شهادتي لله

نظريات أطباء (الامتياز) في مشافي الحكومة!

{ حوالي الساعة (التاسعة) من مساء (الجمعة) الماضي (16/8) دلفت إلى داخلي مستشفى (حكومي) بمدينة (الثورة) بمحلية (كرري)، برفقة فتاة أصيبت في يدها اليمنى جراء انزلاق على الأرض. غرفة الطوارئ جلس حول طاولتها عدد من أطباء وطبيبات (الامتياز) أو هكذا بدوا لي من ملامحهم، وصغر سنهم.
{ تقدمنا ناحية إحداهن، كانت تضع (الروب) فوق بنطال من (الجينز)، وتضع رجلاً على الأخرى. وصفنا لها الحالة.. التقطت ورقة من دفتر الروشتات وكتبت إلى قسم الأشعة لاستخراج صورة (X.Ray). قصدنا معمل الأشعة، فاستقبلنا شاب هادئ ومهذب، يؤدي عمله بهمة ودون ضوضاء.. تسلمنا الصورة بعد (ربع ساعة) فقط.. سألته لحظة تسلمي الصورة: هل من (كسر) أو (شق) أو…؟ رد بذات الهدوء: (لا.. الصورة نظيفة.. ما فيها أي حاجة)!
{ عدنا إلى طاولة (أطباء الأمتياز).. نظروا إلى الصورة.. تبادلوها.. فأفتى أحدهم بأن (هناك كسر)!! لكنه لا يظهر – الآن – في الصورة. وأشار على زميله الآخر بأن يربط يد الفتاة المصابة بـ (جبيرة)!! فقلت له: (الحاصل شنو.. يا دكتور؟). فرد مجتهداً: (البت دي غالباً عندها كسر في اليد.. لكنه لا يظهر إلاّ بعد أسبوعين من ربط الجبيرة.. وعشان كدا حنربطها.. وبعد أسبوعين تجي تعمل صورة تاني)!!
{ ولأنني تعرضت قبل عشر سنوات لكسر في القدم اليمنى والعضد الأيسر، وتجولت حينها بين أطباء العظام، فأنني تعجبتُ من رواية الطبيب الشاب المجتهد، لكنني قصدتُ الصيدلية، وناولتهم قيمة مستحضرات (الجبيرة)، فناولوني كيساً بالمواد من (شاش) وخلافه.
{ ثم عدتُ إلى السادة (الدكاترة)، وجلستُ مع المصابة في انتظار مَنْ يربط (الجبيرة)، لأنهم حددوا طبيباً باسمه هو الذي يستطيع أن يفعل، لكنه مشغول في مكان آخر مع مرضى آخرين!!
{ وجدتها فرصة لإدارة حوار مع دكتورة من المجموعة، يبدو عليها الاعتداد بالنفس، والثقة المفرطة. قلت لها: (الغريبة إنو الأخ فني الأشعة قال مافي كسر..؟!) فردت عليّ بتبجح استثنائي.. وعبارات ممطوطة ومجرورة.. الحرف يجر الحرف.. مسافة كيلو متر.. قائلة: (فني الأشعة؟؟؟).
{ سؤالها الاستنكاري (الممطوط): (فني الأشعة؟!!)، جعلني أقول لها: (دا شغلو.. في اليوم بعمل كم صورة أشعة؟! يعني زمنو دا كلو ما بكون عرف الفرق بين (الكسر) و(الشق) والصورة (النظيفة)؟!) لم تعرني اهتماماً.. وبالتأكيد لم ترد.. وأخذت حقيبتها وخرجت.. فانتهزت غيابهم عن الغرفة.. وسحبت المريضة إلى خارج المستشفى، وأنا أردد: (ديل تعلمجية.. حيبوظوا ليك يدك).
{ في اليوم التالي، قصدنا المستشفى (الصيني)، وأمام اختصاص العظام جلسنا. الدكتور القادم من أقاصي الدنيا، من حيث تأتي كل بضائعنا، وسلعنا، ويذهب بترولنا.. نظر بتمعن إلى صورة الأشعة، ثم قال: (الصورة نظيفة.. مافي كسر)!! ثم حرر روشتة تتكون من (أقراص) و(دهان) للمسح على منطقة الإصابة لمدة خمسة أيام.
{ وانتهى الألم في اليوم الرابع!!
{ سيدي البروف “مأمون حميدة” وزير صحة ولاية الخرطوم: بدلاً من نقل المستشفيات (الكبرى) إلى (صغرى) طرفية، فأرجو أن تجتهد في نقل أطباء (اختصاصيين) و(نواب اختصاصيين) أكفاء للعمل (نهاراً) و(ليلاً) بتلك المستشفيات، والإشراف على هؤلاء الشباب المجتهدين والمجتهدات.. المؤلفين.. والمؤلفات.. (القاطعين العلاج من رؤوسهم) في ظل غياب (كبار) الدكاترة..!! و(كمان معاها فلسفة) من شاكلة سؤال: (فني الأشعة؟!!)
{ وإن من الاجتهاد – يا دكتور – ما قتل..!!

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية