حوارات

نائب الأمين العام للمؤتمر الشعبي "إبراهيم السنوسي" لـ(المجهر) (1-2)

ما أن جمعت الأحداث والقضايا بين الإسلاميين في المؤتمرين الشعبي والوطني، حتى تجددت أشواق القواعد المطالبة بالوحدة. ورغم أن أمر الوحدة يخص الإسلاميين وحدهم كما يرى كثيرون ولا ناقة لبقية الشعب ولا بعير في ما يحدث بينهم على ضوء ما يعيشه بقية الناس من مشاكل اقتصادية واجتماعية يعتقد البعض أنهم سبب فيها، إلا أن وجود الإسلاميين في ساحة الحراك السياسي جعل الإعلام يهتم بعكس ما يدور بينهم، هذا بجانب أن وجود أحد حزبيهما في الحكومة والآخر في المعارضة جعل ما يصدر عنهم ملفتاً للمتحالفين معهم والمعارضين، ربما لحساسية هذه التحالفات.
الأسبوع الفائت انطلقت مسيرة مساندة للإخوان المسلمين في مصر شارك فيها المؤتمران الشعبي والوطني من خلال التنسيق بين عضويتيهما، بل وخاطبها أحد كبار قادة المؤتمر الشعبي، ما دعا الإعلام للحديث عن وجود تقارب ربما يؤدي إلى وحدة على ضوء ما يعيشه الإسلاميون من تحديات على المستوى الإقليمي والدولي.. (المجهر) جلست مع نائب الأمين العام للمؤتمر الشعبي الأستاذ “إبراهيم السنوسي” بوصفه أحد المشاركين في المسيرة والداعين للوحدة، كما قالت الصحف، في حوار تناول قضايا الوحدة وتحقيق هذه الدعوة التي نفاها، وما يدور في مصر إلى جانب قضايا الحزب.. فماذا قال؟

} بداية نود التعرف على تفاصيل تنسيق الإعداد لمسيرة الدعم والمؤازرة للإخوان المسلمين بمصر التي شاركت فيها مع قيادات الحركة الإسلامية والمؤتمر الوطني بقيادة “الزبير أحمد حسن”؟
– أولاً نحن في ولاية الخرطوم كنا قد قررنا إقامة مسيرات لمساندة إخوتنا في مصر، وخلال اجتماعات أجهزتنا أوكلت لي مهمة الاتصال بالإخوان المسلمين في السودان حتى يتم التنسيق معهم، وكان قرارنا أن يخرج الناس من المساجد المختلفة ويلتقوا في مسجد فاروق ليتم التحرك نحو السفارة المصرية.
} ماذا كان رد الإخوان المسلمين؟
– حينما اتصلت بالإخوان المسلمين أخبرني الأخ “جاويش” أنهم نسقوا مع الحركة الإسلامية بقيادة “الزبير”، ويمكننا الاتصال بـ”الزبير” للاتفاق على كيفية التنسيق.
} هل اتصلت بـ”الزبير”؟
– اتصلت بـ”الزبير” ورأينا عدم جدوى الذهاب إلى السفارة المصرية، لأنها يوم الجمعة ستكون مغلقة وفضلنا بدلاً عن ذلك الذهاب إلى ساحة الشهداء، هذا إذا رأينا أن توحدنا يمكن أن يقود إلى عمل يمثل الشعب السوداني.
} من أين جاءت فكرة التنسيق المشترك.. الحزب أم شخصك؟
– أنا قلت لهم لا أوافق على ذلك إلا بعد استشارة الإخوة في المؤتمر الشعبي بولاية الخرطوم، وبالفعل استشرتهم، وعلى رأسهم “حمدون” واجتمعوا ووافقوا على ذلك وأُبلغت، ومن ثم أبلغت “الزبير” واتفقنا على أساس أن يكون لكل طرف شعاراته.
} لكنكم وحدتم المخاطبات؟
– على صعيد المخاطبات اتفقنا أن يكون “الزبير” آخر متحدث وأنا قبله.
} كان ملفتاً أنك دعوت لوحدة الإسلاميين؟
– عندما صعدت إلى المنصة، قلت: (نحن جئنا إلى هذا المكان لوحدة الصف الإسلامي في الداخل والخارج)، ودعوت لتوحيد الصف الإسلامي السوداني كله لمواجهة العلمانية واللا دينية، وهذا في تقديري كان موقفًا إسلامياً عالمياً في قضية لا علاقة لها بالموقف السوداني.
} لكن يبدو أن قناعاتك الشخصية لا تبتعد كثيراً عن الوحدة؟
– في هذا الوقت لم يكن مطروحاً موضوع الوحدة، لذلك استغربت أن تترك الصحافة الموضوع الأساسي، وهو مناصرة الإخوة في مصر، إلى الحديث عن وحدة المؤتمرين الوطني والشعبي، فلابد من توحيد الشعب السوداني كله في مواجهة العلمانية واللا دينية.
} كررت كلمة التوحد ضد العلمانية.. ألم يكن لديكم تحالف مع أحزاب علمانية؟
– علمانيو السودان لم يقوموا بعمل مضاد للإسلام، ولم يفعلوا ما فعله علمانيو مصر.
} لكن العلمانيين في السودان أيدوا ما عددتموه أنتم انقلاباً في مصر؟
– دعيني أكمل حديثي.. العلمانيون في مصر شنّوا حملة إعلامية وجاءوا بالجيش والشرطة، وقالوا لا نريد دولة إسلامية ونحن ضد ذلك، لكن تحالفنا هنا لم يطرح عداءً للدين.
} المواقف لا تتجزأ سواءً أكانت ضد الإسلام في مصر أو السودان لأن المنطلقات واحدة؟
– يا أختي هذا اختلاف حول ما حدث في مصر، وأنت تتحدثين عن القضية السودانية، ونحن عندما جئنا إلى القضية المصرية اختلفت المواقف، وهذا موضوع مختلف ولم تكن هذه هي قضيتنا التي جلسنا من أجلها، ما جلسنا من أجله تمخض عنه اتفاق حول دستور انتقالي، فلا ينبغي أن نخلط بين القضية السودانية والمصرية.
} سودانياً.. ما هي المواقف التي اتخذتموها قبل ذلك؟
– تذكرين ما حدث في اجتماع عُقد خارج السودان حين كان هناك حديث حول موافقة المؤتمر الشعبي على خيار العلمانية، كان ردنا إذا كان هناك كلام في (التحالف) عن العلمانية وقرروا هذا بالفعل نحن سنكون خارج هذه المنظومة، لذلك شطبوه وقالوا نبقي على تحالفنا مع الشعبي ونكتفي بالصيغة الأولى وهي دستور انتقالي ديمقراطي، ولن نتحدث عن الهوية.. نحن لا نساوم أصلاً في موضوع العلمانية.
} هل أنت موافق على خيار الدولة العلمانية الذي دافع عنه بعضكم؟
– الدولة المدنية هي العلمانية نفسها، بالنسبة لنا هذه الأمور لا مساومة البتة فيها، وقبل ذلك كان حديثي واضحاً، لن يبقى المؤتمر الشعبي في أي كيان يدعو إلى العلمانية أو اللا دينية.
} ألا تخشى أن يؤثر حديثك حول العلمانية على علاقتكم بالتحالف؟
– هذا ليس تحالف تلطف، وإنما تحالف للتوافق على أفكار، والبرنامج هو إسقاط النظام، أما الفكر فهو حر.. هم الآن تحدثوا عن مساندتهم للانقلاب، ونحن لم نسألهم فليكن هذا الموقف خاصاً بمصر، وهذه وجهة نظرهم.. الآن دول الاتحاد الأوروبي لكل دولة وجهة نظرها، التحالف لا يعني انصهار جسم في جسم آخر أو التوافق الكلي.
} موضوع الحكم الإسلامي كان سبباً في نشوب اختلاف بينكم قبل ذلك.. أليس كذلك؟
– هناك مشتركات، ما يجمعنا معهم الدستور الانتقالي الذي أمنا فيه على حقوق المواطنة (الحرية، الديمقراطية، العدل والتنمية في المناطق المأزومة)، وتركنا الحديث عن الهوية سواء أكانت إسلامية أو علمانية، وحينما يسقط النظام كل يدعو إلى ما يريد والشعب هو من يختار.
} هم غير موافقين على الحكم الإسلامي؟
– قلت لك، تركنا الخلاف حول هذه المسألة (لا هم يقولوا عايزين علمانية ولا نحن نقول عايزين إسلامية)، واتفقنا على وجود دستور انتقالي حتى يسقط النظام، وبعد ذلك كل منا يدعو إلى ما يريد والشعب يختار ما يريد.
} هذا لا ينفي وجود تيارين في الشعبي أحدهما مساند لرأي التحالف وآخر له رأي في ذلك؟
– هذا ليس صحيحاً، لا توجد تعارضات، هناك اتفاق حول ما يطرح من قضايا، وقرارنا في الهيئة القيادية هو إسقاط النظام والعمل مع التحالف والقيادات والأجهزة ملزمة به.
} ملزمة لكن ليس بالضرورة أن تكون موافقة؟
– وما هو الإلزام؟ يعني لا يمكن أن تكون ملزماً ومخالفاً.. نحن حركة منظمة، وهذا يعني أن هناك استقامة في الرأي والمواقف، وإذا لم نكن كذلك، فهذا الأمر يصبح ليس من خصائص الحركة الإسلامية التي انتظمنا فيها.
} أقام المؤتمر الشعبي مؤتمراً صحفياً عدّ فيه حديثك عن وحدة الإسلاميين بمثابة موقف شخصي يخصك وحدك؟
– لا أريد أن أعلق على كلام لم أسمعه.. أنا لست في موضع للحديث عن موقف شخصي، أنا نائب الأمين العام في الحركة الإسلامية، وأعرف أسرارها ومواقفها، وحيثما سرت أعبر عن رأي الحركة والحزب.
} مؤخراً يعتقد الناس أن “السنوسي” أصبح بعيداً عن ما يدور في الحزب؟
– أنا بطبيعتي لا أحب التحدث للإعلام كثيراً إلا عندما تكون هناك قضية تتطلب ذلك، عدا ذلك أنا لست من النوع الذي يتحدث للصحافة كل يوم.
} بعض الناس عزوا بعدك إلى وجود شخصيات استطاعت أن تكون أقرب إلى “الترابي” من شخصك مثل الأستاذ “كمال عمر”؟
هذا موضوع لا أريد أن أخوض فيه.. أنا علاقتي بـ”الترابي” منذ 1954م وأعرف الحركة وأسرارها وما فيها، و”كمال عمر” هو الأمين السياسي يتحدث عن القضايا السياسية التي تخص التحالف، وليكن، أنا ليس لديّ تحفظ على موقعه، لكني حينما أتحدث لا أتحدث من منطلق شخصي أصلاً، وإنما أتحدث من منطلق ممارستي للعمل بالحزب والحركة الإسلامية لأكثر من (60) عاماً.
} قلت لاحقاً أنك لم تخاطب “البشير” لتوحيد الشعبي والوطني ما دعا الناس إلى الحديث عن ضغوط مورست عليك من قبل الحزب؟
– أنا بطبيعتي لا أستجيب لأي ضغوط، وسيرتي معروفة، لكن هناك فرق بين الضغوط وعرض رأي من شخص أو حكمة، فالحكمة ضالة المؤمن، أنا أجدها أحياناً حتى من صغار السن، ولا أرفض حكمة من أية جهة.. علاقتي واسعة وليست لديّ غضاضة في أن أستمع إلى أي رأي، لكن هناك فرق بين السماع إلى الرأي والضغوط.
} قيل أنه تربطك علاقة بـ”البشير”.. ما حدود هذه العلاقة؟
– أولاً أنفي أنني خاطبت “البشير” لوحدة الإسلاميين خلال حديثي في المنصة، حيث لم يرد في حديثي اسم “البشير”.. صحيح العلاقة بيني وبينه نشأت قبل قيام نظام الإنقاذ عام 1980م حينما كان لا يعرفه أحد، ومن تلك العلاقة القديمة الآن تستمر العلاقة معه، يحترمني وأحترمه، لكن هذا لم يمنعني من توجيه انتقاد لتصرفات وسياسات الحكومة والنظام، ولم تمنعني علاقتي الشخصية معه من الانتقاد والمطالبة بالحرية والعدل.. لا حدود لي في قول الحق.
} هل بينكم لقاءات؟
– كانت هناك لقاءات وتوقفت.
} منذ متى؟
– قلت توقفت لكن حتى اللقاءات العابرة لا تخلو من المداعبة التي لا تتم مع الآخرين. وأذكر في وفاة وتشييع الأخ “يس عمر” (رفع الفاتحة لي ولشيخ “حسن”، وتسالمنا)، الأمر الذي لم يحدث مع “علي عثمان”، وعلاقتنا تقوم على الاحترام المتبادل وليس السكوت عن الحق، والساكت عن الحق شيطان أخرس.
} فهمت أن علاقتك بـ”البشير” أفضل من علاقتك بـ”علي عثمان”؟
– مؤكد.
} إلى ماذا تعزو ذلك؟
– هو شخصية انفتاحية، ومع أن العلاقة التنظيمية كانت أقوى وأسبق مع “علي عثمان” لكن يبدو أن طبيعته تختلف عن طبيعة “البشير”.
} عندما تقابلتم في تشييع “يس عمر الإمام” هل صافحتم “علي عثمان”؟
– لم يسلم علينا أو (يرفع الفاتحة)، وأنا قلت تصرف “البشير” كان إسلامياً سودانياً وطنياً، وتصرف “علي” كان غير مقبول.
} “عبد الرحيم علي” قال إنه لا يستبعد أن تقود التحديات إلى وحدة الإسلاميين في السودان؟
– هذا تنبؤه وقراءته، أما أنا فلا أرى أمكانية للوحدة حالياً طالما كان هذا هو موقف النظام.. نحن اختلفنا حول قيم هي الحرية والشورى والنزاهة والعفة في اليد.. وما يزال الاختلاف قائماً طالما هذه الزمرة مستمرة في سلوكها.
} قيل إن الرئيس “البشير” مصرّ على إشراك الشعبي في التشكيل الوزاري القادم؟
– بالشروط التي قلتها، إلا من خرج من الشعبي، وأنا لا أجيب عن شيء لم أسمع به ولم يصل إلينا.
} احتمال وصل للتنظيم؟
– كيف يصل التنظيم وأنا نائب الأمين العام؟!

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية