ولنا رأي

ما حدث في مصر هل كان حلماً من أحلام ألف ليلة وليلة؟!

أكبر مقلب شربه شباب ثورة الخامس والعشرين من يناير 2013، الذين أطاحوا بحكم الرئيس السابق “حسني مبارك، وأكبر مسلسل عاشته منذ ذلك التاريخ، عندما نجحت الثورة وظن الشباب أنهم اقتلعوا نظاماً استبدادياً ديكتاتورياً، جثم على صدرهم ثمانية وثلاثين عاماً ..
إن شباب ثورة يناير المصرية يعضون أصابع الندم بعد أن تأكد إطلاق سراح الرئيس السابق “حسني مبارك”، الذين ثاروا على حكمه ومات الآلاف من الشباب والرجال والنساء والأطفال، نتيجة لهذا التغيير باعتبار أن الديمقراطية التي ستنشأ عقب النظام الذي أطيح به، ستعيد لأهل مصر عزتهم وكرامتهم، ولكن كل الذي حدث تبخر في الهواء. وها هو الرئيس “مبارك” يفرج عنه بعد تبرئته من التهم المنسوبة إليه، ويعود معززاً مكرماً إلى داره، وربما يمنح طائرة خاصة تقله إلى المكان الذي يرغب أن يعيش فيه، الولايات المتحدة أو مع أصدقائه من ملوك وأمراء وحكام عرب.
لقد تابع الناس كثيراً من المحاكمات التي قدم إليها الرئيس “مبارك”، ولم تزل تلك الصورة مرسومة في مخيلة من كان يشاهد تلك المحاكمات، و”مبارك” يحمل على سرير إلى داخل قاعة المحكمة، والرجل لا يقوى على الوقوف على رجليه ولا يستطيع النطق بكلمة واحدة.. وكأنما أجله قد دنا وما هي إلا ساعات يفارق بعدها الحياة، ولكن التمثيلية والسيناريو كانا جيدين والحبكة كانت أجود.. وما أن يغادر المحكمة يمارس حياته الطبيعية في السجن ويمارس نشاطه الرياضي ويستقبل ضيوفه، وكأنما هو نزيل بفندق ست نجوم.
إن الذي جرى ويجري في مصر أمر يحير كل العالم، فالذين كانوا في السجون تنسموا عبير الحرية وتربعوا على عرش الحكم المصري بناءً على صناديق الاقتراع، ولكن ما أن أحس الفلول خطر الإخوان على السيادة المصرية بدأوا في نسج كثير من الروايات والمؤامرات حتى أطاحوا بالحكم الديمقراطي، ليتربع العسكر بقيادة “السيسي” على العرش المصري.. ويبدأ المسلسل من جديد، فمن خرج من السجن يعود إليه مرة أخرى مثل الرئيس “مرسي” الذي لم يعرف فنون الحكم. وليس “مرسي” وحده بل كل إخوان مصر الذين مازالوا يعيشون في القرون الماضية السماحة والطيبة ومحاولة نصرة الضعيف.. فلو كان الإخوان بمن فيهم الرئيس “مرسي” يتعاملون بالخبث والدهاء والمكر، لأصدر قراراً بحل هيئة قيادة الجيش المصري قبل أن يطيح به السيسي.. ولكن خبرة وتجربة الإخوان في مصر كانت ضعيفة، وجاءوا إلى الحكم من السجون، وحتى الذين خارج السجون لم يخططوا تخطيطاً سليماً لما بعد ثورة الخامس والعشرين من يناير. اليوم يفرج عن “مبارك” وغداً يفرج عن “صفوت الشريف” و”حبيب العدلي”، وكل رموز النظام المصري السابق، وربما يعود هؤلاء من جديد لاعتلاء السلطة، إن لم يكن بأشخاصهم ولكن تحت عباءتهم من الفلول الذين نجحوا في خلق أزمة داخل مصر لن تنطفئ نارها أبداً.
إن الإخوان فقدوا السلطة وفقدوا عدداً كبيراً من الشعب المصري، ومثلما فعل بهم “عبد الناصر” سيفعل بهم “السيسي” أكثر إذا ظل في السلطة. إخوان مصر كان بإمكانهم تفويت الفرصة على المتربصين، وكان بإمكانهم فض اعتصام “رابعة” وانتظار ما سيقدره “السيسي” وزمرته، فإن كانت هناك محاولة لانتخابات جديدة يعملون من أجل كسبها وليس ببعيد أن يحصدوها.. ولكن اعتبروا الذي جرى لهم إهانة فلن يتنازلوا قيد أنملة إلى أن يعيدوا الرئيس الشرعي “مرسي” إلى الحكم. ولم يعلموا أن الريموت كنترول يعمل من البعد ويحرك الدمى الموجودة.. وها هي الدمى تعلن عن إطلاق سراح “مبارك”، وكأنما الذي جرى في مصر قبل عام ونيف هو حلم من أحلام ألف ليلة وليلة.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية