دا ما السودان الشفتو في (المنام)!!
وصلت بالأمس إلى المنزل وأنا في غاية التعب والإرهاق.. لم أفكر في تناول أية وجبة.. كان همي أن أصلي العشاء وأنام نومة هادئة هانئة وقد كان.. نعم نمت في تمام التاسعة مساءً بعد قضاء يوم مليء بالعنت والمشقة.. كنت سعيدة جداً وأنا أذهب للسرير.. نمت عميقاً جداً بعد دقائق معدودة لم أشعر حينها بأي شيء حولي.. أشيائي لم أرتبها كالعادة، تركتها كما هي وقلت في نفسي (الصباح رباح).
نمت وحلمت حلماً حلواً جداً تمنيت بعد أن صحوت أن يكون حقيقة.. ولأنه حلم جميل يسعدنا كلنا حرصت جداً أن أحكيه لكم عبر هذه المساحة فقط (من أجل تعميم الفائدة).
حلمت وكأن السودان جنة الله في الأرض، يأتي إليها السياح من كل أنحاء العالم.. لم يكتفوا بزيارة ولاية واحدة، بل الذي يأتي للسودان عليه أن يزور كل الولايات لأنه جاء من أجل زيارة السودان ككل وليس ولاية الخرطوم باعتبارها العاصمة.. فالولايات الأخرى لم تكن أقل من الخرطوم.. الخرطوم الحالية ليست الخرطوم التي (شفتها في المنام) دي خرطوم تانية خالص… خرطوم بها عدد من الكباري الطائرة والمعلقة والأنفاق، والشوارع كلها أسفلت ولا توجد نفايات على الشوارع، فهنالك براميل ذات لون أخضر موزعة على مدخل كل شارع، فالذي في يده وهو بالشارع منديل ورق مثلاً لا يرميه كالمعتاد، بل يذهب إلى البرميل الذي أعد لهذا الغرض.. بل والأغرب من ذلك وأنت تسير بالشارع العام مثلاً وتلاصقت كتفك مع آخر يسير موازياً لك تسمع بعد ذلك كلمات الاعتذار من الطرفين.. سبحان الله.. مش أنا نائمة!! كنت مندهشة للتصرفات الراقية والسلوك الدبلوماسي الذي شفته بعين المنام.
الحلم كان طويلاً جداً امتد طوال ليل أمس، وشمل كذلك الخدمات الراقية التي يتم تقديمها في المستشفيات.. الخدمة كلها بالمجان بعد تحولت أشكال المستشفيات الحالية إلى مستشفيات بعمران راقٍ جداً يجعل المريض يحس بالعافية والصحة التامة وهو يدخل أحد المستشفيات طالباً العلاج، فحتى إن عجزت عن الوصول إلى المستشفى لأنك لا تمتلك سيارة فعليك أن تطلب المستشفى الذي تريد لتصلك سيارة خاصة وليس إسعافاً، لأن سيارة الإسعاف صوتها مزعج، وإدارة المستشفى لا تريد إزعاج المواطنين والمريض الذي بداخل الإسعاف وسائقي المركبات سواء أكانت عامة أو خاصة.
الكهرباء شغالة على طول، و(الموية) بالفلتر ليست بها أية شوائب ولا اختلطت بمياه الصرف الصحي.. يتحدثون الإنجليزية بطلاقة مع السياح القادمين إلى السودان، يشرحون لهم كيف أن نهر النيل من أكبر الأنهار في العالم، وأن السودان سلة غذاء الدنيا والصادرات السودانية موجودة في كل العالم، لأنها هي المفضلة باعتبارها خالية تماماً من المحسنات و(بروميد البوتاسيوم).. السياحة وحدها كانت تمتلئ بها خزينة وزارة المالية، والتجنيب انتهى تماماً لأن جل الوزارات لديها من الموارد ما يكفي ويزيد، حتى أننا لم نشتغل كثيراً برسوم عبور نفط الجنوب لأن بترول الشمال تدفق وأصبح السودان مقراً لـ(أوبك) وبعض الطلمبات توزع الخدمة مجاناً وتعلن للجمهور الكريم أن يومي الأحد والثلاثاء من كل أسبوع تم تخصيصها للخدمة المجانية.. ليس جالوناً واحداً بل التانكر كله يمتلئ حتى يدفق بالمجان.. والمدهش حقاً أنه رغم الخدمة المجانية نجد الإقبال ضعيفاً جداً (حاجة غريبة فعلاً).
الشوارع مزينة بالأشجار والخضرة ومافي أي آثار بيئية جراء تصاعد دخان المصانع.. الجميع يعيش مبتهجاً والمصانع كثيرة جداً أشكال وألوان، والقطن طويل وقصير وأكالا، وشمبات وبركات ونور وعابدين، وإنتاج السودان من السكر تجاوز ما تخطط له الدولة حيث تخطط لإنتاج أكثر من (10) ملايين طن.. والإيثانول قبل ما ننتج نتعاقد مع أوروبا والدول والشركات.. وأصبحنا كل يوم نستقبل رئيس دولة.
المطار لم يكن كما هو الآن في أكثر من (10) مطارات داخل مطار الخرطوم، وعندما تذهب إلى المطار مغادراً يوجهك المسؤول بأن تذهب للمطار رقم (3) مثلاً وهنالك تجد كل شيء تمام.
آه حلمة حلوة جداً تمنيت أن تكون حقيقة بعد أن صحوت من نومي دعوت الله أن تتحقق.. ولكن قبل أن تعيشوا معي تفاصيل هذا الحلم الجميل الذي يحكي روعة السودان.. إنها سادتي كذبة أبريل.. كذبة بيضاء كبياض قلوبكم أعزائي القراء.. ولأنكم من ذوي القلوب البيضاء التي تتمنى الخير للسودان أكيد تمنيتم لو أن هذا الحلم كان حقيقة.
إذن.. لنرفع أيدينا بالدعاء من أجل سودان نامٍ ومتطور ونهتف بصوت عالً ونقول:
همي أشوفك عالي
ومتقدم طوالي
وكل أبريل وأنتم بخير