هل يفعلها حكامنا كما فعلها أمير قطر؟!
في خطوة لم يسبق لها مثيل في الوطن العربي تنازل أمير قطر “حمد بن خليفة” طوعاً واختياراً لولي عهده ابنه “تميم بن حمد بن خليفة “عن رئاسة حكم قطر دون أن تذكر أي أسباب لهذا التنازل عن العرش، ونحن نعلم أن السلطة في فتنة وليس من السهل التنازل عنها إلا بالمرض الذي لا يستطيع الحاكم بسببه قيادة الدولة، أو بالوفاة وهي سنة الأولين والآخرين، أو بالثورة كما حدث لحكام تونس ومصر وليبيا، ولكن بدون تلك الأسباب لا أحد تولى السلطة أو الملك تنازل عنها طوعاً واختياراً إلا أمير قطر المفدى “حمد بن خليفة” وهذه سوف يسجلها التاريخ له كما سجلها من قبل للمشير “عبد الرحمن حسن سوار الذهب” الذي تولى حكم السودان عقب انتفاضة شعبية أطاحت بحكم الرئيس الأسبق “جعفر نميري”، والمشير “سوار الذهب” كان زاهداً في السلطة ولولا الضغوط التي مورست عليه ما أظنه كان قد قبل بها، وحتى بعد توليه السلطة صام ثلاثة أيام لأنه كان يعتقد أنه بايع “نميري” ولا يمكن أن ينكص عن تلك البيعة، ولذلك قبل بتولي رئاسة الحكم في أبريل 1985. أما أمير قطر فقد تنازل عن الحكم وهو في كامل قواه العقلية والبدنية، أمير قطر من الحكام النادرين الذين مروا على المنطقة العربية يمتاز بالبساطة والسماحة والعفة ورجاحة العقل، حدثني نسيبي رحمة الله عليه “حسن أحمد بن إدريس” الذي كان يعمل مستشاراً اقتصادياً للأمير “حمد” قال لي إن الأمير “حمد” من أطيب الأشخاص الذين عرفهم، فكان لا يعامله معاملة أمير لمستشار يعمل معه بل كان يعامله معاملة أخ لأخيه، كان يقول لي عندما تكون هناك مسألة تتطلب الذهاب إليه، عندما تفرغ من الأخذ مع الأمير يخرج الأمير “حمد” حافي القدمين لوداعه.. وقال لي أقول له يا سعادة الأمير أرجع أنت حافٍ يقول لي يا شيخ “حسن” نحن شنو نحن ما بدو، منتهى الصدق والبساطة والزهد في هذه الدنيا.. لذا فإن تنازل الأمير “حمد” عن عرش قطر لابنه “تميم” نابع من كل الزهد الذي جعله يمشي حافي القدمين لوداع سوداني زاره في داره.
إن ما قام به أمير قطر ينبغي أن تكون صحوة ضمير لحكامنا في الوطن العربي والإسلامي، لابد من إفساح المجال للشباب طوعاً قبل أن تهب العاصفة منهم ويأخذونها غصباً، لقد سئم الشباب من (كنكشة) الكبار على السلطة الذين تجاوزوا السبعين عاماً وما زالوا يطالبون بالمزيد، ما زالوا يتناولون العقاقير الطبية وينومون على الكراسي نهاراً ويرغبون في الحكم، حقيقة السلطة مرض ومن ذاق حلاوتها لن يتخلى عنها ولو مات نصف الشعب طالما الصفافير مدورة والأبهة والعظمة وأهل المصالح يزينون له أنه الرئيس والقائد الملهم فلن يدع السلطة بسهولة، ولكن نقول يجب على حكامنا أن يتنازلوا طواعية من أجل مصلحتهم ليسجل لهم التاريخ هذا الصنيع ..
ثانياً لابد من إعطاء الشباب الفرصة لإدارة الدولة في الوطن العربي والأفريقي، الآن أمير قطر “تميم” لم يتجاوز الثانية والثلاثين من عمره بينما شبابنا ما زالوا في انتظار تعيينات الوالي ولجنة الخدمة والاختيار، له زوجتان وأربعة أبناء، وأولادنا ما زالوا يقودون الركشة والأمجادات وهم حملة الشهادات الجامعية والكبار “مكنكشين” في السلطة.