لأنها فكرة مطروحة إما أن تؤمن بها أو تعارضها.
} فاخرتم بأن فكرتكم فكرة سودانية خالصة وليست مستجلبة من الخارج ؟
-“الفكرة الجمهورية” فكرة سودانية خالصة، قام بها رجل سوداني وقدمها، وحتى حديثه للحلول من الواقع السوداني حينما تحدث عن تساوي السودانيين في الفقر لا الغنى، ويأتي بالنصوص القرآنية التي تدعم هذا الفهم، حينما تحدث عن حل أزمة الزواج في الوقت الحاضر من الواقع السوداني والبيئة السودانية، وحينما تحدث عن الدين والتنمية الاجتماعية، هذه كلها مبنية على مشاكل المجتمع السوداني، وقدم حلولاً من القرآن تناسب الواقع.
} هل أنتم قادرون على تحقيق أفكار الأستاذ “محمود محمد طه” في “الاشتراكية والديمقراطية الإسلامية؟
-نعم هي كلها مستندة على حياة النبي “صلى الله عليه وسلم”، ولها أصولها من القرآن (وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ) وكذلك من حياة النبي الذي لم يكن يكنز، ونفتقد اليوم في الدعاة الإسلاميين الزهد في الحياة، ونرى الغنى الفاحش والسعي وراء الدنيا، كل هذه مجافية للسيرة النبوية وللقيم الإسلامية وللنصوص القرآنية، ونحن نريد استعادة هذه المثل ونستلهمها في حياة الناس، بحيث يكون للفقير الحق وليس الصدقة، والغني يكون له الحق الذي يحفظ حقوقه دون توسع.